الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 17:02

أجهل من ابي جهل

د. نائلة محاجنة

د. نائلة تلس
نُشر: 20/05/22 23:54,  حُتلن: 00:42

من المؤسف أنّه، وعلى الرغم من الإنجازات الكبرى التي حققتها البشريّة، في حقبات تاريخها، من حيث الحيثيات الحياتية وتنمية وعيها وادراكاتها للحقوق الإنسانيّة والاجتماعيّة، وكم الشعارات التي تشهد العمل بمقتضى مبادئ العدل والمساواة وتكافؤ الفرص إلاّ أنّ ذلك لم يستطع مَحْو القيم الذكوريّة من تدوين المجتمعات والدول ولم يقلص حدود فاعليتها في العلاقات بين الرجل والمرأة. ولا نبالغ اذ قلنا إن الذكوريّة المشترك الثقافـيّ والقيميّ الوحيد بين المجتمعات والأمم.

ومن يدعي غير ذلك، فليستنظر أيّ بلدٍ في العالم يعتقد أنّه الأكثر تطوُّرًا وتقدُّمًا، وليُناظر بما احتاز فيه الرجال مقارنة بالنساء من فٌرصٍ وأنصبة. وباعتقادنا ان التفسيرات لذلك مأتاها من مبادئ اجتماعية أكثر عمقا من عوامل دينية-قومية.

يخلق الرجل والمرأة بخصائص بيولوجية مختلفة ولكنهما يتشاركان بالخصائص الإنسانية والقدرات الذهنية والمعرفية، وفي ذلك يتأتّى دور التنشئة الاجتماعية وترسيخ القيم والمفاهيم في ابراز الأدوار والمكانات والذوات المتمثلة في إمكانيات الانسان المتاحة والاحياز التفاعلية في مجتمع ما. ولا يخفى على ذهن أي منا توجهات الاسرة بكمية العبارات والسلوكيات التي تنمي مفاهيم القوة والمسؤولية والانجاز لدى الذكر مقابل مفاهيم الضعف والحماية والتبعية لدى الانثى مع الاخذ بالاعتبار ان هناك عوامل أخرى مثل لعب الأدوار والتخصيص في الألعاب التي تعزز تلك الفوارق والمفاهيم... وحين نستقصي هؤلاء الأطفال في مرحلة البلوغ ندرك ان هناك الكثير من جوانح هذه التنشئة قد أتت اكلها في التعاملات الحياتية واليومية الاجتماعية، فنرى الاب والاخ والعم والخال امتدادا لهذا النهج الذي أحيانا يكون هو في ادنى "مكانة" وفقط لأنه ذكر- تتحوّل مفاهيمه الى ممارسات سلوكية استعلائية قمعية للأنثى، من خلالها يغذي نزعته الذكورية باحتكار السيطرة وتنامي الشعور باستصغار إنجازاتها ونجاحاتها، وأحيانا عجزه يتمثل بلجوئه الى أتفه الممارسات التي تنم عن صيغ واهية تنم عن جهله وتدني فكره وهي مقاطعتها والتحريض لتهميشها.

بالتأكيد الشواهد اليومية والتجارب الحياتية التي تتفاقم في حياتنا يوما بعد يوم تؤكد بان الانثى تستطيع ان تقود المسارات المختلفة العائلية والاجتماعية والسياسية والأكاديمية دون الحاجة لدعم الرجل. وكما قال الشاعر "تجري الرياح كما تجري سفينتنا نحن الرياح و نحن البحر و السفن ُ
إن الذي يرتجي شيئاً بهمّتهِ
يلقاهُ لو حاربَتْهُ الانسُ والجنُّ
فاقصد إلى قمم الاشياءِ تدركها
تجري الرياح كما رادت لها السفنُ".

حتى وان سعوا الى طمس هويتها وكبت طموحها وتقييد مساحاتها، ايمانها بإرادتها واصرارها على المضي في تحقيق منشودها هو ملاذ نجاة الفكر الذي يسعى الى الشراكة والتبادل والتعاون والتفاعل والاستمرار والعدالة الاجتماعية من خلال تطور جمعي بنائي. ونقول "علمتها الحياة ان تواجه الإعصار وحدها بشموخ... وان تكون سندا لنفسها دون رضوخ وان الحياة مواقف بها الأقنعة تسقط بسلوخ وسبحان من حط العبر بالنهايات بكل وضوح".

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة