الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 12:02

حق للأهل أن يقلقوا على مستقبل أولادهم

بقلم: د. صالح نجيدات

د. صالح نجيدات
نُشر: 04/03/22 19:36,  حُتلن: 18:44

يحق لك ايتها الام وأيها الاب أن تقلقا على مصير ومستقبل أولادكم، يحق لكل انسان في هذا الكون أن يقلق على مصيره، بسبب فقدان الانسانية، والرحمة والعاطفة والشعور مع الآخرين وكذلك فقدان العدالة، فأصبحت الاكثرية الساحقة من البشرية كاللآت والتكنولوجيا التي يتعاملون بها، الانسان أصبح رقما فقط بلا روح. القتل أصبح بضغط زر من بعيد، والقاتل لا يرى الدم ولا يرى كيف تتألم الضحية أو القتيل، فأصبح الانسان خالي الشعور تجاه اخيه الانسان، لا يشعر بألمه وأنينه وصرخاته وعذابه.

لقد فقد العدل والأمن والأمان وفُقد الشعور والانتماء الى المجتمع. الكثير من البشر تقوقع داخل نفسه وبيته وأصبحت العلاقات مع الآخرين ضعيفة، وأصبح الكلامُ بلا طعمه ومُرٌّ، والحق مات عند البشرية، فهو ينازع ويحتضر والعدالة تلوثت بالتراب، وأصبح الحكم على الانسان حسب الغايات والانتماء والقوة لا حسب العدالة، ففعلوا بالعدالة ما فعلوا. المعاهدات والقوانين الدولية ومنظمات حقوق الانسان لم تحمي و لم ترحم دماء الانسان التي سالت بغزارة ولم توفّر له الأمن والأمان، ولم تزده إلا جراحًا تتسع كل يوم.

الشعور بالإهانة وهضم الحقوق لا يمكن وصفه لان الله خلقنا َمع كرامة، فإذا ما مست كرامتنا تألمنا وسندافع عنها بكل شراسة.

الحياة تغيرت كثيرا، فحياة الانسان أصبحت رخيصة والموت أصبح بالجملة، وقل الاحترام بين الناس وكذلك الحياء وقانون الغاب هو السائد في هذا العالم للأسف الشديد وبالذات عند الدول التي تدعي انها حضارية وحقوق الانسان عندها مقدسة ولا ننسى أن هذه الدول قبل سبعين عاما قتلت في الحرب العالمية الاولى والثانية ولا زالت تقتل حتى يومنا هذا بأسلحتها الفتاكة التي تبيعها الى تجار الحروب الملايين من بني البشر.

الانسان يعيش واقعًا مرا، لكن لا أحد يتقبل هذا الواقع وما يجعلنا نتحمل هو قدرتنا على خداع أنفسنا!

الكثير منا يكذب على نفسه، لدرجة أن الأكاذيب التى نرددها أصبحنا نؤمن بأنها حقائق، ونحن نتخيل أن الكذب مريح وهذا غير صحيح، فلا أحد يشعر بالراحة.

الراحة الحقيقة هى راحة النفس وهذه غير متوفرة، لأنها مرتبطة براحة الضمير والظروف المحيطه بنا، والمؤكد ان الضمير تعبان وضعيف، فالماديات تحكم العالم، والتعاسة والبؤس أيضا، والإنسان من أجل المادة بات مستعدًا أن يقتل ويظلم الآخرين، ومستعد أن يدوس على جثث الآخرين من أجل الوصول الى تحقيق أهدافه ويبني سعادته على تعاسة ومعاناة الآخرين.

البعض يعتقد أن حياته أفضل بلا ضمير، فعندما يغيب الضمير، عندها يتجرد الانسان من انسانيته، وتتعقد الحياة، ويحول الناس حياة بعضهم البعض إلى جحيم! 

حتى احلامنا لم تعد مريحة، معظمها صارت كوابيس، فالكل قلق على يومه وغده ومستقبل اولاده، ولا شعور بالأمان، وهذه معاناة الجميع، وهى مأساة الإنسان فى كل زمان ومكان.

ضغوط الحياة أفقدتنا الراحة، و أفقدتنا البهجة، وأفقدتنا ذاكرتنا، وإنسان بلا ذاكرة وبلا ضمير ووازع ديني كالسفينة بلا بوصلة تتلاطمها الأمواج، وتهوى بها الرياح الى مكان سحيق.

كل شيء يدعو للقلق. الكل مشغول بنفسه. كثيرون فقدوا إنسانيتهم. ضاع الشعور بالواجب والشعور بالرحمة، والتعاطف مع الغير وأصبحنا كلنا خائفون من كل شيء.

والأخطر من كل هذا لا زعيم لدولة كبرى يقود هذا العالم الى شاطئ الامان، بل الدول الكبرى هي سبب المشاكل في العالم لأنها تريد استغلال الدول الضعيفة وسلب ثرواتها، وهي تقف من وراء المجموعات الارهابية التي أقامتها من أجل خلق الفوضى الخرابة وهي من وراء ما يحدث من عنف وانفلات وسفك دماء، ومأساة قابيل وهابيل تتكرر، الأخ يقتل أخاه وجاره وصديقه وآخرون لا يعرفهم، لمجرد الثأر أو الانتقام أو الجريمة، والخوف من الآخر يدفع لتصفيته، وهذا ما يفتح أبواب الجحيم.

والسؤال: إلى أين نحن ذاهبون ؟ لا أحد يعرف، فالمشاكل لا تنتهي، والحرب تبدأها شرارة ولكن يظل الحلم قائما الى غد أفضل، ولكن ايضًا الأحلام يلزمها وقائع تستند إليها، حتى تصبح حقائق.

ولا أمل إلا بعودة الضمير وإنسانية الانسان، والوازع الديني الذي يعمل على التوازن في شخصية الإنسان، فعندما يغيب الضمير والإيمان والروحانيات عند الانسان، تحكم وتسود الغرائز والتعاسة والبؤس واليأس والجفاء والتوتر والقلق هذا العالم! 

أصبحت أشعر بجرح أكبر من كبير، جرح لو شاءت الأقدار وخرج إلى العلن لأبكى الصخور حزنا على وضع الانسانية.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة