الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 12:02

الصراع على بطريركية القدس يتأجج

تراشق الادعاءات لم يحل القضية العالقة حول بيع املاك الطائفة في القدس المحتلة


بعد اكثر من عام على خلعه، اكد بطريرك القدس السابق ايرينيوس الاول انه يرى بنفسه البطريرك الشرعي للقدس، وان الاطاحة به تمت عبر " انقلاب" بشكل غير ديموقراطي من خلال انتخابات غير شرعية.
ولفت ايرينيوس خلال مؤتمر صحافي عقده السبت في الناصرة انه هو البطريرك الشرعي للقدس، بموجب دستور الكنيسة ورغم اعتراف السلطة الوطنية والاردن بالبطريرك الجديد ثيوفلوس، واضاف: "الايام ستكشف من هو البطريرك".
وزعم ايرينيوس في المؤتمر انه لم يشـارك في صفقات مريبة سربت عقارات واراضي البطريركية الى جهات اسرائيلية واضـاف: "الكثير مما نشر ليس سوى اكاذيب وفقاعات صابون، وانا مستعد للمحاكمة في حال ارتكابي اخطاء، وقدمت براهين ضـدي وان كانت هناك مشاكل قد حدثت داخل البطريركية فيتوجب معاقبة من تورط بها".
وقال البطريرك المخلوع ايرينيوس انه قدم للناصرة للقاء ابناء رعيته بشعور الاب العائد الى احضان اسرته وقلبه مغمور بالفرح وكشف انه وقع في الناصرة اتفاقية مع مجلس الطائفة الارثوذوكسية في المدينة بموجبها خصصت قطعة ارض بمساحة 15 دونما لرفاهية ابناء الرعية - بناء كنيسة ومدرسة.
وردا على سؤال"العرب" حول توقيت الزيارة وحول عدم تخصيصه الارض المذكورة في فترة رئاسته للبطريركية قال ايرينيوس انه خطط سلسلة مشاريع لصالح ابناء رعيته لكن اعمالا " غير مقدسة"، على حد تعبيره، عصفت بالبطريركية نفذتها عناصر سياسية من خارج الكنيسة جمدت مخططاته.
وشدد ايرينيوس ان لا هدف له في توقيع الاتفاقية المذكورة الا خدمة الرعية، والقيام بواجبه تجاهها، ودعا وسائل الاعلام الى انصافه والسعي الى الكشف عن الحقائق على ارض الواقع، منوها الى عدم الاكتفاء بما يرد على شاشة التلفاز.
وحمل ايرينيوس على البطريرك الجديد ثيوفولوس ومساعديه وقال انهم لا يخدمون مصالح الرعية والكنيسة واضاف: "سوية سنحارب من اجل ذلك ومن اجل ابعاد اؤلئك المجرمين".
لست ولدا ولا مجنونا
واتهم البطريرك السابق خليفته ثيوفلوس الثالث بالتهرب من وعوده بالتوجه الى المحاكم لابطال صفقات بيع العقارات والاراضي لجهات اسرائيلية، ابرزها عقارات باب الخليل في القدس المحتلة، لافتا الى انه قدم بنفسه دعوى لابطالها في المحكمة المركزية في القدس والتي سينظر فيها في الثامن والعشرين من ايلول المقبل. والمح ايرنيوس الى ان الصفقة المذكورة وغيرها من الصفقات التي تمت في عهده قد جاءت نتيجة التغرير به وتزوير الوثائق، نافيا ان يكون له اي ضلع فيها واضاف: "انا لست مجنونا او ولدا صغيرا كي اعطي وكالة لتوقيع صفقات باسمي بدون توقيع مباشر مني وبدون قرار المجمع المقدس"!
يشار الى ان صفقات بيع وتأجير عقارات للبطريركية قد تمت بشكل مريب في السنوات الاخيرة منها في عهد ايرينيوس ابرزها قطعة ارض بمساحة 17 دونما في باب الخليل كانت قد بيعت عام 2000 الى شركة اسرائيلية وادى الكشف عنها الى ضجة كبيرة محليا ودوليا كانت هي بداية تدحرج التطورات التي افضت للاطاحة بايرينيوس من كرسي البطريركية.
وكان المحامي جواد بولس الذي شارك سوية مع نجيب رزق وعدي بجالي في المؤتمر الصحافي قد شرح ما تعرضت له البطريركية في السنوات الاخيرة، وأشار الى انه سبق وكان ناشطا ضد البطريرك المخلوع ايرينيوس وانه شارك في مظاهرات ضده الى ان اكتشف الحقيقة فغير موقفه. واضاف: "وقع ايرينيوس ضحية تضليل وما نشر في صحيفة "معاريف" حول صفقة باب الخليل في 18.03.05 كان مصيدة استهدفت عرضه خائنا ومؤامرة استهدفت تمرير صفقة باب الخليل من خلال الاطاحة به واستبداله بمن هو " نظيف".
واوضح بولس انه يشارك ليس كمحامي دفاع، بل بصفته الشخصية كمن يهمه امر البطريركية، باعتبارها قضية دينية اجتماعية ووطنية هامة. ونوه بولس في شرح مستفيض الى عمليات التغرير والتضليل التي تعرض لها ايرينيوس والى عدم وفاء البطريرك ثيوفولوس بوعوده بالتحرك القضائي من اجل ابطال صفقات بيع وتأجبر لجهات " غير مرغوب بها"، واضاف: "زعم ثيوفولوس انه ليس بوسعه التوجه للمحاكم الاسرائيلية لابطال الصفقات المذكورة بحجة ان اسرائيل لم تعترف به بعد، ولكن هذا زعم باطل لان البطريرك ذاته توجه للمحاكم نفسها في قضايا اخرى ومنها رفعه دعوى قضائية لالغاء تأجير بيت في القدس الغربية لاهل الناصرة رغم الخدمة الكبيرة التي يقدمها للطلبة الجامعيين من المدينة".
وشدد بولس على اهمية تخصيص ايرينيوس لقطعة الارض في قصر المطران لصالح اهل الناصرة معتبرا اياها خطوة غير مسبوقة وهامة في تاريخ علاقة البطريركية مع الرعية واضاف" لن تنهي هذه الخطوة التجاذبات التي سادت علاقات الرعية مع الكنيسة ولكنها بداية مشجعة جدا ونوع من تصحيح مسار معوج ففي نهاية المطاف الكنيسة ليست حجارة ومراكز انما رعية وعلاقات سليمة مع القيادة الروحية."
وردا على سؤال حول مدى جدوى مثل هذه المبادرة في ظل الصراع الدائر على كرسي البطريركية قال بولس انها خطوة قانونية وشرعية واخلاقية على الاقل واضاف: " لم يكن ايرينيوس اساسا في الاشكاليات بين الرعية وبين الكنيسة في السنوات السابقة وعندما حانت الفرصة ساهم في انهائها وهو بالنسبة لنا هو البطريرك وتوقيعه هو الملزم علما ان اهمية الموضوع تتجاوز الناحية القانونية."
وشدد المحامي جواد بولس على انه واكب قضية البطريركية وحاول جسر الهوة بين اقطاب الخلاف معتبرا نفسه فاعل خير واضاف: " نحن مع مصلحة الرعية ونعمل بموجب المثل الشعبي "من يأخذ امي هو عمي" ولن ادافع عن هذا وذاك واذا اتضح بالدليل ان ايرينيوس تجاوز القانون وعمل ضد صالح ابناء الطائفة والكنيسة فانا اول المتصدين له".
واستذكر بولس تقرير لجنة التحقيق الفلسطينية العام الماضي والذي برأ ايرينيوس من خيانة الكنيسة واملاكها ونوه الى تهرب البطريرك ثيوفلوس من واجب التوجه للمحاكم لابطال صفقات تم فيها تسريب عقارات الكنيسة واضاف" لكم ان تقرأوا ايضا ما ورد في صحيفة القدس التي اظهرت هي الاخرى تهرب ثيوفلوس من الاسئلة حول وعوده وخطواته."
ودعا بولس كل من يحب الوئام والسلام من ابناء الرعية الى مباركة الاتفاق الموقع بين مجلس الطائفة في الناصرة وايرينيوس الخاص بتخصيص 15 دونما من ارض قصر المطران في الناصرة واضاف: " لا مكان للتساؤل حول هذا الاتفاق، مكانه وزمانه انما يجب مباركته كبداية طبيعية وسابقة تستحق ان تكرس كانجاز سيما وانه نوع من الاستحقاق بعدما كان ايرينيوس قد سبق ووعد به وها هو ينفذه رغم كونه مجازفة جريئة من قبله اليوم".
واوضح بولس انه لا علاقة للاتفاق المذكور بالاتفاقية الكبيرة بين البطريركية وبين شركة قصر المطران فهي منتهية وباتت مقبولة على كل ابناء الرعية.
وكان نجيب رزق رئيس مجلس الطائفة في الناصرة قد تعرض للبطريرك ثيوفلوس معتبرا اياه مجرد مطران واضاف" هو غير منتخب والاطاحة بايرينيوس غير مقبولة علينا وسنسانده في مساعيه لابطال تسريب العقارات لجهات غريبة واضاف" لا احد اليوم ينطق بلسان كل ابناء طائفة الروم. في الثامن والعشرين من ايلول المقبل ستنظر المحكمة المركزية في القدس بدعوى ايرينيوس لابطال صفقة باب الخليل ونحن لا نزال ننتظر وعود ثيوفلوس.
"زيــارة استفزازية"
وعقبت بطريركية الروم على هجوم ايرينيوس ببيان لفتت فيه الى من وصفته بـ" البطريرك المعزول والراهب المحروم لا يمثلها ولا يتحدث باسمها. وفي اشارة لاتفاقيته مع مجلس طائفة الروم في الناصرة اكد البيان عدم شرعية أي نشاط يقوم به واضاف: "ان زيارة ايرينيوس الاستفزازية للناصرة هي محاولة بائسة لضرب وحدة الطائفة وبالتالي فاننا نصف زيارته بالخطيرة والمستنكرة ومن كانوا في استقباله لا يمثلون الا انفسهم والطائفة الارثوذوكسية في الناصرة براء منهم". وردا على الزعم بان ثيوفلوس وخلافا لوعوده لم يتخذ خطوات عملية حتى الآن لالغاء صفقات لتسريب املاك الكنيسة لجهات اسرائيلية اكتفى البيان بالقول انه منذ توليه تصرف غبطته بشفافية ومسؤولية حفاظا على املاك البطريركية ومكانتها.
وجاء في البيان ان فاقد الشيء لا يعطيه، وان ايرينيوس لا يحمل صفة البطريرك حتى وان ادعى ذلك زورا واضاف: " تعترف كافة المراجع الدينية في العالم بان رئيس كنيستنا هو البطريرك ثيوفلوس الثالث وهو البطريرك الشرعي والقانوني للقدس المعترف به عالميا ومحليا"، على حد قول البيان.

مقالات متعلقة