الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 07:02

أهالي حي الشيخ جراح بالقدس يرفضون إخلاء منازلهم

بقلم: علي أبو هلال

علي أبو هلال
نُشر: 13/12/21 21:52,  حُتلن: 00:03

يواجه الفلسطينيون في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، التهديدات والمضايقات تارة، والاغراءات تارة أخرى من قبل سلطات الاحتلال والمستوطنين، لترك منازلهم وتسليمها للمستوطنين، وهذا هو حال الفلسطيني عبد الفتاح اسكافي الذي رفض عرضا إسرائيليا لبيع منزله في القدس بـ 5 ملايين دولار، ويؤكد أنه لن يخضع للمضايقات المستمرة على مدار الساعة من جانب المستوطنين الاسرائيليين لإجباره على ترك منزله. واسكافي هو واحد من عشرات الفلسطينيين المهددين بالإخلاء من منازلهم في حي الشيخ جراح للمستوطنين الإسرائيليين.

يذكر أن عائلة اسكافي أقامت مع 27 عائلة فلسطينية أخرى، في حي الشيخ جراح عام 1956 بموجب اتفاق مع الحكومة الأردنية ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا". ومنذ العام 1972 تخوض عائلة اسكافي وباقي العائلات صراعا مريرا بالمحاكم الإسرائيلية، في محاولة لنفي مزاعم المستوطنين ملكيتهم للأرض المقامة عليها المنازل، علما أن عائلته مهجرة منذ عام 1948، وكانت تسكن البقعة (على مشارف القدس الغربية) ولجأت إلى القدس الشرقية المحتلة.

تعيش عائلة اسكافي حاليا في الشيخ جراح في منزلها الذي تبلغ مساحته 130 مترا مربعا، ويقيم فيه 14 نفرا تضم أولاده وأحفاده، ويذكر اسكافي: "بيتنا في البقعة ما زال موجودا ويسكنه يهود، ولكن إذا ما ذهبتَ إلى هناك.. فسيجلبون لك الشرطة".

لمنزل اسكافي فسحة خلفية من الأرض فيها بعض الأشجار المثمرة، ولكن من أجل الوصول إلى المنزل عبر زقاق ضيق، فإنه يتعين المرور من جانب منازل استولى عليها مستوطنون خلال السنوات الماضية، وعلى أبواب المنازل كلمات باللغة العبرية، واستولى المستوطنون على المنازل في العام 2008، بعد طرد أم كامل الكرد وعائلتها من منزلهم.

يخشى اسكافي وأفراد العائلات الفلسطينية الأخرى في الحي، مصيرا مشابها مع إصرار جماعات استيطانية على وضع يدها على هذه المنازل. وتدعي جماعات المستوطنين إن الأرض المقامة عليها المنازل الفلسطينية في الحي كانت بملكية يهودية قبل العام 1948، ولذلك فهي تطالب بإخلاء العائلات من منازلها. ويستند المستوطنون إلى قانون أقره الكنيست الإسرائيلي في العام 1970 يسمح لليهود بالمطالبة بأملاك يقولون إنها كانت بملكية يهودية قبل عام 1948. غير أن القانون الإسرائيلي يمنع الفلسطينيين من المطالبة باسترداد أملاك لهم قبل عام 1948، حتى لو امتلكوا من الوثائق ما يثبت ملكيتهم لها.

قام المستوطنون عام 1972 بتزوير ورقة وقاموا بتسجيل الأرض استنادا لها في دائرة أراضي إسرائيل، ولكن وجد طاقم المحامين المدافعين عن منازل الفلسطينيين "بعد عملية بحث" ورقة تركية تنفي ملكية اليهود لهذه الأرض، ويوجد كوشان (وثيقة إثبات ملكية) باسم سليمان درويش حجازي يدل على أن هذه الأرض ملك لعائلة حجازي". ولكن المحاكم الإسرائيلية ترفض الوثائق التي قدمتها العائلات الفلسطينية، وتترك قرارات الإخلاء، التي غالبا ما يتمكن محامون فلسطينيون من تأجيلها في محاولة لكسب الوقت، ومؤخرا، عرضت المحكمة العليا الإسرائيلية على العائلات الفلسطينية البقاء في منازلها لفترة 15 عاما مقابل دفع الإيجار للمستوطنين. ورفضت العائلات الفلسطينية هذا العرض بعدما اعتبرت أن دفع الإيجار يعني إقرارا منها بملكية المستوطنين للمنازل.

لا تزال المضايقات مستمرة للفلسطينيين الذين يعيشون في هذه المنازل في الوقت الذي خسر سكان حي الشيخ جراح 3 بنايات في عامي 2008 و2009 واستوطنها المستوطنون، حيث بدأت تتفاقم المشكلات والمعاناة للفلسطينيين، وتعرضوا لكل أنواع المضايقات القذرة وغير القذرة بما فيها الإزعاج ومحاولات تهجير وضرب الأطفال والشباب. ويرفض اسكافي وسكان الحي الفلسطينيين رغد العيش بمقابل التنازل عن منازلهم. وقال اسكافي: "العروض مستمرة منذ السبعينيات، وأضاف: "عرضوا علينا الحصول على قطعة أرض في منطقة أخرى بالمدينة أو شقتين سكنيتين أو 4-5 ملايين دولار أمريكي، وحتى أكثر". واستدرك: "طبعا هذا مرفوض، بالنسبة إليهم الأموال ليست إشكالية، وهم يعرضون شيكا مفتوحا مقابل إخلاء المنزل.

رغم كل هذه المغريات والتهديدات التي يتعرض لها اسكافي وجميع أصحاب المنازل المهددة بالإخلاء، ألا أنهم يرفضون التفريط بمنازلهم، ويرفضون التنازل عنها، فهم أصحابها الشرعيين وهم يدافعون عنها بكل بسالة وقوة، ولم يرضخوا لطلبات المستوطنين التخلي عن منازلهم، على الرغم من كل حملات التنكيل والاعتداءات والاعتقالات المتواصلة والمستمرة، التي تعرضوا لها من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين، كما رفضوا كل الاغراءات المالية لبيع منازلهم، وهم يؤكدون كل يوم بصمودهم وثباتهم في منازلهم النموذج الذي يتحذى في الصمود والمواجهة والتحدي، وهذا يقتضي مساندتهم ودعمهم شعبيا ووطنيا ودوليا، لأنهم يدافعون عن حقوقهم الشرعية التي تكفلها لهم كل الشرائع والمواثيق الدولية والإنسانية.

*علي أبو هلال - محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة