الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 04:02

مضاعفة زمن معاجلة الجلطة الدماغية


نُشر: 19/02/09 20:52

الزمن الذي يمر منذ لحظة الإصابة بالجلطة الدماغية قد يكون مصيريا. مستشفى رمبام، هو واحد من أربعة مستشفيات في البلاد والوحيد شمالا من تل أبيب، الذي يقدم خدمات قسطرة دماغية، وهي علاج يتطلب معرفة وتكنولوجيا متقدمين لتوسيع شباك الفرص لمعالجة الجلطة الدماغية من ثلاث ساعات الى ثمانية ساعات.
كل 35 دقيقة تحدث جلطة دماغية في البلاد. حوالي 15000 شخص ينضمون سنويا لإحصائيات المصابين بالجلطة الدماغية، والتي باتت المسبب الثالث للوفيات في البلاد والعالم. هذا الرقم مشابه لعدد مصابي نوبات القلب، ولكن عوارض ونتائج الجلطة الدماغية على صحة المريض وإعادة تأهيله أصعب وتستمر وقت أطول.
يعرض اليوم رمبام، خدمة جديدة لعلاج الجلطة الدماغية، وهي خدمة متوفرة حاليا في أربع مراكز طبية في إسرائيل، ورمبام هو المستشفى الوحيد شمالا لتل أبيب الذي يقدّم هذه الخدمة الضرورية، المنقذة للحياة.
هذا الأمر بات ممكنا بفضل عوامل عدة اهمها انضمام المقسطر الدماغي الخبير، د. يعقوف أمساليم، الذي تلقى اختصاصه في فرنسا، وجود قسم أشعة مؤهل ومعه بأحدث التقنيات، وبالتعاون مع د. جرجوري طالمان، رئيس وحدة الجلطات في قسم الأعصاب، الذي يديره بروفيسور دافيد يرانيتسكي.

ما هي الجلطة الدماغية؟؟
85% من حالات الجلطة الدماغية هي "ايسكامية" (احتشائية) والبقية هي "همورجية" (جلطة دماغية نزيفية). الجلطة الاحتشائية تحدث جراء حجب جريان الدم النابع من تخثّر دموي. بينما يحدث النوع الثاني عندما يتمزق أحد الأوعية الدموية ويبدأ الدم بالتسرب إلى مواقع قريبة في الدماغ. ويتسبب النوعان من الجلطات الدماغية إلى نقص في الأكسجين للدماغ، وبداية عملية موت أنسجة دماغية. من ناحية طبية، هذه العملية تترجم عبر ظواهر عصبية مثل تكلم غير واضح وشلل نصفي في الأطراف.
أي علاج تطرحه المستشفيات؟
شباك الفرص لعلاج ولإنقاذ أنسجة الدماغ يمتد لبضع ساعات قليلة، وكلما مرّ وقت أطول، يكون الضرر أكبر لخلايا الدماغ واحتمالات إنقاذ خلايا المخ تتلاشى. في حالات الجلطة الدماغية (الاحتشائية) بالإمكان التعامل مع الضرر الذي حدث بواسطة حقن مواد مذيبة للتخثّر إلى الوريد (tPA). هذا العلاج ناجح في الثلاث ساعات الأولى لحدوث الجلطة الدماغية، وهو فعّال في الكثير من الحالات. بحسب الإحصائيات في البلاد وفي الولايات المتحدة الأمريكية، فقط بين 3 و 5 بالمائة من المصابين بالجلطة الدماغية الاحتشائية يصلون للمستشفى في هذه الفترة الزمنية لتلقي العلاج، وذلك بسبب عدم الوعي لعوارض الجلطة الدماغية. العلاج عبر حُقنة يجري على يد طبيب أعصاب وهو متوفر في غالبية المستشفيات التي فيها قسم أعصاب وجهاز اشعة من نوع سي تي.



المميز في الخدمة الجديدة في رمبام

علم الطب الإشعاعي العصبي المتفشي هي مجال طبي يعنى بتشخيص وعلاج مشاكل الأوعية الدموية في الدماغ والعمود الفقري عن طريق القسطرة (كبديل لتدخل بعملية جراحية معقدّة). الطريقة تمكن توسيع شباك العلاج بالجلطة الدماغية الاحتشائية من ثلاث ساعات إلى ثماني ساعات. المكان الوحيد شمالي تل أبيب الذي تجري فيه قسطرة دماغية هو القرية الطبية رمبام. ويقدّم هذا العلاج الدكتور يعقوف أمساليم، مدير وحدة الطب الإشعاعي العصبي التدخلي في المستشفى وبالتعاون مع د. جرجوري طالمان، رئيس وحدة الجلطات في قسم الأعصاب الذي يديره بروفيسور دافيد يارنيتسكي. د. أمساليم هو واحد من منتخب مختصر جدا يضم أربعة أطباء فقط في كافة أنحاء البلاد، الذين بقدرتهم القيام بالقسطرة الدماغية. في استطلاع رأي أجراه اتحاد أطباء الأعصاب في البلاد وبالتعاون مع المركز القطري لمراقبة الأمراض، تبيّن ان 77% من المصابين بالجلطة الدماغية يصلون للمستشفى بعد مرور أكثر من ثلاث ساعات على بداية الحادثة.
ويقول د. أمساليم، انه قرابة الـ30% من هؤلاء المرضى ملائمون للعلاج التدخلي، وبمكان لا يوجد فيه قسم للعلاج الإشعاعي العصبي التدخلي، فهم يذهبون سدى. أي أنهم لا يتلقون العلاج المناسب لوضعهم، الأمر الذي قد يؤدي الى ضرر يتراوح بين إعاقة خفيفة، الى عجز كبير وحتى الموت. هؤلاء الأشخاص لا يمكننا إعطاءهم الحقن عن طريق الوريد، ولذلك فان القسطرة الدماغية قد تكون مصيرية، وتحد بين الحياة والموت. ويشير د. أمساليم أنه يوجد مئات المرضى من هذا النوع الذين بالامكان مساعدتهم في منطقة الشمال.

كيف يعمل العلاج؟
تجري عملية القسطرة الدماغية بعدة طرق. عملية القسطرة، تتم عبر ادخال أنبوب يسمى القسطر الى الشريان الفخذي وصولا الى شريان الرقبة. وعبره يتم إدخال قسطر آخر، أكثر دقة بالامكان ايصاله إلى منطقة التخثر الدموي في الدماغ ويتيح الفرصة لحقن مواد مذيبة للتخثر بشكل موضعي ومباشر. هذا العلاج بالإمكان منحه حتى ست ساعات منذ بداية الحادثة.
طريقة أخر هي إجراء تفكيك ميكانيكي للتخثر الدموي وانتزاعه من الدماغ. هذه العملية تجري بطريقة مماثلة للحقن الموضعي، ولكن عن طريق استخدام نوعين مختلفين من الآلات. عبر القسطر ذاته (الذي يتم إدخاله عبر الشريان إلى الدماغ)، يتم إدخال آلة صغيرة جدا تدعى "ميرسي" والتي تشابه مخرج الفلين الصغير، والذي بواسطته يمكن سحب التخثر الدموي مثلما يسحبون الفلين من القنينة. طريقة أخرى هي استخدام آلة تشبه شبكة التقاط الفراشات الصغيرة (كاتش)، وبهذه الطريقة يتجاوزون التخثر الدموي، يفتحون الشبكة التي تلتقط التخثر الدموي وتسحبه. نسب نجاح استخدام الآلتين تصل الى 70%.
يذكر أنه قبل إجراء عملية التفكيك يجب إجراء عملية قسطرة تشخيصية لاكتشاف مكان التخثر الدموي وحجمه. هذه العملية، التخدير الكامل وعملية القسطرة نفسها تستمر قرابة أربع ساعات.
قيود طبية
يجب أن ننوه أنه لا يمكن علاج كل جلطة دماغية بواسطة القسطرة الدماغية. الظروف التي تتيح عملية مماثلة، هي فقط حالات الجلطة الدماغية الاحتشائية بحالة متوسطة حتى صعبة، بالإضافة إلى أنه يجب الوصول إلى المستشفى بين ثلاث ساعات وحتى ثمانية ساعات منذ لحظة وقوع الحادثة، مع عرض نموذجي عبر صورة إشعاع سي تي لانسداد كبير حتى متوسط في الأوعية الدموية في الدماغ. في هذه الحالات نسبة النجاح للعملية مرتفعة. 60% من الذين يجرون عملية القسطرة الدماغية يعودون لحياة طبيعية.
وقد أجرى الدكتور امساليم في فرنسا تخصص في مجال القسطرة الدماغية طوال سنتين، عالج خلالهما عشرات الحالات المماثلة.

مقالات متعلقة