الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 17:02

الثقافة في التنمية، والاقتصاد/ بقلم: بكر أبوبكر

بكر أبوبكر
نُشر: 28/02/22 09:31,  حُتلن: 09:52

استكمالًا للحديث عن الهيمنة الغربية يمكننا هنا القول أن دور الثقافة في التنمية الاقتصادية تتجلى في مقولة المفكر الاقتصادي "كليرنس ايرس"، الذي قال أن: "أهم عامل في الحياة الاقتصادية لأي شعب هو مستواه الثقافي ، وليس هناك مثال واحد على شعب يتمتع بمستوى رفيع من الثقافة، وفشل في تحويل اقتصاده إلى اقتصاد صناعي متقدم".

إن الغرب المهيمن بقيادة "البلوتوقراطية-حكم الرأسماليين الأثرياء" بات يهدد كل القيم المجتمعية والثقافية للأمم أجمع، بما فيها أمتنا العربية الاسلامية المسيحية-المشرقية المتميزة بقيمها، وذلك على مظنة أن الاجتياح الاقتصادي والمعلوماتي المهيمن عليه من الغرب سيكون -بل وكان- السبيل لتغيير طرائق تفكير الأمة وأولوياتها، مانراه اليوم بالانعزالية العربية التي وصل بها الحد لتقبّل الرواية الصهيونية بعد أن داستها خيول الغرب الاستعماري الاستهلاكي فحولتها الى أشلاء ممزقة، والى حطام أمة لا تعرف من الاسلام أو المسيحية، مسيحيتنا (المشرقية الملتزمة) شيئًا!

بل وأصبح من أبناء جلدتنا من ينظّر لتقسيم الأمة! وتشرذمها ويحتقر نفسه باحتقارها، ويدعم العدوان الأمريكي الرأسمالي والغزو الصهيوني اقتصاديًا واجتماعيا ولا يخشي التغيير الثقافي!؟

وبحيث تحولت الأمة (كنتم خير أمة!) الى جموع من المسلمين أو المسيحيين في منطقتنا الذين يمارسون الشعائر بلا روح ولا عمل! وهو المطلب الأصل والغاية الكبرى الذي قامت على أساسه معجزة الغرب أو مخططه الأثير في غرس خنجر الكيان الصهيوني الغازي بقلب الامة في فلسطين العربية في المبتدأ والخبر.

نعم استطاعت الهيمنة الاقتصادية الغربية برأس الرمح فيها أمريكا أن تحدث التغيير المجتمعي والثقافي وعبر الاقتصادي الاستهلاكي.

لننظر الى ما يقوله مفكرنا أحمد أبوغوش في الإطار الفلسطيني بكل قوة ووضوح في كتابه حول التنمية والاقتصاد المقاوم: "إذا تعارض الهدف الوطني مع الربح الاقتصادي يجب تغليب الهدف الوطني. فالسعي إلى الربح فقط يدفع باتجاه ارتباط أعظم بالاحتلال. والواقع الدولي والتطور الاقتصادي العام يدفع اليوم باتجاه التخصص في إنتاج السلع التي يتحقق منها للبلد المنتج ميزة نسبية، لأن الإنتاج الكبير يحقق أرباحا أعلى . هذا في ظل دولة مستقلة، لكننا وطالما نعيش في ظل حراب الاحتلال يجب ألا يكون الربح الاقتصادي هدفنا، بل التحرر الوطني. وهذا لا يعني أن لا نسعى إلى إنتاج يحقق أفضل ربح ممكن، لكن ضمن شرط الرؤية الوطنية الأساسي، وهو عدم تعارض أسلوب الإنتاج وشكله مع هدف التحرر الوطني".

لقد قدّست الامبريالية والرأسمالية الجديدة و"البلوتوقراطية" فكرة الفردية والربح الذاتي والأنانية الى الدرجة التي احالت المجتمع والاسرة اجتماعيا الى أشلاء ممزقة!

واستطاعت هذه الامبريالية الغربية وحارستها في منطقتنا أن تحول المجتمعات المجاورة في اقليمنا، وفي كثير من دول العالم المندرج والمنسحق من مجتمعات منتجة مكتفية تقدس العمل، كما أوصانا سيد الخلق، وتحترم الجوار وتعتز بأمتها وتنهد لمستقبل وحدوي حضاري الى الفردانية والوطنية الضيقة منزوعة الدسم (الفردية الانعزالية، والاقليمية والحزبية والعشائرية التمزيقية...) والأنانية لامتلاك الثروة، واحتكار السلطة، والى العقلية الاستهلاكية للأفراد المغفلين، وهم الذين أصبحوا لايملوّن الشراء لما يحتاجونه أو لايحتاجونه، و يقتنون بمبرر أوبلامبرر!

في هذا الشان نتقبس مع العملاق المفكر خالد الحسن حيث يقول في كتابه من يحكم الآخر محذرًا: (إن قطع القيادة صلتها مع الجماهير يقطعها عن القضية القومية، وبالتالي تتحول الى الذات) وتصبح الغرائز هي اليقظة ويصبح الاستهلاك هو محور التفكير) 

مقالات متعلقة