الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 22:02

زُنزُن والمِرآة

بقلم: السفير منجد صالح

منجد صالح
نُشر: 18/12/21 07:44,  حُتلن: 08:19

(من سلسلة قصص زُنزُن للصغار بصدد الطباعة)

عندما كان زُنزُن طفلا لم يبلغ بعد الثلاث سنوات من عُمره المديد، اشترى أبوه مِرآة كبيرة طويلة كي يُثبّتها على حائط الممر المؤدّي إلى باب مدخل البيت الخشبي الثقيل القوي.


لكن والد زُنزُن وضع المرآة مؤقّتاً على الأرض و"ركنها" على الحائط حتى يأتي "بالعدّة" من مثقبٍ ومسامير وغيرها لتثبيتها في مكانها المُنتظر.


تصادف أن مرّ زُنزُن من أمام المِرآة فلمح نفسه في داخلها.
استدار حتى يتأكّد مما يرى فاستدار معه زُنزُن "الآخر" داخل المرآة.
رفع يده عاليا فرفع الذي في المِرآة يده عاليا.
وقتها انفجر زُنزُن في البكاء وبدأ يصرخ بأعلى صوته:
- بابا بابا تعال "شوف" ماذا يوجد في المِرآه!!
استغرب والد زُنزُن من صراخ ابنه وجاء إليه مُسرعا:
- ماذا بك يا زُنزُن .. ماذا جرى لك يا حبيبي.
وانحنى إليه وجثم على ركبتيه يعانقه ويحضنه ويُهدّئ من روعه.


زُنزُن، من بين صراخه ودموعه، يُحاول أن يُخلّص نفسه من حضن أبيه ويلتفت نحو المرآة مشيرا بأصبع يده إليها، قائلا بصوت مُتقطّع:
- بابا بابا، انظر .. هناك زُنزُن آخر في المرآة!!
اندهش والد زُنزُن مما يقوله طفله لكنه فهم تماما وتفهّم خوف زُنزُن من انعكاس صورته في المرآة، فربّما هذه هي المرّة الأولى التي يرى زُنزُن نفسه بحجمه الطبيعي الكامل في مرآة.
احتضنه مرّة أخرى وقبّله عدة مرّات وقال له:
- توقّف عن البكاء والصراخ حتى نرى ماذا سيفعل "الزُنزُن الآخر" داخل المرآة.
فعلا توقّف زُنزُن عن البكاء وأخذ يمسح دموعه بأصابعه.
ثمّ قال له أبوه:
- ابتسم الآن وانظر إلى المرآة.
فابتسم زُنزُن ونظر إلى المرآة فرأى زُنزُنا مبتسما داخلها.


فقال له أبوه شارحا له ماذا يجري بكل حبٍّ ولطافة وصبر:
- يا حبيبي، هذا الزُنزُن في المرآة هو أنت، هي صورتك، فالمرآة تعكس صورة الإنسان الواقف أمامها .. انظر صورتي أنا أيضا الآن في المرآة .. انها صورة، مجرّد صورة.
تنهّد زُنزُن عدة مرّات، ويبدو أنّه فهم ما شرحه له أبوه عن انعكاس الصورة في المرآة، فقال لأبيه:
- بابا، أريد أن أذهب لأحضر "دبدوبي" من غرقتي حتى أرى صورته أنا وهو في المرآة.
فاحتضنه أبوه وقال له:
- برافو عليك يا زُنزُن .. احضر دبدوبك والعب معه، لكن حذار أن تقترب من المرآة حتى لا تكسرها.
وقبل ذلك تعال معي إلى المطبخ حتى أعطيك لوحا لذيذا من الشكولاتة التي تُحبّها اشتريته لك وأحببت أن أعمل لك مفاجأة.
أخذ زُنزُن لوح الشوكولاتة وشكر والده و"طار" إلى غرفته ليُحضر دبدوبه.

* منجد صالح - كاتب ودبلوماسي فلسطيني

 موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة