الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 18 / أبريل 14:02

يدينون مجازر غيرهم وهم أصحاب تاريخ بارتكابها

بقلم: أحمد حازم

أحمد حازم
نُشر: 10/04/22 11:21,  حُتلن: 13:40

من سخريات القدر، أن يقوم وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، بإدانة ما أسماها مجازر في أوكرانيا، وهو نفسه ينتمي إلى دولة لها تاريخ عريق في ارتكاب المجازر. وعلى ذمة صحيفة "معاريف"، فإن لابيد قال خلال اجتماعه الأخير قبل أيام مع وزيري خارجية اليونان وقبرص في أثينا: " إن العالم يواجه في الأيام الأخيرة أوقاتاً ليست سهلة، توجد حرب في أوروبا مجددا... دولة كبيرة وقوية تغزو بدون أي مبرر دولة أصغر وأضعف منها... مجددا تمتص الأرض دماء الأبرياء، وأن الصور والشهادات التي تصلنا من أوكرانيا مخيفة، والقوات الروسية نفذت جرائم حرب ضد السكان المدنيين العزل وأنا أدين بشدة جرائم الحرب هذه".


"شوفو مين بحكي". وزير خارجية دولة احتلت وطناً بأكمله وشردت أهله، ولا تزال تمارس أيشع سياسات العنصرية ضده يتحدث عن رفضه للإحتلال وإدانته للمجازر، ونسي أن دولته "الموقرة" ارتكبت مئات المجازر بحق الشعب الفلسطيني.
لابيد فتح فمه وتحدث بدون خجل أو حياء من تاريخ بلاده الاحتلالي عن إدانة مجازر القوات الروسية في أوكرانيا. لكن "مستر لابيد" تناسى أن من يدين المجازر، يكون تاريخ بلده على الأقل نظيفاً، وليس ملوثاً كما هو الحال مع إسرائيل. تحدث لابيد مع لنظيريه اليوناني والقبرصي عن "غزو دولة قوية لجارتها الضعيفة والصغيرة، وعن مقولة "امتصاص الأرض دماء الأبرياء".


أعتقد بأن كل الناس يحق لهم الحديث عن ذلك باستثناء إسرائيل. فالأرض الفلسطينية هي التي امتصت دماء أبرياء سقطوا عليها بسبب مجازر ارتكبتها إسرائيل. لن أستشهد في هذا الصدد بمصادر عربية، بل بمصادر عبرية عما ارتكبته العصابات الصهيونية خلال أحداث النكبة الفلسطينية عام 1948، من عشرات المجازر التي راح ضحيتها آلاف المدنيين الفلسطينيين في مختلف القُرى والمُدن. وبحسب تقرير لصحيفة "هآرتس" العبرية عام 2019، فإن فرق من وزارة الدفاع الاسرائيلية أزالت منذ أوائل العقد الماضي مجموعات من الوثائق التاريخية لإخفاء دليل النكبة والفظائع التي رافقتها، كما حاولت إخفاء شهادة من جنرالات حول قتل المدنيين وهدم القرى، أو طرد البدو خلال العقد الأول من قيام إسرائيل.


مجازر دير ياسين،الطنطورة، كفر قاسم، خان يونس، المسجد الأقصى، الحرم الإبراهيمي ومذبحة مخيم جنين، وغيرها، هي وصمة عار على جبين إسرائيل التي تتحدث بكل وقاحة عن إدانة مجازر غيرها. وزير الخارجية الإسرائيلي، قال إن العالم "يشهد أوقاتا صعبة" في اشارة منه إلى حرب روسيا على أوكرانيا. نعم نحن نوافقه الرأي، لكن يجب تصحيح رأيه، لأن الأوقات الصعبة التي يشهدها العالم لم تبدأ منذ الحرب على أوكرانيا والتي بدأت الأسبوع الأخير من شهر فبراير/شباط الماضي، بل بدأت هذه الأوقات الصعبة منذ أربعة وسبعين عاما أي منذ احتلال إسرائيل لفلسطين.


نعم. يا سعادة الوزير يائير لابيد، عديم الإحساس في الآراء التي تطرحها على نظيرك اليوناني والقبرصي، أن الأرض "تمتص دماء الأبرياء"، وأكبر مثال على ذلك الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في القرن الماضي، حيث امتصت الأرض الفلسطينية دماء ضحايا الإرهاب الصهيوني، دون أن يلتفت ما يسمى بـ "العالم الحر" لما ترتكبه إسرائيل من مجازر، لكن هذا العالم غضب وثار لما يجري في أوكرانيا.


المواطن الإسرائيلي والغربي لا يعرف أبداً عن المذابح التي ارتكبتها إسرائيل والعصابات الصهيونية ضد الفلسطينيين، لكنه يحفظ عن ظهر قلب تفاصيل "الهولوكوست" ويعرف أرقامها، ولا يجرؤ أحد في المجتمعين الأوروبي والأمريكي التشكيك فيها ، وإن فعل أحدهم ذلك فهو "معادٍ للسامية". هذا المواطن لا يعرف (ولا يجوز له أن يعرف) عن عمليات قتل وعنف وقمع وظلم بحق الفلسطيني، وإنما فقط يعرف شيئا آخر: يعرف المواطن الإسرائيلي والغربي أن الفلسطينيين "يمارسون الإرهاب" في المدن الإسرائيلية، وينشرون الذعر والرعب هذا تحديدا ما يعرفه هؤلاء المواطنون.


إذا كان تاريخهم ينحصر في "هولوكوست" واحدة ارتكبتها أوروبا بحقهم ولا علاقة للعرب بها، فإن تاريخ العرب بشكل عام والفلسطينيون بشكل خاص مليء بـ "هولوكوسات" من نوع آخر ارتكبها هؤلاء الذين عانوا من "المحرقة" أيام النازية وسار على دربهم الأحغاد والتاريخ شاهد على ذلك. ثم يأتي حفيد من هؤلاء عديم الضمير والأخلاق اسمه "يائير لابيد" ويتحدث بكل وقاحة عن إدانة مجازر الجيش الروسي بحق أوكرانيا. من لا يستحي يفعل ما يشاء.


(صياماً مقبولاً وإفطاراً شهيا)

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   



 

مقالات متعلقة