الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 11:01

حانا الابداع ومانا التسويق

بقلم: ناجي ظاهر

ناجي ظاهر
نُشر: 15/01/22 18:15,  حُتلن: 00:39

عرف عن أهل الابداع في مجالاته المختلفة، منذ فجر الإبداع الأول، أنهم يولون ابداعهم المرتبة الاولى في حيواتهم، ويصلون الليل بالنهار من أجل تقديم أفضل ما يمكنهم تقديمه من إبداع يضيف جديدًا إلى ما سبق وقدّمه مبدعون آخرون، اثرو الذاكرة الابداعية البشرية، وإلى جانب اهتمامهم هذا بالإنتاج، أولى هؤلاء توصيل ما أبدعته قرائحهم إلى عناوينه الصحيحة، فبذلوا جهدًا ما لأداء هذه الغاية الهامة لكن ليس المركزية في دائرة الابداع.

مع تقدُّم الحياة وتطوراتها اليومية المتسارعة، وتوفر الامكانيات المتجددة، يبدو أن المبدعين وجدوا انفسهم في دوّامة، فهم من ناحية يريدون أن يبدعوا وينتجوا، ومن أخرى يودون توصيل إنتاجهم إلى عناوينه الصحيحة، فماذا يفعلون والحالة هذه؟ هل يتحوّل هؤلاء عن همهم الاول، ويصبحون مسوقين لأعمالهم؟، هل يمكن أن يتحول الواحد منهم إلى مدير أعمال ويتخلّى عن هدفه الاول.. الإبداع؟

هكذا ابتدأت تظهر رويدًا رويدًا وظيفة جديدة بإمكانها أن تضيف إلى الابداع، تقف إلى جانبه وتسانده، هذه الوظيفة هي مدير الاعمال، مع مضي الوقت عزّز وجود هذه الوظيفة، ذلك الاهتمام المتزايد بالإبداع وأهله، وما يُدرّه من دخل وفير، هذه الوظيفة الجديدة نسبيًا في تاريخ الابداع البشري، سهّلت على المبدع مسالك إبداعه ومنحته الامكانية لأن يتفرّغ كلية لعمله الابداعي، تاركًا هموم المفاوضات وما تخلّفه من وقت، اخذ ورد، مجادلات ومناقشات لمدير اعماله.

هذه الوظيفة خفّفت عن الانسان المبدع وعفته مما قد يتعرّض له من احراجات وتبديدات للوقت والجُهد، وابتدأت مع مضي الوقت، في التحول إلى وظيفة هامة جدًا ولها مكانتُها في الحياة الثقافية عامة.

هذه الوظيفة ازدهرت في العالم الغربي لأسباب كثيرة، إلا انها لم تدخل إلى عالمنا العربي بصورة قوية وفعّالة، والسبب واضح، هو أن سوق الابداع ما زال محدودًا فيه، وهو في أفضل حالاته لا يدرّ دخلًا يُذكر على صاحبه، إلا في حالات شحيحة، ويكفي أن نذكر في هذا السياق أن ما يطبع من الكتاب الواحد حتى لكاتب ناجح مثلًا في عالمنا العربي كله، لا يعدو الآلاف في أفضل الحالات، بينما تتجاوز طباعة الكتاب الواحد الناجح بالطبع في اوروبا، الملايين من النسخ.

اما الصورة المُقابِلة في عالمنا العربي المحيط بنا، لهذه الغربية، فإنها تختلف كلية، ففي غياب المبدع ذي القدرات والامكانيات المادية، هذا المبدع الذي يُمكنه أن يثري من ريع أعماله، وبالتالي غياب وظيفة مدير الاعمال التابع له، فقد جعل الصورة مشوشة إلى حد بعيد، وحوّل البعض من المبدعين إلى مسوقين لأعمالهم. ومما يؤسف له أن مثل هذا الوضع اتخذ حالة كارثية لدى المبتدئين وأشباههم... للتأكد مما اقوله ادخلوا إلى الفسيبوك مثلًا وتابعوا تفاصيل الكارثة التسويقية التي تقيم سدًا منيعًا بين الابداع ومدعيه.. وهم في هذه الفترة يعدون بـ ..الآلاف.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوانalarab@alarab.com

مقالات متعلقة