اضافة الى الخوف الكبير من انتشار انفلونزا الطيور، بعد وفاة فتاة عراقية في ضواحي مدينة السليمانية من كردستان، يسود هاجس كبير بين الاهالي، وخصوصاً المصابين بالامراض السرطانية في شمال البلاد، لجهة الحصول على الدواء من دون معاناة كبيرة. وقد اضحت هذه الادوية محصورة في ايدي تجار السوق السوداء الذين ما يستطيعون فرض الاسعار، من دون حسيب ولا رقيب. وتتحدث عن غلاء تلك الادوية عائلات كثيرة ممن يعاني بعض ابنائها من هذا المرض الفتاك، وغالبيتهم من اهالي مدينة حلبجة التي تسبب قصفها بالاسلحة الكيماوية، على يد جيش الرئيس السابق صدام حسين، باصابة المئات منهم بامراض وأورام سرطانية وتشوهات خلقية. ويشير أحد افراد تلك العائلات الى ان» قيمة العلبة الواحدة لدواء العلاج الكيماوي للسرطان تتراوح بين 150 و 300 دولار فيما كان سعر العلبة نفسها، ابان حكم النظام العراقي السابق 25 ألف دينار (نحو 17 دولاراً). وفي حديث الى «الحياة»، اوضح حاجي امين، احد المصابين بالسرطان معاناته قائلاً: «انا في ازمة حقيقية وحياتي مرهونة بتوافر الدواء وقد اواجه الموت او انتهي إلى ازمة صحية قاتلة بسبب عدم وجود حبة واحدة من الدواء الذي يلزمني. وما من رقيب او مسؤول يلتفت الى معاناتنا نحن مرضى الامراض السرطانية جراء انعدام الدواء في الصيدليات وانتشاره لدى تجار السوق السوداء». واتهم تجار السوق السوداء بأنهم «يشاركون المسؤولين في المستودعات والصيدليات الطبية الارباح على حسابنا من دون شفقة او رحمة منهم بمعاناتنا». وفي المقابل، اظهر المريض سمير علبة دواء اشتراها من احد الباعة في سوق الجسر بنحو220 دولاراً. واكد صيدلانيون لـ «الحياة» ان « المستودعات الطبية تتسلم أدوية علاج السرطان، بعد ادراجها في كشوف الجرد، ضمن استمارات تسليم وتسلم». واشار الصيدلاني عبد الرزاق محمود الى ان «بعض الادوية لا تسلم لطالبها الا بوصفة طبية تُسلّم الى المريض اوحامل الوصفة لغرض تسليمها الى المسؤولين في المستودع كدليل على انها صرفت وفق ضوابط طبية وقانونية». ويقدّر عدد المصابين بالامراض السرطانية في كركوك بنحو 180 مصاباً وفق احصائيات العيادة الشعبية للامراض السرطانية في المدينة لعام 2005. وفي سياق مُشابه، وجد المصابون بالامراض النفسية انفسهم في صراع غريب للحصول على علبة «ارتان» Artin التي يتناولها الكثير من المصابين بمرض الشيزوفرينيا Schizophrenia (فصام الشخصية)، وكذلك الحال بالنسبة الى عقار «ستيلازين» Stelazine الذي يستعمل في علاج الاكتئاب النفسي Depression. وباتت هذه الانواع من الادوية أيضاً عرضة للاحتكارات الخفيّة. وصارت تباع باسعار باهظة بعد فقدانها من الصيدليات، واقتصار توافرها على السوق السوداء. والحال ان العراق يشهد راهناً ظاهرة اتساع تعاطي الاقراص المهدئة بين الشباب والمراهقين، في ظل اجواء البطالة وانعدام الاستقرار والتردي الامني، التي تهيمن على المدينة وسكانها.