الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 00:02

حتى يبقى الأقصى مشروع تحرر أوسع وأشمل- بقلم: النائب مسعود غنايم

كل العرب
نُشر: 08/10/09 17:12,  حُتلن: 14:53


* الأقصى هنا هو رمز للشخصية العربية والإسلامية، والدفاع عن هويته الحقيقية هو خط دفاع أول عن هوية الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية

* علينا التمسك بحقنا كمسلمين وعرب في الحفاظ على مقدساتنا ممثلة بالمسجد الأقصى، وممارسة أبسط حقوق الإنسان وهو حق العبادة وحق المحافظة عليه والدفاع عنه ضد أي محاولة لتهويده أو تقسيمه

إن أهمية المسجد الأقصى كموقع ديني ورمز سياسي وثقافي نابعة من كون الصراع عليه وحوله يمثل حقيقة الصراع الإسرائيلي العربي والفلسطيني، وهو الصراع على الهوية والمكان والإنسان، والأقصى هنا هو رمز للشخصية العربية والإسلامية، والدفاع عن هويته الحقيقية هو خط دفاع أول عن هوية الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية.
في نفس الوقت كشفت كل الأزمات حول المسجد الأقصى عن وجه المجتمع اليهودي وعن طبيعة النظام في الدولة، وهي الطبيعة العسكرية الأمنية المتقوقعة في الذات اليهودية والتي ترفض التعامل مع المسألة بعين مدنية ديمقراطية، وتأبى إلا النظر من خلف منظار المدفع الرشاش. لذلك في كل المواجهات التلفزيونية مع ممثلي الأحزاب اليهودية والحكومة الإسرائيلية ضربوا عرض الحائط مصطلحات "حرية الرأي" و"حرية العبادة" و"مبادئ حقوق الإنسان" في المشكلة الحاصلة للأقصى، وتعاملوا فقط بمصطلحات أمنية عسكرية تميز مجتمعا يعيش عقلية المحتل المُستعلي سيد الأرض.
هذه الأحزاب والتيارات وبالذات القومية اليهودية منها تأبى الخروج من دائرة الخاص إلى العام، بمعنى أنها لا ترى مجمل الظروف التي أدت إلى الأزمة الحالية، ومتمسكة باتهامنا كعرب ومسلمين وخاصة القيادات، بأننا اخترنا الآن المواجهة والتحريض وافتعال أزمة غير موجودة أثناء الأعياد اليهودية، وبنظرهم كل شيخ هو مُحرّض وكل قيادي عربي وعضو كنيست هو خائن للدولة ومتعاون مع أعدائها ويريد التحريض وإشعال مواجهات دموية.
هكذا يعتقد على الأقل ممثلو أحزاب كإسرائيل بيتنا والاتحاد القومي وغيرهم من الأحزاب الصهيونية. وأحدهم وهو دافيد روتم رئيس لجنة القانون والدستور في الكنيست الذي تجرأ وانتقد القانون الإسرائيلي نفسه، وعبّر عن عدم ثقته به عندما وُضع في الزاوية في إحدى مواجهاتي معه عندما قلت له في معرض ردي على قضية اعتقال الشيخ رائد صلاح أن قاضيا في إسرائيل لم يجد من الحجج والدلائل في القانون الإسرائيلي ما يمكنه من تمديد اعتقال الشيخ رائد صلاح، فأين كل الإدعاءات التي قلتها حول تصريحات الشيخ صلاح والتي تدعو إلى تدمير دولة إسرائيل والقضاء على اليهود كما تدعي ؟.
إن أصحاب هذا الخطاب المشبع بعقلية "شعب الله المختار" والتصدق علينا بإقامة الصلوات أثناء رمضان، خطاب (ناكري الجميل) الذي أراد أن يقوله قائد شرطة القدس، هذا الخطاب يجب أن يُواجه بخطاب يعتمد، إضافة لدائرة ما يجري في الأقصى خاصة، بدائرة أوسع وهي ما يجري في القدس الشرقية من مشاريع تهويد واستيطان، ودائرة أوسع وهي ما يجري في إسرائيل من تنامي للروح العنصرية ضد كل ما هو عربي، وكذلك ما يجري على صعيد انسداد الأفق أمام عملية سلام حقيقية وعادلة في ظل حكومة لا تريد دولة فلسطينية ولن تنسحب من القدس الشرقية ولا تعترف بوجود قضية لاجئين. هذه الرؤية الأوسع تعطي للأزمة الحالية زخما أكبر وتُعبر عن حقيقة ما يجري.
إن الخطاب الأفضل الذي يجب إتباعه حاليا هو الذي يعتمد :
أولا : التمسك بحقنا كمسلمين وعرب في الحفاظ على مقدساتنا ممثلة بالمسجد الأقصى، وممارسة أبسط حقوق الإنسان وهو حق العبادة وحق المحافظة عليه والدفاع عنه ضد أي محاولة لتهويده أو تقسيمه.
ثانيا : القدس الشرقية وبضمنها الأقصى هي منطقة مُحتلة. وعاجلا أم آجلا يجب أن تُحرر وتكون ضمن الدولة الفلسطينية.
ثالثا : الكرة في الملعب الإسرائيلي وملعب الحكومة الإسرائيلية، وليست في ملعبنا. وعليها أن تطمئننا وتثبت لنا أنه لا خطر على المسجد الأقصى من الجماعات اليهودية المتطرفة وأنها لن تسمح بتهويده عن طريق السماح لليهود بالصلاة في باحاته، وأن تطلعنا على حقيقة ما يجري تحت الأقصى من حفريات.
رابعا : إن كانت الحكومة تنتقد أسلوب تعامل القيادات العربية مع الموضوع، فلتتفضل كحكومة وتفتح بحوار صريح معنا لنبين ما لدينا ومما نتألم، وما هو سبب قلقنا. ولتوضح لنا الحكومة موقفها الحقيقي من كل هذه المسائل بأسلوب الحوار المحترم وتوقف أسلوب القوة والاعتقال ولغة العصا.
خامسا : في هذه المرحلة، الصراع على الأقصى، وإن كان يخص المسلمين لأنه أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين، إلا أنه كرمز هو قضية الجميع، مسلمين ومسيحيين، فلسطينيين وعرب، من كل الألوان والأجناس.
وأخيرا يجب علينا في قضية الأقصى تأكيد النهج العُمَري الذي أرسته العهدة العُمرية عند فتح بيت المقدس، والنهج الصلاحي الذي اتبعه صلاح الدين الأيوبي عند تحرير القدس من الصليبيين، مقابل نهج حق القوة الذي ورثه الاحتلال الإسرائيلي من الصليبيين وريتشارد قلب الأسد. هذه المقارنة هامة في ظل الخطاب التاريخي الديني الذي تنتهجه الحكومة والأحزاب اليهودية.

مقالات متعلقة