الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 18 / أبريل 05:02

القراءة والعمل والامتلاء/ بقلم: بكر أبوبكر

بكر أبوبكر
نُشر: 16/03/22 07:33,  حُتلن: 10:16

مما ينسب للمفكر والكاتب العربي الكبير عباس محمود العقاد قوله: "لست أهوى القراءة لأكتب، ولا أهوى القراءة لأزداد عمراً في تقدير الحساب .. و إنما أهوى القراءة لأن عندي حياة واحدة، وحياة واحدة لا تكفيني ، والقراءة - دون غيرها - هي التي تعطيني أكثر من حياة ، لأنها تزيد هذه الحياة من ناحية العمق." ويقول أيضًا: "اقرأ كتاباً جيداً ثلاث مرات أنفع لك من أن تقرأ ثلاث كتب جيدة" .

بينما يقول المؤرخ الانجليزي "أرنولد توينبي": "ليست العبرة في كثرة القراءة، بل في القراءة المُجدية".

لا خلاف لدى الانسان الواعي على أهمية التعليم والثقافة والقراءة وهو سياق ماكان ممن يهتمون ببناء أنفسهم وعقولهم وتطوير ذواتهم والسعي للتغير الداخلي (في ذات الانسان)، والخارجي وعليه فإن القراءة المفيدة لا شك بضرورتها لاسيما وأنها أحد أبرز سبل التعلم.

ولكن الاقتصار على مجهود القراءة منقطعًا عن العمل سيزول أثره، وهنا من الممكن ان نستفيد من قول الرسول صلى الله عليه وسلم باقتران الفكر أو الثقافة أو العلم والمتحصل بأحد أهم مخرجاته من القراءة العميقة مع العمل بتأكيده على "العمل" و"العلم" و"المال" فهي الأثر الباقي. يقول رسول البشرية صلى الله عليه وسلم " إذا مات ابن آدم؛ انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له ".

هنا ننظر لواقع العمل السياسي الوطني ونشأة الثورة الفلسطينية التي تبرمت بالتنظير الكثير الذي أحاط بها، والشعارات الكبيرة بلا فعل، فلجأت للعمل والمبادرة أولًا ما سبغ صورتها الحراكية حتى اليوم بفكرة الانجاز والمبادرة الى الدرجة التي قد يضحي فيها الكادر بالعلم والثقافة أو القراءة لغرض الاقدام على العمل!

لكن الحقيقة الثابتة أن العلم والعمل مقترنان ومن هنا تأكيدنا الدائم على أهمية بناء الذات بالمكونين معا وعبر عشرات الوسائل والتي في مقدمتها القراءة.

وكنت قد كتبت سا بقا أقول: إن العالِم الذي لا يقرأ لا يعتد برأيه، والكاتب الذي لا يبحر بين السطور لا رأي له، والإنسان المواطن الذي يستغني عن الكتاب يضع حائطا متينا بينه وبين الفهم والتصحيح، وعضو الحركة الذي يأنف التعامل مع الكتاب فلا يقرأ يوميا سيصحو يوما ليجد نفسه في خانة التاريخ.

أن القراءة اليومية لعضو الحركة/الجماعة/المنظمة/المجتمع ضرورة لا غنى عنها فهي تعميق للأفكار الايجابية وانفتاح على الجديد، ووعى لا بد من تنميته وتبصّر عظيم، فالعقل بما يُملأ والنفس بالألطاف، والتجدد في القارئ سمة المنفتحين وميزة السائرين على درب الكبار وفكر العلماء وقيم حضارتنا العربية الإسلامية .

وكما يقول المفكرون فإن القراءة ليست هواية كما هو شائع، فهي غذاء العقل (تجعل العقل مليئًا بما يفيد –المفترض- وليس حشو أو غثاء، او علم لاينتفع به) وتتضح أهمية القراءة من كلام الكاتب الكبير "جراهام جرين": "أحيانا أفكر أن حياة الفرد تشكلت بواسطة الكتب أكثر ما ساهم البشر أنفسهم في تشكيل هذه الحياة".

القراءة ضرورة أساسية في حياة البشر، والوسيلة التي يعتمد عليها الشخص لتنفيذها هي المطالعة مقترنة بالقراءة ولازمة لكي يتحقق فعل القراءة بواسطة الانسان.

والقراءة مهارة متاحة لأي شخص بعكس كثير من المهارات الأخرى، لكنها صعبة في نفس الوقت لأنها تتطلب عزيمة وإرادة وتخصيص وقت وقدرة من صاحبها من السعي ورائها وطلبها والمداومة عليها لتكوين ثقافته الخاصة به طيلة حياته فيمتليء بالكثير ولا يكون انسانًا خاويًا.

الكثيرون يحبون الكتاب الورقي لما لملمسه ورائحته وألوانه والتفاعل اللمسي والروحي معه من أهمية وهناك من يلجأون للشابكة (انترنت) وربما الاثنين.

ضمن وسائل التواصل الاجتماعي المفتوحة هذه الأيام فمعظم الكتب (الالكترونية) متوفرة في مكتبات الشابكة (انترنت) وعبر عديد التطبيقات، ولا يبقى الا امتلاك إرادة القراءة وتخصيص الوقت واعتبار ذلك حاجة لابد منها والا سينساق المرء للسهل السلس من غثاء وسخافات الشابكة. 

مقالات متعلقة