"يا عرب، لا تعطوا أحدا أن يتأمر عليكم. هناك مؤامرة كبيرة عليكم – أكبر منكم وأكبر من الشرطة. المؤامرة ليست من الشرطة التي تساعد قدر المستطاع، حيث تحضر إلى مكان الجريمة وتأخذ أدلة ومتهمين وبعد فترة المحكمة تطلق سراحهم. أصحوا يا عرب! إذا لم تستيقظوا سنقتل بعضنا البعض. إذا لم نضع أيدينا معا سننتهي"، هذا ما قالته زكية أبو سريحان (أم إيهاب) في حديث لمراسل "كل العرب"، من أمام قسم العلاج المكثف بمستشفى سوروكا بئر السبع.

الفتى المصاب

صرخة من الأعماق وجهتها والدة الفتى سليمان حسن أبو سريحان، ابن الـ16 عاما، الذي أصيب في نهاية الأسبوع بـ12 رصاصة عن كثب، في جريمة أخرى تأتي ضمن شجار دام بين عائلتين ببلدة تل السبع في النقب، حيث يرقد في وضع خطير في قسم العلاج المكثف بمستشفى سوروكا بئر السبع، في حين أعلنت الشرطة عن اعتقال مشتبه به بالضلوع في الجريمة.

وقد تم إجراء عملية جراحية معقدة للفتى المصاب أمس الأحد، ولكن طرأ تدهور على وضعه الصحي ما ألزم نقله من قسم العلاج المكثف للأطفال إلى قسم العلاج المكثف المركزي في المستشفى. ويواصل الأهل والأقارب الدعاء له بالنجاة، علما أن الشاب هو معاق جسديا قبل جريمة إطلاق النار.

وتقول (أم إيهاب): "هذه مشكلة بين عائلتين منذ فترة. هناك اطلاق نار على بيتي كل يوم، والشرطة تدخلت ورفعت البصمات والأدلة ولكن من لا تقوم بواجبها هي المحكمة، فمن يقف خلفها؟ هذا ما لا أفهمه. إذا لم يتلق الإنسان حقه فهو سيكون مرغما على استعمال العنف، وهذا ما وصلنا إليه".
وتضيف: "رسالتي إلى رئيس الحكومة ورئيس الدولة أن عليهم أن يتوجهوا إلى الأمم المتحدة أو دولة أجنبية من أجل مساعدتهم، لأنهم لا يستطيعون مساعدة مواطنيهم والعمل على وقف الجرائم".

"إطلاق نار بشكل يومي"

ويشار إلى أنّ موجة العنف بين العائلتين في تل السبع أدت إلى إصابة خطيرة لشاب عشريني بطلق ناري في الرأس، أثناء تبادل اطلاق النار بين الجانبين. ويستنكر عمر أبو رقيق، رئيس مجلس تل السبع، بشدة جريمة إطلاق النار، وأشار في حديث لمراسلنا أنّ "آفة العنف هي ضوء أحمر لجميع المواطنين العرب في البلاد، والجميع شاهد فيديو إصابة الفتى ابن الـ16 عاما، والمصاب بإعاقة جسدية، وهذا الأمر أدى إلى زعزعة كافة المواطنين. للأسف الشديد نحن نعاني في تل السبع من ظاهرة خطيرة وهي اطلاق النار بشكل يومي حتى أن بعض المواطنين يقولون إنّ بعض المواطنين يقولون إنهم لا يستطيعون النوم إذا لم يسمعوا إطلاق نار. للأسف تعودنا على ذلك، وقد تحدثت مع قائد الشرطة في تل السبع والبلدات وأرسلت الرسائل إلى المسؤولين، ولكن هذه الظاهرة يجب أن تتدخل فيها الدولة وليس فقط على مستوى المجلس المحلي".

خطوة شجاعة

وفي خطوة شجاعة، يوجه أهل المصاب أصابع الاتهام إلى المؤسسة الإسرائيلية التي لا تمنع جرائم العنف في المجتمع العربي، مشيرة إلى أنّ هذه الآفة يجب أن تتوقف، في حين يؤكد مسؤولون بأن العنف المستشري لا يمكن وقفه إلا من خلال وقفة قوية للجماهير، ولكن مع قيام الشرطة بواجبها بكل ما يتعلق بالجرائم التي يتم عرضها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
الشيخ عطية أبو سريحان، قريب الفتى المصاب، قال: "الوضع سيء للغاية ومقلق، ومن غير الممكن أن يقتل كل يوم شاب في الشمال وشاب في الجنوب. لا جيرة ولا أخوة ولا إنسانية. حتى المشايخ الذين كانوا يقومون على الحل رحلوا. أنا مع تدخل "الشاباك" في الموضوع للوصول إلى الجناة. اليوم حين يحصل ضرر ما لمواطن يهودي في عومر، خلال 24 ساعة يتم سحب سالم وسلمان من بيته. على الشرطة أن تكون قريبة للسكان وأن تعرف كل بيت وكل مشكلة صغيرة، وليس الجلوس في جيبه وشرب القهوة بدون أن يهتم".
وفيما تجاوزت حصيلة ضحايا العنف في المجتمع العربي منذ مطلع العام الجاري المئة قتيل، التأم لأول مرة الطاقم الوزاري الذي تقرر تشكيله حديثا للتعامل مع آفة الجريمة والعنف في المجتمع العربي، برئاسة رئيس الحكومة نفتالي بينيت، في ظل تواصل جرائم العنف وقتل العرب لأنفسهم دون هوادة.