* ما همني الاتصال بالزملاء الطلاب لإطمئنان على صحتهم

* لا يمكن لأحد ان يتحرك في سيارته بل تعطلت كل تلك الوسائل وفقط السير على الأرجل

الطالب الجامعي نضال محمود شاهين من سخنين والذي يدرس موضوع الطب في السنة الثانية في إيطاليا يقول "كل الطرق أغلقت أمامنا وشعرنا أنه لا ملجأ لنا الا الله عز وجل بهذه الجملة بدأ الطالب نضال حديثه عما حدث معه في تلك الليلة الظلماء شديدة السواد والبرد القارس حيث دخل فراشه الدافئ في ساعة متأخرة بعد دراسة مستفيضه وعند الثالثة فجراً سمع صوتاً وجلبه وفتحت عيناه ليرى ابواب الخزانة تفتح وتغلق وكل الاغراض فيها وعليها تتراكم عليه فأيقن انه زلزال قد ضرب المنطقة فهرع يحمل هاتفه وجاكيته ويفر من العمارة التي يسكن فيها وإذ بالخارج رائحة الغبار والصراخ وإنطفاء ألكهرباء حيث لا إضاءة وفقط صراخ وبكاء ولا أحد يعرف ما الذي حدث ويضيف لقد رأيت الموت بام عيني الا أن الله أنجاني فبعد الهزات المتتابعة على مدار اشهر والتي اعتبرت بأنها هزات خفيفة ولم تتسبب بأي أضرار جاءت الهزة العنيفة فكانت ساحقة وأدخلت الرعب والخوف في قلوب الجميع والامر الغريب أن الدفاع المدني في ايطاليا لم يصدر ولا أي بيان حول الهزات الارضية المتلاحقة السابقة ولم يتحدث أحد عن احتمال وقوع هزات عنيفة.

أول ما همني الاتصال بالاصدقاء والزملاء الطلاب لإطمئنان على صحتهم وفعلاً تم ذلك فقد استطعت أن أتحدث مع الاغلبية فيما عدد آخر لم نتمكن من الحديث معه وكانت وجهتي مع عدد آخر من الطلاب الهرب من المكان حيث تفوح منه رائحة كريهة خاصة أمام الركام المنتشر في كل مكان والاسلاك في كل مكان ولا يمكن لأحد ان يتحرك في سيارته بل تعطلت كل تلك الوسائل وفقط السير على الأرجل وتمكنا من الوصول لأحد الاماكن البعيدة عن العمارات حتى الصباح وعندما أردنا العودة لمكان سكنانا لم نتعرف على الطريق كون أن المعالم تغيرت بشكل كلي وأثناء سيرنا أجرينا اتصالات مع الزملاء الا أن الطالب حسين حمادى من كابول لم يرد كون أن هاتفه منزوع الخدمة الامر الذي تأكد لنا أن حدث ما قد وقع له وكان بعيد عنا ما يقارب الالف متر وعند وصولنا للمكان وجدنا عمارة من خمس طبقات قد أطبق عما فيها وحاولنا المساهمة بالمساعدة وتم العثور على بعض الاغراض الخاصة به الا انه لم يظهر واجرينا في الصباح إتصالاً للأهل وطمئناهم عنا وأكدنا لهم أن حسين حمادة لم يظهر بعد وهناك خشية على حياته ومكثنا في المكان ساعات طويلة وكلما تم العثور على جثث للمدنيين كنا نتوجه لنتعرف على هويتها حتى جنى الليل وإضطررنا مرة اخرى للخروج من منطقة العمارات للمبيت.

ومع وصول الدكتور أمين حمادي والد الطالب حسين كان الوضع يزداد سوءً كون أن كلما طالت الفترة كلما كانت النتائج تحمل اخباراً غير سارة ووقفنا ساعات مع الدكتور حمادة ننتظر لعل أحدهم يأتي بأي بشرى الا أن ذلك لم يحدث وكان الأمل كبيراً بأن نجده حياً وأصبحنا نتردد على ساحة أحد المصانع البعيدة حيث يتم تجميع الجثث المستخرجة من تحت الانقاض وفي اليوم الثالث إتصل احد المشرفين في المكان وقال أن شاباً قريب من الاوصاف المذكورة تم العثور عليه ولكن جثة وتوجهنا جميعاً الى المكان وكان فعلاً أن وجدنا الطالب حسين حمادي جثة هامدة.

ويضيف الطالب نضال شاهين أن تلك اللحظات كانت من أصعب أيام حيث لا يجد الواحد من الطلاب من يساعدنا وحتى رغيف الخبز كنا نتناوله من يد الجنود حيث كانوا يقدمون لنا أكلهم الخاص ووجبتهم من الدولة وقد آوانا المواطنون الايطاليين وكم كان الطلاب متفائلون بأن يجدوا من يمكنه يمثل اسرائيل هناك ويساهم بدعمهم وتوفير الاحتياجات الخاصة بهم الا أن ذلك لم يحدث وشعر الطلاب أنهم لوحدهم في بحر متلاطم وعليهم أن يكونوا على قلب رجل واحد وتقوية العزيمة فقد تحدث الطلاب فيما بينهم لعل اعضاء الكنيست العرب سيهبون لمساعدتنا من خلال ضغطهم على الحكومة والسفارة الاسرائيلية الا ان كل ذلك لم يحدث فقد صادف الطلاب ومعهم الدكتور أمين حمادي تعنت من السلطات بعدم السماح بمغادرة جثمان حسين المدينة الا بعد استصدار اوراق خاصة من البلدية بالرغم من أن البلدية قد تهدمت وانهارت ولم يتبقى منها شيئ وتوجهوا لأحد المقربين في البلدية وهو بدوره قد عجل لهم تلك الاوراق.

وعن رحلة الهروب من المكان فقد إستمرت رحلة الهروب 12 ساعة في حافلة من أجل أن يقطعوا مسافة من الاصل ان تستغرق ساعتين وبعد أن تمكنا بالوصول للمطار وبدأت تقلع الطائرة شعرنا عندها كم هي التغيرات التي حدثت وكيف تحركت عجلة الحياة بكل هذه السرعة وعند وصولنا المطار في اسرائيل وجدنا العائلات بانتظارنا وبالرغم من اشتياقنا الكبير لرؤية الاهل وخاصة الوالدين الا أنه وعندما حضنني والدي خجلت من نفسي وبكيت لأن الدكتور أمين حمادي ليس هناك من يحضنه.