الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 16 / أبريل 09:02

ألمانيا البقرة الحلوب لأمريكا

بقلم: أحمد حازم

أحمد حازم
نُشر: 30/07/22 10:09,  حُتلن: 13:47

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في العام 1945 وتقسيم ألمانيا إلى دولتين، أحداها غربي حمل اسم ألمانيا الاتحادية يخضع لسيطرة الحلفاء، والآخر شرقي أطلق عليه ألمانيا الديمقراطية يخضع للحكم السوفييتي. وظلت هذه الحالة قائمة حتى انهيار وتفكك دول المعسكر الشرقي تدريجيا(بما فيها الاتحاد السوفييتي) وتوحيد الألمانيتين في العام 1990.


طوال هذه الفترة كانت ألمانيا الغربية (ولا تزال) حتى بعد وحدة الألمانيتين البقرة الحلوب للولايات المتحدة. فكافة القواعد العسكرية الأمريكية في ألمانيا وبالأحرى كل الوجود الأمريكي فيها من آلاف المدنيين والعسكريين وتكلفة إقامتهم كانت بتمويل ألماني. حتى سياسة البلاد كانت مرتبطة بالسياسة الأمريكية. بمعنى أن كل شيء سياسي وعسكري يتعلق بألمانيا كانت واشنطن هي المرجع الرئيس. وهذا الوضع لا يزال قائماً حتى الآن.


الولايات المتحدة، التي لم تشهد أي حرب في مناطقها هي المستفيد الرئيس من الحروب، لأن الحروب هي الممول لمصانع الأسلحة فيها، وبقدر ما تكون هناك حروب في العالم بقدر ما يكون تصدير السلاح مزدهراً. الحرب في أوكرانيا أكبر مثال على ذلك.


ويبدو أن الدب الروسي بوتين، قد أيقظ الغرب (وخصوصا المانيا من النوم) بعد غزوه لأوكرانيا في شهر فبراير/شباط من العالم الحالي . فقد سارع المستشار الألماني أولاف شولتس إلى التفكير في تحديث الجيش الألماني لاعتقاده بأن الحرب الروسية على أوكرانيا لا بد أن تصل إلى الدولة الألمانية.


وزارة الدفاع الألمانية أعلنت في مطلع شهر/ حزيران يونيو الماضي نيتها عن شراء 60 طائرة هليكوبتر أمريكية للنقل من طراز بوينغ سي إتش-47 شينوك Boeing CH-47 Chinook)‏) كجزء من حملة شراء ضخمة لتحديث جيشها، حيث أعلن المستشار شولتس بعد فترة وجيزة من غزو روسيا في فبراير-شباط الماضي ، أن ألمانيا ستلتزم بمبلغ 100 مليار يورو لصندوق خاص بجيشها، وترفع إنفاقها الدفاعي فوق الحد الأدنى 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الذي التزمت به دول حلف شمال الأطلسي.


هذا يعني أن أكبر نسبة من إنفاق هذه المليارات ستكون من نصيب الولايات المتحدة. ليس هذا فحسب.


فقد قررت المانيا شراء طائرات مقاتلة من طراز إف-35 من صنع شركة لوكهيد مارتن الأمريكية لتحل محل طائرات تورنيدو. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تخصيص هذه المليارات للسلاح في وقت يحتاج فيه الشعب الألماني إلى وضع اقتصادي واجتماعي أفضل ولا سيما في ظل ارتفاع درجة الغلاء والبطالة وأزمة المهاحرين؟


المستشار شولتس يعرف أن أوروبا لن تشهد مطلقاً أي حرب بينها، وأن ما يجري هو فقط "لعبة أمم"، وحتى لو وقعت الحرب بين الشرق والغرب فإن السلاح التقليدي لا يجدي نفعاً بوجود السلاح النووي. لكن الخلفية الأساسية لموضوع تحديث الجيش الألماني هي تمويل مصانع السلاح الأمريكية، لأن تحديث الجيش الألماني سيتم عن طريق شراء أسلحة أمريكية، والدليل على ذلك أن واشنطن وافقت على صفقة أسلحة لألمانيا بقيمة 8,4 مليار دولار لتحديث أسطولها من الطائرات الحربية. وطبعاً هناك مليارات ألمانية إضافية ستستفيد منها واشنطن تحت مبررات أخرى.


بيان وزارة الخارجية الأمريكية يوم الخميس الماضي كان في منتهى الوضوح، لأنه لم يشر مباشرة إلى الحرب في أوكرانيا، بل أكد البيان أن هذه الصفقة هي مصلحة أمريكية، لأنها ستدعم السياسة الخارجية والأمن القومي للولايات المتحدة.


والسؤال الموجه للمستشار الألماني شولنز: هل صفقة الأسلحة هذه وغيرها تصب في حفظ الاستقرار السياسي والاقتصادي في أوروبا؟ سؤال بحاجة إلى جواب.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة