الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 10:02

دم الشهداء لا ثمن له بقلم: رامي شوبكا

كل العرب
نُشر: 25/10/09 19:23,  حُتلن: 07:24

لو قدّر الله لي أن أقف أمام جموع الأمة الاسلامية من شرقها إلى غربها خطيبا ً ،، وما أنا بالخطيب المفوه ولا غير المفوّه ،، لأسألهم سؤالا ً واحداً تجيبني عنه ضمائرهم الحية قبل ألسنتهم : كم يساوي دم الشهيد ؟؟ ...

أعتقد أنني لن أجانب الصواب إذا ما قلت أن ّ صمتهم الصارخة سيدوي في أرجاء الدنيا : لا !!ـ

فما بالنا إذن نبيع دم شهدائنا بأبخس الأثمان وأرخصها ؟؟!!! .. شواقل معدودة يا للأسف !!

إن صفقة ذوي الشهداء مع دولة الظلم وصمة عار ووشم ذل في جبين الأمة إلى قيام الساعة!!

يعجبني ما كتبته الأديبة أحلام مستغانمي في مطلع كتابها الجديد عن ندرة الرجال في هذا الزمان !!.. تقول : إن الشهامة والفروسية والأنفة وبهاء الوقار ونبل الخلق وإغراء التقوى ،، والنخوة والإخلاص والترفع عن الاذى ،، تلك خصال لعمري ليست للبيع ،، بل إن مجرد سردها هنا يدفع إلى الإبتسام ويشعرنا بفداحة خسارتنا وضألة ما في حوزتنا !!...

أين اختفى الرجال ؟؟ الكل يسأل !!...

لماذا نقبض ثمن الدم الزكي بدلا ً من ملاحقة القتلة السفلة في عقر دارهم ؟؟؟

وكيف يستسيغ ضمير حي ٌ ان يستمتع ويتمتع بثمن شهادة فلذة كبده ؟؟

وعن أي كفاح ونضال وملاحقة القتلى ومتابعة القضية يتحدث أولئك بعد أن قبضوا الثمن ؟؟

إن قلمي يبكي ،، بل يتفجر اللهيب بداخله حمماً ،، غضبا ً وقهرا ً وحسرة وأسى وأسفا ً !!

جاء في تفسير قوله تعالى عما ورد في التوارة :" وكتبنا عليهم فيها أن ّ النفس بالنفس ......"

أن عندهم في نص التوراة : أن النفس بالنفس . وهم يخالفون ذلك عمدا وعنادا ، ويقيدون النضري من القرظي ، ولا يقيدون القرظي من النضري ،، بل يعدلون إلى الدية !!!...

وها هم يقتلون ويعمدون إلى الدية وهي أسهل ما يكون عندهم !!!

أقتلك وأدفع ثمنك وأضمن صمتك !!!

ونحن نقبض الثمن فرحين ،، لنركب السيارة الحديثة أخر موديل ،، ونبني القصور الفخمة ،، ونشبك في جوانبنا جوالات من أحدث الماركات ،، ونرش اجمل العطور وأغلاها ،، ونصول ونجول ونعربد في الأرض يأثمان دماء الشهداء !!!...

رحم الله المتنبي يوم أن قال :

وإذا كاننت النفوس كبارا ً ـــ تعبت في مرادها الاجسام ُ !!ـ

ورحم الله نزار قباني إذ يقول :

 سقطت للمرة الخمسين عذريتنا

دون أن نهتز او نصرخ ...

أو يرعبنا مرأى الدماء ...

ودخلنا في زمن الهرولة

ووقفنا بالطوابير ،، كأغنام أمام المقصلة !!

وركعنا ولهثنا !!!..

***

بحثت طويلا ً عن المتنبي

فلم أر من عزة النفس إلا الغبار

بحثت عن الكبرياء طويلا ً

ولكنني لم أشاهد في عصر المماليك

إلا الصغار ... الصغار !!

يا أيتها الزهور المتفتحة ،، والورود الفواحة اليانعة الغضة : لن يضرك ما أحدث القوم من بعدك ،، فأرواحك في حواصل طير خضر معلقة في الجنة تسرح وتمرح وتنعم !!!

رحم الله الفاروق عمر الذي قتل سبعة من اهل اليمن لأنهم قتلوا مؤمنا ً واحدا ً ،، ثم قال جملته الشهيرة : والله لو تمالأ عليه أهل صنعاء جميعا ً لقتلتهم فيه !! ...

أعيدوا حساباتكم يا مـَن غسلوا عقولكم وعبثوا بمشاعركم وأقنعوكم وأغروكم بالمال ثمنا ً لدماء لا يمن لها !!!... وإن كان لا بد ّ من كلمة أخيرة ،، فكل الإجلال والإكبار والتقدير والاحترام لأولئك الذين رفضوا رفضا ً قاطعا ً المساومة على قطرة دم واحدة من دماء أبنائهم الزكية !! ...

حسبنا الله ونعم َ الوكيل !!!

مقالات متعلقة