* يلحق المريض في هذه الحالة تكاليف وإرهاق وقلق والألم للأهل فهذه الحالة قد تطول عشر سنوات أو أكثر..

* يمكن للأطباء نزع الأنعشة بموت جذع الدماغ..

أصدر الدكتور مشهور فوّاز أستاذ الفقه وأصوله في كلية الدعوة والعلوم الإسلامية وكلية غرناطة ومدير قسم الدراسات العليا في الجامعة الأمريكية المفتوحة وعضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين – فتوى بجواز نزع الأنعشة عن المريض الميؤوس من شفائه ، وذلك بتقرير فريق طبي مكوّن من ثلاثة مختصين بتعطل الدماغ عن جميع الوظائف تعطلا نهائيا لا رجعة فيه وأخذ دماغ المريض بالتحلل .
وقد صدرت هذه الفتوى بعد توجه العديد من الأطباء والنّاس للإستفسار والإستفتاء حول هذا الموضوع وموقف الشرع منه ، وإليكم نص السؤال والفتوى :
ما هو حكم الشرع في نزع الأنعشة عن المريض ليتسنى للأطباء إمكانية الإنتفاع بالأعضاء في حالة التبرع ، ولإعتبارات طبيّة فنيّة أخرى حيث أنّ غرف العناية المركزة محدودة العدد ووجود مريض تلف دماغه نهائيا على هذه الأجهزة يحجز مكان مريض آخر قد يتمكن الاطباء من إنقاذ حياته فضلا عن الإحباط الذي يصيب العاملين في وحدات العناية المركزة لمعرفتهم بأنّ جهودهم لا جدوى من ورائها ، ممّا قد يؤثّر على مستوى عنايتهم بالمرضى الآخرين ، فضلا عمّا يلحقه من المعاناة والألم لأقارب المريض بتكرار رؤيتهم له جثة هامدة، فهل يسمح الشرع في مثل هذه الحالة بنزع الأنعشة ؟ وهل يلحق الطبيب المسلم إثم شرعي إذا قام بذلك؟

د. فواز

واجاب د. فواز: لقد كثرت الأسئلة في هذه الأيام حول موقف الشرع من نزع الأنعشة عن المريض ، نظراً لما يلحقه المريض في هذه الحالة من التكاليف والإرهاق والقلق والألم لأهله وذويه ما دام على هذه الحالة التي قد تطول عشر سنوات أو أكثر ، وبالوقت نفسه يحجز المريض أجهزة يحتاج إليها غيره ممّن قد يجدي معه العلاج ، ولا شك أنّ في ذلك بذل جهد كبير فيما لا طائل تحته بل قد يقرب من كونه نوعا من العبث ، حيث أثبتت الدراسات العلمية أنّ من توفرت فيه كل شروط تشخيص موت الدماغ فقد وصل إلى نقطة اللاعودة وأن توقف بقية الأعضاء عن العمل لا بد أن يحدث بعده بمدة .
ولمّا كان الإسلام يحترم العلم ويعتبره مرجعا فيما لا نص فيه كالشؤون الطبية والدنيوية ، وقد توصل العلم بدوره بأنّ نهاية الحياة الإنسانية تكون في حالة موت جذع الدماغ الذي يحس به الإنسان ويشعر لإحتوائه على المراكز الحيوية وعلى جميع الأعصاب القحفية الأثنى عشر وهو الذي يتحكم بالتنفس والدورة الدموية وضربات القلب .
فإنّ الشرع لا يرى حرجاً ولا مانعاً في نزع الأنعشة في مثل هذه الحالة ولو كان بعض الأعضاء كالقلب – مثلا – لا يزال يعمل وينبض ، لأنه يعمل آليا بفعل الأجهزة المركبة ، وليس بفعل دماغ الشخص ، ومعلوم أنّ الموت عند الفقهاء هو مفارقة الروح للجسد مفارقة تامّة، وإنّما يعلم ذلك بظهور إمارات وعلامات الموت على الجسم كإنقطاع النفس وتوقف القلب ... ولا شك أنّ ذلك متحقق بموت جذع الدماغ ، وبذلك يمكن للأطباء نزع الأنعشة بموت جذع الدماغ ليتسنى لهم إمكانية الإنتفاع من الأعضاء في حالة التبرع فيها " . والله تعالى أعلم