الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 22:02

انفلوانزا الفساد بين الضجة والعتاب- بقلم: الشيخ محمد سالم عكا

كل العرب
نُشر: 11/01/10 07:57,  حُتلن: 08:00

* لا بد من ترسيخ عقيدة التوحيد في قلوب الناس وأن الله وحده هو الرزاق

* إذا قمنا بحساب متوسط الفساد في دول العالم العربي نجد أن درجة العالم العربي هي 2.8 من 10

* على القائمين على الإعلام وخاصة الإعلام العربي أن يقوموا بتوعية الناس وتذكيرهم بالله عز وجل وأنهم سيقفون أمامه يوم القيامة فيسألهم عن أموالهم من أين اكتسبوها وفيم أنفقوها

هالني وأفزعني حين قرأت تقرير الشفافية العالمي لعام 2009 والصادر عن منظمة الشفافية الدولية لوصف حالة دول العالم المختلفة من حيث درجة الشفافية والنزاهة في التعاملات المالية والإدارية ، وقد شمل التقرير مائة وتسع وسبعون دولة منها تسع وأربعون دولة عربية .
وقد حزنت كثيراً عندما رأيت في مقدمة هذا التقرير كلاً من الدانمارك ونيوزلندا والسويد والعديد من الدول الأوروبية الأخرى ، لكن الفاجعة الكبرى التي صدمتني هي ترتيب الدول العربية حيث جاءت قطر في المركز الثالث والثلاثين وتبعتها الإمارات في المركز السابع والثلاثين ، وفي ذيل التقرير جاءت مصر في المركز الحادي عشر بعد المائة ، وتبعتها اليمن والعراق والسودان والصومال .
وبحسب هذا التقرير إذا قمنا بحساب متوسط الفساد في دول العالم العربي نجد أن درجة العالم العربي هي 2.8 من 10 ، مما يعني أن كل دول العالم العربي قد رسبت بجدارة في هذا التقرير ، ومما يعني أيضاً أن أكثر من سبعين بالمائة من التعاملات التي تتم داخل العالم العربي هي تعاملات فاسدة لا علاقة لها بالدين الإسلامي .
وقلت في نفسي : مع تلك الضجة الهائلة حول خطر فيروس انفلوانزا الخنازير هل أصاب العالم العربي مرض أخطر منه وهو مرض انفلوانزا الفساد ؟ وهل وصل هذا المرض إلى أشد درجاته أم أن الأيام تخفي لنا المزيد من عمليات الفساد الإداري ومن المفسدين ؟
لا شك أنه لا يكاد يخلو مجتمع من المجتمعات من الفساد ، لكن الحزن يزداد عندما نجد أن ثلث الفساد المالي في العالم، وأن نصفه في العالم العربي.
كيف يكون ذلك وقد كنا - كما وصفنا ربنا سبحانه وتعالى - خير أمة أخرجت للناس نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونؤمن بالله.
كيف يكون ذلك وقد بُعث نبينا صلى الله عليه وسلم ليتمم مكارم الأخلاق .
كيف يكون ذلك وقد كان الفساد المالي من أول المظاهر السلبية التي عالجها الإسلام حين نهى عن الغش والاستغلال والسرقة والرشوة والربا وغير ذلك من المعاملات الفاسدة.

من المسئول ؟
لا شك أن المسئولية الكبرى تقع على عاتق الحكام والحكومات ، فهم مسئولون أمام الله عز وجل عن كل مظاهر الفساد الإداري في المؤسسات ، وعليهم أن يضربوا بيد من حديد على كل من تُسوِّل له نفسه أن يقوم باختلاس الأموال العامة أو أخذ الرشوة مقابل القيام بعمل ما .
وقفة إيجابية للحد من الفساد الإداري الظاهر في جميع المؤسسات والهيئات في المجتمع العربي ، وكذلك على القائمين على الإعلام وخاصة الإعلام العربي أن يقوموا بتوعية الناس وتذكيرهم بالله عز وجل وأنهم سيقفون أمامه يوم القيامة فيسألهم عن أموالهم من أين اكتسبوها وفيم أنفقوها .

كيف السبيل؟
لا بد من ترسيخ عقيدة التوحيد في قلوب الناس وأن الله وحده هو الرزاق ، قال تعالى:  وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ  [هود: 6]
وكذلك فإن حسن التوكل على الله و تفويض الأمر إليه سبحانه وتعالى من أعظم الأسباب التي تقضى بها الحاجات و يندفع بها المكروه ، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا" [ صحيح الترمذي: 1911] .
وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إن روح القدس نفث في رُوعي أن نفسًا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب، ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله، فإن الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته"[ صحيح الجامع للألباني ج1 حديث 2085].
لا بد لنا أن نعود وأن نرجع إلى كتاب ربنا عز وجل وإلى سنة نبينا صلى الله عليه وسلم ففيهما العصمة والنجاة ، وحتى نكون بحق خير أمة أخرجت للناس .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

مقالات متعلقة