الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 16:02

إيلان بابّه يستحق التصفيق وليس "البوز"- بقلم: النائب مسعود غنايم

كل العرب
نُشر: 03/10/09 12:18,  حُتلن: 13:27

* نحن نريد أن يتحول كل المجتمع اليهودي لأمثال إيلان بابّه، ومنا يستحق أمثاله الاحترام والتصفيق
* هذا التصرف يثبت أننا بحاجة لعقلنة مسيرتنا النضالية، ورؤية الواقع السياسي والنضال السياسي الذي نخوضه في هذه الدولة بصورة حكيمة أكثر
* إيلان بابّه صاحب موقف أقل ما يقال عنه موقف رجال في زمن الرجال القليل!! إيلان بابّه المؤرخ كان من أوائل المؤرخين الجدد اليهود الذين ضربوا بالرواية الصهيونية لأحداث النكبة عرض الحائط، وتحدى الأكاديمية الإسرائيلية

لقد امتعضتُ وغضبتُ من المجموعة التي أخذت تصيح "البوز" استنكارا أو مقاطعة لخطاب "إيلان بابّه" في المهرجان الخطابي الذي اختتم مسيرة ذكرى انتفاضة القدس والأقصى في عرابة، لأن أمثال إيلان بابّه يستحقون التكريم والتصفيق ولا يستحقون الاستنكار أو المقاطعة.

إن هذا التصرف يثبت أننا بحاجة لعقلنة مسيرتنا النضالية، ورؤية الواقع السياسي والنضال السياسي الذي نخوضه في هذه الدولة بصورة حكيمة أكثر وبعيدة عن التهور والتسرع وبعيدة عن الغباء.

أيضا من الغباء أن أطرد من بين صفوفي من أتاني قائلا بأنه يؤيد كل ما أريده كعربي في هذه البلاد ويعترف ويطالب بحقي بالعيش على أرضي بكرامة وبحقي بالمساواة والعدالة، بل ويذهب بعيدا لدرجة يتمرد فيها ويثور على الإجماع اليهودي والصهيوني ويطالب بإلغاء الصهيونية لأنها سبب كل المشاكل والتعقيدات، كما قال.

ولا أدري كم منا نحن العرب هم القادرون على الخروج ضد الإجماع وتحدي الأكثرية؟

إيلان بابّه صاحب موقف أقل ما يقال عنه موقف رجال في زمن الرجال القليل!! إيلان بابّه المؤرخ كان من أوائل المؤرخين الجدد اليهود الذين ضربوا بالرواية الصهيونية لأحداث النكبة عرض الحائط، وتحدى الأكاديمية الإسرائيلية، ودفع ثمن ذلك بخروجه إلى بريطانيا وهناك واصل أيضا نضاله ضد السياسة الإسرائيلية والحركة الصهيونية.

بلغت ثورة "بابّه" على الرواية الصهيونية الأوج بإصدار كتابه "التطهير العرقي في فلسطين". وقد كتب عنه "جون بلغر" على صفحة الكتاب الأولى: "إيلان بابّه أشجع مؤرخ إسرائيلي، وأكثرهم تمسكا بالمبادئ، وأحدّهم مَضاءً".

في الكتاب يتهم "بابّه" بالوثائق والمستندات قوات الهاغاناة والقيادة السياسية بقيادة بن غوريون وغيرهم من قادة إسرائيل بارتكاب جريمة إبادة شعب وتطهير عرقي عن سابق إصرار وترصد. وكلنا يعلم أن تهمة كهذه ليست بالهينة على شعب وعلى دولة قائمة على قداسة كارثتها التي مرت بها على يد النازية.

"بابّه" كشف في كتابه الأسباب التي دفعته لتأليف الكتاب فقال: "إن أهم هذه الأسباب هو تصحيح المفاهيم وتقويم الحقائق وتوضيحها، ومصطلح "تطهير عرقي" هو التسمية الحقيقية والصحيحة لما جرى في هذه البلاد عام 1948، ولم تكن مجرد حرب وأعمال عسكرية عادية". ويربط "بابّه" بين حقيقة هذا التعريف وبين محاولة الحركة الصهيونية ومؤرخيها تحريف هذه التسمية حتى يبرروا إنكار النكبة وتحمل مسؤوليتها.

ويصل "بابّه" إلى قمة الشجاعة عندما يقارن ما جرى في فلسطين على يد القوات اليهودية بما جرى في رواندا ومناطق أخرى من العالم، ولكن الأهم هو مقارنتها بما جرى على يد النازية إبان الحرب العالمية الثانية.

إن مؤرخا وسياسيا وإنسانا كإيلان بابّه يستحق أن يُفتخر به، لأننا كعرب أصحاب قضية نريد أمثاله معنا وإلى جانبنا. ونحن نعلم أن هناك من أبناء جلدتنا من لا يتجرأون على حمل نصف مواقف إيلان بابّه، فكيف لا نخجل ونحن نقول لأمثاله "بوز"!!.

إن قضية إيلان بابّه وموقفنا كعرب منه تفتح سؤالا أساسيا لن أستطيع مناقشته بسبب اتساعه وتفرعه وهو: هل مشكلتنا أو قضيتنا هي مع اليهودي لمجرد كونه ينتمي للعرق أو العنصر اليهودي؟ أم أن مشكلتي مع مواقفه وأفكاره الصهيونية العنصرية القائمة على إقصائي وعدم الاعتراف بوجودي؟ وإذا وجد إنسان يعرّف نفسه أنه أولا إنسان وينتمي للشعب اليهودي لكنه غير صهيوني وغير عنصري ولا يريد إقصائي، بل على العكس يريد أن يسند ويقوّي وجودي ونضالي ضد السياسات الحكومية العنصرية وضد المبادئ القائمة على احتكار الأرض وتهويد الإنسان، هل أرفض ذلك؟ وماذا يعني الرفض؟ ألا يعني بأني لا أريد من أمثاله أن يزيدوا ويتحولوا لأكثرية في المجتمع اليهودي؟ ألا يعني ذلك أني أطرده لأحضان الكاهانية والليبرمانية؟

نحن نريد أن يتحول كل المجتمع اليهودي لأمثال إيلان بابّه، ومنا يستحق أمثاله الاحترام والتصفيق. ولندعو الله أن يلهمنا العقل والحكمة في نضالنا ويجنبنا الغباء والتهور.

مقالات متعلقة