الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 01:01

مطلبنا تفكيك ماحاش واقامة لجنة تحقيق مهنية مستقلة

بقلم: د. يوسف جبارين

د. يوسف جبارين
نُشر: 24/11/21 18:12,  حُتلن: 23:40

كانت مظاهرة سلمية بامتياز، في مقدمتها حمل الشباب على اكتافهم توابيتًا جاء عددها ليعبّر عن عدد ضحايا الجرائم في مجتمعنا العربي حتى موعد المظاهرة في الاسبوع الأخير من شهر شباط لهذا العام.
كانت المظاهرة السابعة على التوالي ضمن مظاهرات "جمعة الغضب" الاسبوعية التي نظمها الحراك الشبابي الموحّد امام مركز الشرطة في ام الفحم، وذلك بمشاركة جماهيرية حاشدة في كل اسبوع.

حشدت الشرطة صباح ذلك اليوم المئات من عناصرها في مدخل المدينة، مدججة بالسلاح والعتاد، ترافقها الوحدات الخاصة ووحدات "المستعربين"، وكذلك سيارة المياة العادمة والكريهة.

وما ان حمل المتظاهرون التوابيت الرمزية، بعد الانتهاء من اداء صلاة الجمعة، وما ان بدأنا بالتحرك صوب الدوار الاول في مدخل المدينة، انهالت علينا من كل صوب وحدب قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية وبدأت سيارة المياة العادمة بالتقدم نحو المتظاهرين ورشهم بخراطيم المياه الكريهة. وتكرر هذا المشهد القمعي ليطلق افراد الشرطة ايضًا الرصاص المطاطي بينما توجهنا الى ضباط الشرطة في المكان وطالبنا بايقاف اعتدائهم الوحشي والانسحاب من المدينة.
اكثر من اربعين مصاب تم نقلهم لتلقي العلاج في المراكز الطبية، من الشباب والنساء والاطفال، بينما كانت اصابة احد الجرحى خطيرة وخضع على اثرها لعمليات جراحية نجح الاطباء من خلالها بانقاذ حياته.

وجاء الرد من قبل الحراك الشبابي ولجنة المتابعة في الاسبوع التالي، وهو الاسبوع الثامن للمظاهرات، حين شارك عشرات الآلاف من اهالينا في المظاهرة القطرية التي دعت اليها لجنة المتابعة ضد العنف والقمع الشرطي، وضد تواطؤ الشرطة مع العنف والجريمة في مجتمعنا. كانت أحدى اكبر المظاهرات الجماهيرية التي شهدتها بلداتنا في الاعوام الأخيرة. بعدها، واصل الحراك الشبابي وواصلنا في ام الفحم المظاهرات الاسبوعية التي استمرت طوال اثني عشر اسبوع بشكل متواصل، شكّلت نموذجًا من العمل الوطني الوحدوي ومن الحراك الشعبي المطلوب في مواجهة العنف والجريمة.

قرار وحدة التحقيق مع افراد الشرطة اغلاق ملف التحقيق يعطي عمليًا الضوء الاخضر للشرطة واجهزتها للاستمرار باعتداءاتها القمعية وباستخدام العنف والقوة المفرطة ضد المتظاهرين العرب، وهو ينضم لسلسلة من القرارات ذاتها التي تغلق ملفات التحقيق وتعفي افراد الشرطة من اية محاسبة بعد اعتداءاتها المتكررة على المتظاهرين العرب. كل من كان معنا في المظاهرة، وكل من رأى التوثيق المصوّر لاعتداءات عناصر الشرطة وقوات الوحدات الخاصة على المتظاهرين في مدخل ام الفحم شاهد العنف الدموي من قبل هذه العناصر وكيف قامت وحدات الشرطة بالتنكيل بالمتظاهرين وقمعهم، ودلك رغم طبيعة المظاهرة السلمية ضد العنف والجريمة. وقد تمّ استخدام الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع والمياه العادمة دون اية مراعاة لتواجد الأطفال والنساء وكبار السن.

ان اغلاق الملف رغم هذه الظروف الخطيرة مرفوض بتاتًا من قبل كل اهالينا، علمًا ان دموية الاعتداء كان من الممكن ان تؤدي لارتقاء الشهداء في ذلك اليوم. "ماحاش" تثبت مرة أخرى انها عمليًا توفر الغطاء بتحقيقاتها لعنف افراد الشرطة وانها بمثل هذه القرارات تنتهج بنفسها السياسات العنصرية والاقصائية ضد اهالينا.

في رسالتها الجوابية حول نتائج تحقيقها اختارت "وحدة التحقيق مع الشرطة" ان تدين المتظاهرين وتصفهم بانهم لجأوا الى العنف خلال المظاهرة وانهم "كانوا ينوون اغلاق الشارع الرئيسي في وادي عارة والاخلال بالنظام العام". اما بما يخص عناصر الشرطة فقد جاء في جواب ماحاش ان "الشرطة اضطرت لاستعمال القوة من اجل الحفاظ على النظام العام ولايقاف المظاهرة غير القانونية، وان القوة التي تم استعمالها هي قوة معقولة في ظروف الحدث". اي ان "تحقيقات" الوحدة قادتها الى ادانة ضحايا الاعتداء الدموي وتبرئة ساحة الشرطة من اية مسؤولية. فهل هي فعلًا وحدة للتحقيق مع الشرطة، ام وحدة لاعفائها من اية مسؤولية والتغطية على جرائمها؟ "وحدة تحقيق" ام "وحدة تلفيق"؟

بدورنا، سنواصل ملاحقة المسؤولين وعناصر الشرطة المتورطة بالاعتداء من خلال استنفاذ الوسائل القانونية المتاحة على الصعيد المحلي، بينما نعمل ايضًا على طرح قضايانا بقوّة على الصعيد الدولي ايضًا.

قرار ماحاش في قضية الاعتداء على الاهالي في ام الفحم يؤكد على عدالة مطلبنا بتفكيك هذه "الوحدة"، واقامة لجنة تحقيق مهنية ومستقلة تنصف ضحايا القمع الشرطي. 

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة