الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 23:02

تينة

بقلم: جورج اندراوس

جورج اندراوس
نُشر: 02/10/21 07:16,  حُتلن: 08:24

في طريق السفر لوجهةٍ لا أعرفها
لمحتُ من بعيد تينة
كأنها تلّوح للمارين بأغصانها الممشوقة
وتنادي..
فأخذني الطريق اليها
واقتادني الفضول كاعتيادي
في البحث عن خضرة وثمر
تقدمت نحوها ثم جاورتها
كطفلٍ أمام الجدة
يطلب عطية وموّدة
لها جذعٌ بعمر السنين
أغصانها متشعبة كالطرقات
والمارين في أرجائها
وأوراقها خضراء كأنها تتلحف وشاحاً
لتخفي ترهل اليدين وتجاعيد الجبين
لم أشأ أن أقطف ثمرة دون استئذان
من أصحاب المكان.. فعلوت صوتي
علّهُ يجدُ من يسمح لي بالقطاف
لم أسمع غير صوتي في المكان
وحفيف يحاكيني...
تينة تقول لي حين يمر النسيم:
"لن تجد أحد هنا
أنظر حولك، أنظر أمامك
هناك كنيسةٌ قد نسيت صلاتها
تتلعثم كلما جاءها زائر
أو طيرٌ مسافر..
فكان الصمت أجدى
لا تعرف أصوات القادمين
غرباء لا يعرفون أسم الدار
يتفاخرون بالنصر ويرممون الذكرى،
تقدم فلكَ صوت مألوف
ونبضك كنبضي..
أيها القادم من باب الجليل
إلى الأعلى..
مُر بين الجدار والجدار
لا أحدٌ هنا سواي
واصدقائي حشائش وأشجار
نستوطن المنازل بعد أن رحل أهلها،
كانوا طيبين وسذّج
حين جاءتهم الريح والمطر
سافروا كي لا تصيبهم نقمة البرق
أو طعنة في الظهر..
تقدم، ولا تخشى وحشة الصدى
ففي كل ممر حكاية
ووراء كل زاوية أغنية
جدران واقفة كالعجائز
أبواب وشبابيك مفتوحة
تُطل على زمنٍ تكسّر كالزجاج
هشّ كالغضروف أو الخُشف ساعة الولادة
كانت الطرقات مرصوفة بالصوان
والحبق والزعتر..
ووراء كل دار زيتونتان ودالية
كان الأطفال يلتفون حولي كالبراعم
والآن وبعد عمرٍ آثم
وصدأ الأجراس لن تجد
من تلقي عليه التحية
فيعطيك سلامًا وهدية".
--
كفرياسيف
 

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com

مقالات متعلقة