الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 04:02

قصة واقِعِيَّة: مغامرات القِطّ ﭽوچي بقلم: أسماء طنوس – المكر

أسماء طنوس
نُشر: 02/07/22 02:54

كانت سَيّدةٌ إسمُها عزيزه, تعيشُ مَعَ زَوْجِها وإِبنِها وبَناتِها الثّلاث. وكانت تَسكُنُ في الْمَدينَةِ, وكانتِ الأُسرَةُ سَعيدةً جِدًّا. وكانَ الْبَيتُ يَغْمُرُهُ الْفَرَحُ والْمَرَحُ, الْحُبُّ والْحَنانُ. وجاءَ يَوْمٌ مَرِضَ الْوالِدُ مَرَضًا شديدًا, وَٱحتاجَ لإِجراءِ عملِيّةٍ جِراحِيَّةٍ لَهُ, فَأُدْخِلَ الْمُستَشفى. وشَعَرَ الأولادُ بحُزْنٍ شديدٍ, وضَغَطٍ وَفَراغٍ, حَتّى وَجَدَ الإبنُ حَلاً لِهذِهِ المُشكِلَةِ. فطَلَبَ من أُمّهِ أَن يُرَبّيَ قِطًّا في الْبَيتِ لِيلعَبوا مَعَهُ ويتسَلَّوا بِهِ. وافَقَتِ الأُمُّ على طَلَبِهِ ولم تَرفُضْ. وفي الْيَوم التّالي, ذَهَبَ الإبنُ وٱشتَرى قِطًّا صغيرًا عُمْرُهُ شهران, وأَحْضَرَهُ مَعَهُ إلى الْبَيْتِ. وكانَ الْقِطُّ جميلاً. شكلُهُ ظريفٌ. شَعْرُهُ أَشْقَرُ وأَمْلَسُ, عَيْناهُ جميلَتانِ. لَوْنُهُما عَسَلِيٌّ. أَحَبَّ أفرادُ الأُسرَةِ الْقِطَّ, وهُوَ أَحَبَّهُم. وكانوا يلعبونَ مَعَهُ وهُوَ يَلْعَبُ مَعَهُم. بَعدَ أُسبوعٍ رَجَعَ الوالِدُ من المستَشفَى إلى الْبَيْتِ وَتفاجَأَ بوجودِ الْقِطِّ. ولكنَّهُ أَحَبَّهُ جِدًا, فكانَ يلعَبُ معَهُ ويُنَسّيهِ مَرَضَهُ وَيُخَفِّفُ أَلَمَهُ. ولكِنَّ الأُمَّ تذَكَّرَتْ أَنَّهُ يَجِبُ تَطْعيمَ الْحَيْوانِ الْمَوجودِ في الْبَيْتِ ضِدَّ الأمْراضِ والْجَراثيمِ, لكَي يبقى جسمُهُ سليمًا ولا يمرَضُ ولا ينقلُ الْمَرَضَ أَوِ الْعَدْوى. فطَلَبَت مِن إِبنِها أَن يأْخُذَهُ للطّبيبِ الْبَيْطَريّ – طبيبُ الْحَيوانات لِكَي يُعطيَهُ إِبرَةَ التّطعيم. وكانَ جَميعُ أَفرادِ الأُسرَةِ يُبدونَ ٱهْتِمامًا كبيرًا بِرِعايَةِ ٱلْقِطِّ. وقد عَمِلَتْ لَهُ الأُمُّ عزيزَه بيتًا من عُلبَةِ كرتونٍ كبيرَه، وفي داخِلها سَلَّةٌ مفروشَةٌ بالْقِماشِ لِيَنامَ الْقِطُّ فيها. وكانَت تَضَعُ لَهُ الطَّعامَ في صَحْنٍ والْماءَ في صَحْنٍ آخَرَ. وكانوا يشتَرونَ لَهُ الطّعامَ الْخاصَّ لَهُ. وكانت عَزيزَة تَغسِلُهُ وتُنَظِّفُهُ كُلَّ يَوْمٍ. وكانت تغمُرُهُ بالْحَنانِ والْعَطْفِ تَحمِلُهُ بينَ ذراعَيْها وعلى صدرِها. وكانَ الْقِطُّ يُبادِلُها نَفْسَ الشُّعورِ. يَقفِزُ عَلى كَتِفِها يجلِسُ بجانِبِها يَلْحَقُ بِها من غُرفَةٍ إِلى أُخرى مِثْلَ طِفْلٍ يَلْحَقُ أُمَّهُ ولا يترُكُها. لَمْ يَخرُجِ الْقِطُّ مَرَّةً خارِجَ الْبَيْتِ فهُوَ قِطٌّ بَيْتوتي.

وذاتَ يومٍ بَيْنَما كانَ الْقطُّ يَلْعَبُ في الْبَلكونِ (الشُّرْفَة) في الطّابِقِ الْخامِسِ, أَخَذَ يُخْرِجُ رأسَهُ من بَيْنَ قُضْبانِ الْحَديدِ حَتّى سَقَطَ إِلى أَسْفَل ووصَلَ الطّابِقَ الرّابِعَ. وعندَما شاهَدَهُ الْجيرانُ في داخِلِ بَيتِهِم أَبْلَغوا الأُمَّ عَزيزَةَ جارتَهُم لِتأتيَ وتأخُذَهُ. فماذا فعلَتْ عَزيزَه؟ أَحضَرَت حَبْلاً وربَطَتْ بِهِ سَلَّةً, ودَلَّتْهُ إِلى أَسْفَل, فَوَضَعَتِّ الجّارَةُ الْقِطَّ في السَّلَّةِ. ورفعَتْ عزيزَةُ الحبلَ إلى فَوْق حَتّى وَصَلَ القِطُّ إِلَيْها. فَرِحَت بِهِ كَثيرًا لِرُجوعِه, فأَخَذَتْهُ وَغَسَّلَتْهُ, ووضعَتْ لَهُ الطّعامَ والْماءَ.
وكانَ الأولادُ كُلَّ يومٍ يرجِعونَ بِلَهْفَةٍ وَٱشْتِياقٍ منَ الْمَدرَسَةِ إلى الْبَيْتِ لكي يلعبوا مَعَهُ ويرتاحوا من تَعَبِّ النَّهارِ. وكانَ الْوالِدُ الْمَريضُ يرتاحُ لِوُجودِهِ ويلعَبُ معَهُ.
مَرَّتِ الأيّامُ وكَبُرَ الْقِطُّ وأصْبَحَ عُمْرُهُ سَنَتَيْنِ. ولكنَّ جسمَهُ لم يَكْبُرْ كثيرًا, وبَقِيَ حَجْمُهُ صَغيرًا. وفي تِلكَ السَّنَةِ تزَوَّجَتِ الْبنتُ الكُبْرَى وكانت تُحِبُّهُ كثيرًا. وبَعْدَ مُرورِ سَنَةٍ من زَواجِها أَنجَبَتْ طِفلَةً جَميلَةً َأسْمَتْها نيكول. فأَصْبَحَتِ الاُمُّ عزيزَه جَدَّةً. وكانت والدةُ نيكول تأتي كُلَّ أسبوعٍ لِبَيْتِ أهلِها لِتلعَبَ مع الْقِطِّ چوچي. وبدَأتِ الطِّفْلَةُ تَكْبُرُ وبدَأت تتعَرَّفُ على الْقِطِّ وتلعَبُ مَعَهُ، حَتّى تَعَوَّدَت عَلَيْهِ وأَحَبَّتْهُ حُبًّا شَديدًا. وذاتَ يَوْمٍ مَرِضَتِ الْجَدَّةُ عزيزَةُ ودخلَتِ المستشفى لإجراءِ عمليَّةٍ في القَلبِ. وبقيت فيهِ أُسبوعًا كامِلاً. شَعَرَ الْقِطُّ بالْحُزنِ الشّديدِ بغِيابِ عزيزَه عَنِ الْبَيْتِ. لَم يَأكُلْ ولَم يَشْرَبْ كثيرًا، وَأَصْبَحَ جِسْمُهُ هَزيلاً. وعندَما عادَت الجَدَّةُ إلى الْبَيْتِ إِنقَلَبَ حُزْنُهُ إِلى فَرَحٍ. وبدَأَ يقفِزُ مِن شِدَّةِ الْفَرَحِ عَلى كَتِفِها وعلى صَدْرِها ويُلَوِّحُ بِذَيْلِهِ. ورَجَعَت لَهُ شَهِيَّةُ الطَّعامِ وَٱزْدادَ فَرَحًا, وكانَ يقفزُ من كَنَبَةٍ إِلى أُخرى ومن الطّاوِلَةِ إِلى الثَّلاجةِ من فوقِها ويُدْخِلُّ جَوَّ المَرَحِ إِلى الْبَيتِ.
مَضَتِ الأَيّامُ وأَصبحَ عُمرُهُ خَمسَ سَنَواتٍ. وكانَ حُبُّ العائِله لَهُ يَزدادُ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ. وذاتَ يَومٍ وكانَ الْقِطُّ يلعبُ في البَلكون الشُّرْفَةِ قَفَزَ إلى أَسْفَل حتّى وَصَلَ إلى الطّابِقِ الثّالِثِ. فَدَخَلَ بَيْتَ الْجيران دونَ أَن يَراهُ أَحَد, وَٱخْتَبَأَ وَراءَ الثّلاجَةِ. لَم يَتَحَرَّك وَلَم يُسمَع لَهُ صَوْتٌ ولا مُواءٌ. وبدَأَتِ الْجدَّةُ عزيزَةُ تَبْحَثُ عَنْهُ وتَسأَلُ الْجيرانَ. وَقَد مَضى على غِيابِهِ خَمسَةُ أَيّامٍ. وبدأَتْ تساَلُ نفسَها: أينَ هُوَ؟ هل خَرَجَ من الْبَيتِ ولم يَسْتَطِعِ الْعَوْدَةَ, هَلْ خَطَفَهُ أَحَد؟ وبَدَأَ خَوْفُها يزدادُ عَلَيْهِ. وهي َتَطلُبُ من اللهِ أَن تَجِدَهُ.
خَرَجَ جَميعُ أَفرادِ الأسرَةِ إِلى الشَّوارِعِ يبحَثونَ عَنهُ، ولكنَّهُم لم يَجِدوهُ. وفي اليَوْمِ الْخامِسِ, بَيْنَما كانتِ الْجارةُ الَّتي تسكُنُ في الطّابِقِ الثّالِثِ تُمَسِّحُ وتُنَظِّفُ بَيْتَها، وَأَرادَتْ أَن تُزيحَ الثّلاجَةَ لِتُنَظِّفَ وَراءَها، وإِذا بِها تَتفاجَأُ عندَما شاهدَت الْقِطَّ چوچي مُختَبِئاً يَرْتَجِفُ مِنَ الخَوْفِ. فَرحَت فَرَحًا كَبيرًا عندما وَجَدَتْهُ. فحَمِلَتْهُ وَصَعَدَتْ بِهِ إِلى الطّابِقِ الخامِسِ إلى الجَدَّةِ عزيزَه، وأَخبَرَتْها كَيفَ وأَينَ وَجَدَتْهُ. قَفَزَت الجَدَّةُ من شِدَّةِ الفَرَحِ وَحَضَنَتْهُ بَيْنَ ذِراعَيها وأَخَذَت تَشِدُّهُ على صَدْرِها لِحُبِّها لَهُ. وهُوَ ينظُرُ إِلَيْها بإِطْمِئنانٍ. وبِسُرْعَةٍ وضعَتْ لَهُ الطّعامَ والْماءَ, وكانَ يَشْعُرُ بِشِدَّةِ الْجوعِ والْعَطَشِ لأَنَّهُ لم يَأْكُل ولم يَشرَبْ طيلَةَ الأَيّام الْخَمسَةِ .
عادَ الْفَرَحُ إِلى الْبَيتِ بِعَوْدِةِ الْقِطّ چوچي. وغَمَرَ الْبَيْتَ جَوٌّ مِنَ الْمَرَحِ واللَّهْوِ والأمانِ والإِطْمِئنانِ. شاكِرينَ اللهَ على عَوْدَتِهِ. وٱحتَفَلَ أَهلُ الْبَيتِ برُجوعِهِ سالِمًا. وقَد دَعَوْا الجيرانَ لمُشارَكَتِهِم الْفَرْحَه وتهنِئَتِهم بسَلامَةِ الْقِطِّ چوچي. القِطّ المُجازِفُ والْبَطَل.

صحيحٌ أَنَّ الحَيوانَ صَديقُ الإِنْسانِ. فَارْفِقْ بِهِ تَكسَبْ رِضاه.
 

مقالات متعلقة