*  فرنسا لن تضحي بعلاقاتها مع مصر من أجل انتقاد البعض لمرشحها‏

* المندوب الأميركي يروج للمرشحة الإكوادورية اللبنانية الأصل إيفون عبد الباق

* حسني تعرض لحملة شعواء  بسبب تصريحات سابقة حول إسرائيل والكتب اليهودية واستعداده لإحراقه

* الصين والهند وباكستان وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا واليونان والبرازيل وكوبا وفنزويلا التزمت التصويت لصالح حسني

*هنالك  إحساس لدى الوفد المصرى المرافق لحسنى بإمكانية حسم الانتخابات من الجولة الأولى والفوز بالمنصب الدولى

* هنري جونيو مستشار الرئيس الفرنسي ساركوزي صرح  للإعلام بأن الانتقادات التي يتعرض لها فاروق حسني غير مهذبة و غير مسئولة‏

 تنطلق اليوم الخميس في العاصمة الفرنسية باريس معركة كبري لاختيار المدير الجديد لمنظمة التربية والعلوم والثقافة "اليونسكو‏",‏ التي يتنافس فيها ثمانية مرشحين أبرزهم مرشح مصر فاروق حسني‏,‏ والمفوضة الأوروبية للعلاقات الخارجية بينيتا فالدنر‏,‏ وومندوبة الإكوادور اللبنانية الأصل إيفون عبد الباقي. ومن المقرر أن يجتمع المجلس التنفيذي لليونسكو بأعضائه الـ58 الساعة السادسة والنصف من مساء اليوم الخميس بتوقيت باريس ، لإجراء أول دورة اقتراع لانتخاب مدير عام المنظمة الدولية الجديد الذي سيخلف الياباني كويشيرو ماتسورا في منصبه لولاية من أربعة أعوام. وإذا لم يحصل أى من المرشحين الثمانية على الأغلبية +1 أى 30 صوتاً من 58 هم عدد أعضاء المجلس التنفيذى ، يتم إجراء 4 جولات أخرى، على أن تكون الجولة الخامسة بين أكثر اثنين حصولاً على الأصوات. وأول من أمس الثلاثاء، مثل المرشحون التسعة تباعا أمام المجلس التنفيذي في جلسة استماع أخيرة، حيث أعطيت لكل مرشح مدة زمنية لا تتجاوز نصف الساعة، شرح خلالها أسباب ترشحه وبرنامجه للمنظمة الدولية، وسمح لكل مجموعة جغرافية من المجموعات الست بطرح سؤال واحد.غير أن الواضح أن جلسات الاستماع السابقة والجلسة الأخيرة، على الرغم من أنها تعطي طابعا ديمقراطيا وشفافا على عملية الانتخاب، فإنها لا تقرر مصير الانتخابات الذي يخضع لعمليات دفع وجذب وضغوط متبادلة من خلف الكواليس.

وزير الثقافة المصري فاروق حسني

وحسبما ذكرت صحيفة "الاهرام"، فقد شهدت الساعات الماضية مفاجآت من العيار الثقيل‏,‏ وذلك بعدما صرح هنري جونيو مستشار الرئيس الفرنسي ساركوزي للإعلام بأن الانتقادات التي يتعرض لها فاروق حسني غير مهذبة و غير مسئولة‏.‏ويعد ذلك التصريح الثاني للمسئول الفرنسي خلال ساعات بعدما أكد لإحدي الإذاعات الفرنسية أن فرنسا لن تضحي بعلاقاتها مع مصر من أجل انتقاد البعض لمرشحها‏.‏ وجاء ذلك في الوقت الذي أكدت فيه كاترين كولونا سفيرة فرنسا لدي اليونسكو أمس الأول إن فاروق حسني باختياره الفرنسية كلغة لإلقاء خطابه قد دافع عن الفرانكوفونية‏,‏ وأنها لا تري من سيكون رقم ‏2‏ في الانتخابات علي منصب مدير اليونسكو‏,‏ وذلك في إشارة إلي تقدم فاروق حسني الواسع علي منافسيه‏.‏

ارتفاع حظوظ المرشح المصري

في هذه الأثناء، بدت أوساط حسني واثقة من الفوز عشية الدورة الأولى للانتخابات  في باريس والتي يتنافس فيها 8 مرشحين، مشيرة الى انه في "وضعية جيدة". وأشار دبلوماسيون إلى تطور جديد لصالح حسني، هو أن المندوب الأميركي في المنظمة والذي عمل ضد حسني "وكان يروج للمرشحة الإكوادورية اللبنانية الأصل إيفون عبد الباقي، غير موقفه" في الأيام الأخيرة بسبب تدخل مصري عالي المستوى لدى الرئيس الأميركي باراك أوباما. وتؤكد أوساط المرشح المصري أنه في وضعية جيدة، لا بل إن فاروق حسني نفسه لم يستبعد أن يتم انتخابه من الدورة الأولى لأنه يحظى بأصوات المجموعة العربية السبعة، ودعم المجموعة الأفريقية المتشكلة من 13 صوتا، وكذلك دول المؤتمر الإسلامي باعتبار أن الاتحاد الأفريقي ومنظمة المؤتمر الإسلامي، فضلا عن أن الجامعة العربية التزمت التصويت لصالح المرشح المصري. ووفق المصادر نفسها، فإن دولا مثل الصين والهند وباكستان وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا واليونان والبرازيل وكوبا وفنزويلا التزمت التصويت لصالحه. وتؤكد المصادر أنه حتى لو لم ينل المرشح المصري إلا ثلاثة أو أربعة أصوات أفريقية، فإنه في كل الأحوال سيحل في المرتبة الأولى وسيحصل على ما لا يقل عن 23 أو 24 صوتا، علما بأنه حصل على تعهدات بعضها مكتوب وبعضها شفهي في دعمه في العملية الانتخابية تجعله مطمئنا لما سيحصل اليوم وفي الأيام القادمة في نفس السياق، قالت مصادر داخل اليونسكو إن حسني والوفد المرافق له بدأوا "التربيطات" بمفاوضات مكثفة مع بعض المرشحين، الذين ليس لديهم فرص للفوز للحصول على أصواتهم وأصوات الدول التى تؤيدهم، مقابل منحهم بعض المناصب داخل المنظمة، موضحة أن المفاوضات تتم مع الدول الأفريقية، ودول أمريكا اللاتينية، «لإقناعهم بعدم وجود فرص كبيرة لمرشحى بنين وتنزانيا والإكوادور». وأضافت أن هناك أصواتاً غير متوقعة بدأت فى الإعلان عن تأييدها للمرشح المصرى، مثل لوكسمبورج، وهناك "إحساس لدى الوفد المصرى المرافق لحسنى بإمكانية حسم الانتخابات من الجولة الأولى والفوز بالمنصب الدولى".

وقال مصدر فى قصر الإليزيه لصحيفة "المصري اليوم" إن "فرنسا أصدرت توجيهات صريحة لسفيرتها فى المنظمة كرستين كولان بأن يكون التصويت للمرشح المصرى فى كل الجولات". وأضاف المصدر أنه عقب إلقاء وزير الثقافة خطابه أمام أعضاء المجلس التنفيذى لليونسكو أمس الأول باللغة الفرنسية، وأدائه "المبهر" فى الرد على الأسئلة، قالت السفيرة الفرنسية فى اليونسكو: "فاروق حسنى بهذا الخطاب الراقى كان خير دفاع عن اللغة الفرنسية". من جانبه، قال محمد سلماوى، رئيس اتحاد الكتاب وعضو الوفد المرافق لوزير الثقافة المصري للتليفزيون الفرنسى، أمس الأول، إن العالم الغربى الآن "فى اختبار حقيقى"، موضحاً أن حديث الغرب عن حوار الحضارات وقبول الآخر والتعدد الثقافى «على المحك» مع وجود مرشح عربى لليونسكو.

تصريحات لحسنى

في غضون ذلك، وصف فاروق حسنى اتهامه بمعاداة للسامية بأنه "أمر مثير للسخرية"، وقال إنه يفصل دائماً بين موقفه السياسى من إسرائيل كدولة، وبين موقفه تجاه يهود العالم. ونقلت وكالة أنباء الشرق الوسط المصرية عن حسنى تأكيده فى حوار مع القناة الأولى الألمانية وقناة فرانس 24، وراديو مونت كارلو، أنه "لا يعادى اليهود على الإطلاق، لأن منهم كتابا وعلماء ومفكرين يمثلون ذخراً للإنسانية". وأعرب وزير الثقافة المصري عن أمله فى أن يعود لليونسكو بريقها، ويشعر بأثرها "رجل الشارع والإنسان البسيط فضلا عن المثقفين"، حسب قوله، مضيفا أنه لا يفهم سر موقف مجلس الثقافة الألمانى الرافض لانتخابه مديراً لليونسكو استناداً إلى اتهامه بمعاداة السامية، ملمحاً إلى أنه قد تكون هناك دوافع أخرى وراء ذلك غير تصريحه عن الكتب العبرية تحت قبة مجلس الشعب. وتطرق حسنى فى حواره إلى وجهة نظره حول "العلاقات بين مصر وإسرائيل"، موضحا أن التطبيع ليس قراراً يصدره وزير، وإنما إرادة تتحرك من شعب إلى شعب آخر، ولهذا فهو يرى أن "الفترة الحالية لا تعد مجالاً ملائماً للتطبيع"، طالما لم يتحقق السلام، مؤكدا أنه عندما يتم توقيع اتفاق بين فلسطين وإسرائيل فسوف "يفرض التطبيع نفسه". وحول استقباله للمفكر الفرنسى روجيه جارودى الذى لا يعترف بالمحرقة، قال حسنى إن جارودى جاء مدعواً للمشاركة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، وأضاف أنه ليس بالضرورة أن يكون من يوجه الدعوة لجارودى معادياً للسامية. ونفى حسنى مجدداً الاتهامات الموجهة إليه بمعاداة للسامية، وقال إنه ألقى خطاباً فى مارس/اذار الماضى فى مقر اليونيسكو بباريس أدان فيه المحرقة، كما أصدر أوامره بترميم المعابد اليهودية بالقاهرة، وكذلك ترجمة كتب إسرائيلية إلى العربية، باعتبار أن هذه الأمور تتصل بحوار الثقافات. يذكر ان المرشح المصري كان قد تعرض لحملة شعواء رفع لواءها، في فرنسا وخارجها، مثقفون يهود، أبرزهم إيلي فايزل الحائز على جائزة نوبل للسلام وبرنار هنري ليفي، وهو مفكر وفيلسوف فرنسي، وكلود لانزمان المخرج والمنتج السينمائي، بسبب تصريحات سابقة لحسني حول إسرائيل والكتب اليهودية واستعداده لإحراقها. ورد حسني على ذلك في صحيفة "لوموند" بأن هذه التصريحات أخرجت من سياقها، وأعرب عن "أسفه" لصدورها عنه، مما خفف من حدة الحملة، وهو ما دفع بسيرج كلارسفيلد، وهو يهودي نذر نفسه لملاحقة النازيين عبر العالم، إلى الإعلان عن دعمه لفاروق حسني الذي اعترف بالمحرقة اليهودية و "اعتذر" عما صدر عنه من تصريحات، وشدد على ترميمه كوزير للثقافة للمعابد اليهودية في مصر وعمله من أجل الكتاب والثقافة.

كيفية انتخاب مدير اليونسكو

ينتخب مدير "اليونسكو" لولاية أولى مدتها ست سنوات، يمكن تجديدها لولاية ثانية تكون لأربع سنوات وبعدها لا يجوز إعادة انتخابه. وينظر المجلس التنفيذي للمنظمة "58 دولة عضوا"، في أثناء دورته الثانية والثمانين بعد المائة "التي تُعقد في الفترة من 7 إلى 23 سبتمبر/أيلول 2009، أي مباشرة قبل انعقاد الدورة الخامسة والثلاثين للمؤتمر العام، في الترشيحات الثمانية المقدمة لهذا المنصب، وذلك في جلسة خاصة. وحسبما ذكرت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية، تنقسم الأصوات في المجلس إلى ‏5‏ كتل رئيسية وهي الآسيوية ‏12‏ صوتا والإفريقية ‏14‏ صوتا والأوروبية ‏16‏ صوتا وأميركا اللاتينية ‏10‏ أصوات والعربية 6 أصوات. وتُعقد مقابلة لكل المرشحين لمدة ساعة لكل منهم على الأكثر، تنقسم إلى قسمين: في القسم الأول يقدم المرشح عرضا شفويا مدته 20 دقيقة على الأكثر، وفي القسم الثاني يُعطي 30 دقيقة للإجابة عن ستة أسئلة يطرحها أعضاء المجلس. ويُفترَض في كل من هذه الأسئلة أن لا يستغرق أكثر من دقيقتين، وتُطرح الأسئلة بإحدى لغات عمل المجلس، ويجيب عنها المرشح بالإنجليزية أو الفرنسية. بعد انتهاء المقابلات، يتداول المجلس الموضوع في جلسة خاصة، وفي جلسة خاصة أيضا يجري التصويت (بالاقتراع السري وبأكثرية الأصوات المسجَّلة). ثم يُبلِغ المجلس المؤتمر العام باسم المرشح الذي يقترحه، ويقدم له مشروع عقد تحدَّد فيه شروط تعيين المدير العام ومرتباته وتعويضاته ووضعه. ويدرس المؤتمر العام هذا الاقتراح ومشروع العقد في جلسة خاصة، ويبت في الأمر بالاقتراع السري. اعتبارا من 17 سبتمبر وبالأغلبية البسيطة في جلسة خاصة، وفي حالة عدم حصول أحد المرشحين على الأغلبية من الجولة الأولى، يعاد التصويت أيام 18 و19 و21 سبتمبر. أما في حالة عدم حصول أحد المرشحين على الأغلبية المطلوبة يجري التصويت في اليوم الخامس 22 سبتمبر بين أكثر مرشحين اثنين حاصلين على الأصوات في الجولات السابقة. المرشحون الثمانية، بعد انسحاب الجزائري محمد البيجاوي، دعما للمرشح المصري وتوحيد الموقف العربي:

*فاروق حسني (مصر): بلد الترشيح: مصر، الكويت، السودان، ليبيا. وزير الثقافة لمدة 22 عاما.

* إنا مارشيوليونيته (ليتوانيا): بلد الترشيح: ليتوانيا، إستونيا، لاتفيا. نائب وزير الثقافة في بلادها من عام ‏1999‏ حتى ‏2003‏، وانتخبت لرئاسة لجنة التراث العالمي بعد عام واحد من عملها مندوبة لبلادها لدى اليونسكو عام ‏2003.

*إيرينا جيرجويفا بوكوفا (بلغاريا): بلد الترشيح: بلغاريا. وزيرة خارجية سابقة ومندوبة بلادها الدائمة لدى اليونسكو والممثلة الشخصية لرئيس بلادها لدى منظمة الفرانكفون ونائب رئيس مجموعة دول الفرانكفون لدى اليونسكو.

* سوسبيتر مويجاروبي موهونجو (تنزانيا): بلد الترشيح: تنزانيا. عالم جيولوجي ومؤسس المجلس الدولي للعلوم ويعمل مديرا إقليميا له في جنوب إفريقيا.

* ألكسندر فلاديميروفيش ياكوفينكو (روسيا): بلد الترشيح: روسيا. ويشغل منصب نائب وزير الخارجية الروسي.

* إيفون خويس أ. باقي (الأكوادور): بلد الترشيح: الأكوادور. سبق أن ترأست برلمان بلادها بالإضافة إلى توليها منصب وزيرة التجارة والموارد السمكية.

* بينيتا فيريرو ـ فالدنر (النمسا): بلد الترشيح: النمسا، كولومبيا. المفوضة الأوروبية للشؤون الخارجية، وتعد بمثابة المنافس القوي لفاروق حسني في ظل خبرتها الدولية، لكنها لم تحصل حتى الآن على التأييد الكامل من دول الاتحاد الأوروبي لتصبح بمثابة المرشحة الأوروبية.

* نور عيني تيجاني سيربوس (البنين): بلد الترشيح: البنين. نائب الأمين العام لليونسكو للشؤون الإفريقية منذ عام ‏98،‏ وهو شاعر ومستشار ثقافي لرئيس بلاده.