الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 18 / أبريل 08:02

شيرين أبو عاقلة ملهمة الكُتّاب

بقلم: منجد صالح

منجد صالح
نُشر: 01/07/22 19:49,  حُتلن: 23:29

كما كانت شيرين أبو عاقلة نجمة في حياتها اصبحت سرمديّا نجمة في استشهادها. ألهمت شيرين أبو عاقلة باستشهادها عشرات بل مئات الكُتّاب والشعراء للكتابة عنها والتغنّي بها وبمناقبها وحياتها المهنية وبطولتها ووطنيّتها وهذه "الاطنان" من محبّة وحب الفلسطينيين لها، حُب الناس في كلّ مكان لهذه الصحفيّة القديرة المُثابرة اللطيفة الحصيفة النقيّة عالية التهذيب رقيقة دمثة كنسمة الجنوب تهبّ وتُداعب مُحيّا الانام في البيوت والعمارات والخيام.

العديد من الكُتّاب والشعراء كتبوا وأبدعوا في كتاباتهم وقصائدهم عن الشهيدة شيرين أبو عاقلة.

من أجمل ما قرأت عن شيرين أبو عاقلة نصّا بديعا بعثه لي الكاتب الصديق نضال لافي. يقول لي نضال:
- "صديقي العزيز يؤسفني أن اقدّم لك الخبرالعاجل!!!! لكن يسُرّني أن أسمع رأيك.
يقول نضال لافي في مقاله البديع الوازن الرزين عن شيرين:
"شيرين أبو عاقلة الخبر العاجل... وختمت شيرين أبو عاقلة الخبر العاجل، الخبر الاخيربكلمات الوداع على أمل اللقاء قائلة: كنت معكم وسأبقى.. أنا الشاهد الشهيدة شيرين أبو عاقلة الجزيرة القدس- فلسطين...شيرين أبو عاقلة الخبر العاجل .. في الحادي عشر من أيّار في المُخيّم المُحاصرنارٌ وثوّارٌ وآلات موتِ الغُزاة تُطوّق المكان، تسدّ الشوارع والحارات خفافيشُ ليلٍ علت الاسطح لتقنص الحمام وتقتل الاحلام، ورائحة البارود والموت تملأ المكان... كانت هُناك.. في الصفوف الاماميّة مُرابطة كاشفة الحقيقة الشاهدة لجنين والقدس وفلسطين، حارسة لا تكلّ ولا تملّ.. تُساهر القمر ولا تنام إلا حين ينام، تحرس البيدر وترصد الدُخلاء، توقظ الشمس من غفوتها لتُبدّد الظلام وتكشف الغُزاة... جاء الخبر العاجل فجرا صادما وليته ما جاء.. خبرٌ بسرعة البرق في الهشيم انتشر كالنار.. خبرٌ عاجلٌ وأيّ خبر!!! فتسمّرت العيون أمام الشاشات والانفاس شاهقة تسأل: أين شيرين؟؟ الكلّ ينتظرها ليسمع صوتها.. لتُبدّد المخاوف والاوهام ولتُقدّم كعادتها يقينا الجواب.. شيرين لم تظهر المرّة، شيرين لم تقرأ الاخبار!! خبرٌ ضرب الجميع كزلزال، تبعه دمارثمّ اعصار، خبرلم يُبقِ عقلا في رأس ولم يذر.. خبرٌ حبس الانفاس واطلق الآهات.. فعلى أرض مُخيّم جنين الشهداء أصيبت شيرين برصاص قنّاص حاقدٍ ساقطٍ.. فسقطت شيرين لتّعانق تراب جنين وتسقيه من دمها الطاهر، لتُنبت شيرينا وألف شيرين وشيرين، لتُنبت حرائر وثوّار.. سقطت شيرين لابسة لباس الميدان والفرسان والتحقت بركب الشهداء. خبرٌ عاجلٌ صادمٌ وأيّ خبر!!! شيرين صعدت روحها الطاهرة للسماء.. ففي كلّ بيت فلسطيني سال الدمع أنهارا، في كلّ بيتٍ نُصب العزاء، فهذه شيرين وليس أيّا كان، هذه شيرين!! ففي كلّ بيت فلسطيني ومنذ زمان لها مكان، بل لها صدر الدار في كلّ زمان ..كان لهم معها ذكريات وحكايات .. كانوا يرتشفون القهوة معها كلّ صباح ويشربون الشاي بمعيّتها بعد الغداء.. يتسامرون معها حين تطلّ عليهم عند المساء ويغفون على صوتها الدافئ يُطمئنهم أنّ فلسطين بخير، وتودّعهم على أمل اللقاء كلّ صباح إلا هذا الصباح. هي ابنة القدس الشريف وحاراتها العتيقة.. خمسون عام وعام مرّت كنسمة وشيرين تسكن في القدس، والقدس تسكنها في كلّ قطرة في عروقها جارية، فهي منها واليها سارية.. في باب العمود والخليل وعلى كلّ الابواب كان لها وقفات وذكريات، كان صوتها يملأ المكان وكلّ الزمان، في ساحات الاقصى كان لها صولات وجولات .. فقرعت لها الكنائس معا ولاوّل مرّة، وفي ذات اللحظة كلّ الاجراس. في الشيخ جرّاح وسلوان كانت لهم بالمرصاد.. في كلّ اجتياحٍ للمدن والقرى والمُخيّمات، والشوارع خاوية إلا من آلات القتل والدمار، إلا من الضباع والغربان السود تنعق بالخراب.. كانت تحمل روحها على راحتيها، تبحث بين الانقاض عن الاحياء، وكانت تعدّ وتودّع الشهداء.. كانت تكشف زيفهم وكذبهم وخزيهم وعارهم، كانت تفضح الدخلاء الغرباء. كانوا يكيدون لها كيدا منذ زمان، إلى أن اتخذوا اليوم القرار.. آهٍ يا شيرين وألف آه.. سؤال يتبعه ألف سؤال.. لماذا اختارت شيرين هذا المكان بالذات؟؟ مخيّم جنين، بل جنينغراد كما وصفه الختيار أبو عمّار. لماذا اختارت منه الرحيل والصعود للسماء؟؟ من جنين بدأت الشهيدة الشاهدة نحو القدس رحلة الوداع عروسا زُفّت على أكتاف الرجال والثوّار، ثوّار يعشقون الحياة وان مضوا للموت مضوا بفرحٍ وثبات.. مضوا شهداء .. فزغرد لها الرصاص وغنّت لها نساء فلسطين: "قولوا الله قولوا الله، هاي شيرين عروس فلسطين مش حايلله" .. فبكتها البلاد وبكاها العباد....".

أنا بدوري علّقت على هذا النص البديع، نص الكاتب المبدع نضال لافي، وقلت له:
-"من على بيادر فلسطين وقت الحصاد والسماء صافية بلا سُحُب شاهد الفلسطينيّيون نجمات درب التبّانات وقد زادت نجمة جديدة شديدة اللمعان اسمها شيرين التي أزهرت في يوم استشهادها مزيدا من الشيرينات... نصّك بديعٌ جميلٌ رشيقٌ مدبوزٌ بالبراعة والبلاغة والورود والزهور".

نضال لافي بدوره ردّ تحيّتي له قائلا:
-"صباحك سعيد يا غالي، كُلّك جميل واجمل ما فيك اصالتك في الحفاظ على المُصطلحات العاميّة العميقة الاصيلة، فمن يعرف من جيل اليوم معنى كلمة مدبوز؟؟ كم كُنّا نقول كانت الصحّارة مدبوزة دبز فقّوس... دُعائي لك بالصحّة والعافية وهداة البال .. جُمعتك وعائلتك مباركة ان شاء الله".

*منجد صالح - كاتب ودبلوماسي فلسطيني

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com

مقالات متعلقة