الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 19 / مارس 14:02

لماذا علق الأسرى الفلسطينيون إضرابهم عن الطعام؟/ بقلم: د. فايز أبو شمالة

فايز أبو شمالة
نُشر: 16/09/21 15:28,  حُتلن: 15:30

حين يعلن الأسرى الفلسطينيون بشكل مسبق أنهم سيخوضون معركة الإضراب المفتوح عن الطعام، فذلك يعني أن حياتهم خلف الأسوار باتت موحشة، وأن الضغوط الإرهابية الصهيونية على حياتهم اليومية، تحتم عليهم أن يقاتلوا بأجسادهم، وأرواحهم، حتى انتزاع حقوقهم.

لقد حدد الأسرى بشكل مسبق يوم الجمعة بداية للإضراب المفتوح عن الطعام، بحيث يشارك في المعركة أكثر من 1380 أسيراً فلسطينياً، تعذبهم ثمانية سجون، وقد جاء الإعلان المسبق عن موعد الإضراب يهدف الوصول إلى جهتين:

الأولى: إلى مدير مصلحة السجون، والحكومة الإسرائيلية، رسالة تقول: بأننا لم نعد نطيق صبراً، وإن لم تستجيبوا لمطالبنا، فنحن ذاهبون إلى الإضراب المفتوح عن الطعام، ولن نتراجع قبل أن نحقق المطالب الحياتية التي قدمناها لكم، ومهما كانت النتائج، ولسنا وحدنا في المعركة، من خلفنا شعب عظيم، لن يخذلنا، وستنتقل المعركة من السجون إلى ساحات المواجهة.

الثانية: إلى الشعب الفلسطيني، رسالة تقول: نحن على طريق الحق، والحقوق تنتزع انتزاعاً، وبكم يا شعبنا المقاوم الصبور نخوض الأضراب، وكلنا ثقة أن شباب هذه الأمة، وصبايا فلسطين، لن يقبلوا على شرفهم الوطني السكينة، وهنالك آلاف الأسرى المضربون عن الطعام.

وقد جاءت البشائر لتقول للشعب الفلسطيني: لقد خضعت إدارة السجون، واستجابت لكل مطالب الأسرى، بعد أن أدركت أن الشعب الفلسطيني موحد في المواجهة، وقادر على الفعل الميداني.

الأسرى الفلسطينيون كانوا يعرفون مسبقاً أن الإٍسناد الجماهيري هو سلاحهم لمواجهة العدو، ويعرفون أنهم سيحتملون الجوع والعذاب من أجل حرية شعبهم، قبل أن تكون المعركة من أجل حريتهم، وهم يدركون أن وجودهم خلف الأسوار هو إحدى ساحات المواجهة، والتي تمتد من غزة إلى القدس إلى فلسطيني 48 إلى مدينة جنين والخليل والجليل وباقي مواطن الاحتكاك اليومي مع عدوهم، ويعرف الأسرى أن حراك الضفة الغربية، والمواجهات على الحواجز، وهدم أمن المستوطنين، هو سلاحهم الفتاك لمواجهة صلف إدارة السجون.

لقد استجاب العدو لمطالب الأسرى العادلة خوفاً من غضبة الشعب الفلسطيني، وهذه رسالة نصر تؤكد على قدرة الشعب على صنع المعجزات، ومؤشر على أن الأسرى قادرون في المواجهة القادمة على انتزاع حقهم كأسرى حرب، ويطالبون بان تطبق عليهم اتفاقية جنيف الرابعة. وهي ملزمة للعدو الإسرائيلي، وقد كان لضعف القرار السياسي الفلسطيني الأثر في إغراء مصلحة السجون على التعامل مع الأسرى وكأنهم كومة من اللحم، بلا حقوق إنسانية، وبلا مشاعر، وأنهم فائض أحمال، تخلت عنهم قيادتهم في اتفاقية أوسلو، واتفاقية الخليل، واتفاقية واي ريفر، واكتفت القيادة بصرف بعض الأموال، وبعض المناصب لإسكاتهم، وهذا ما يرفضه جميع الأسرى، الذين يعتبرون أنفسهم أسرى حرب، وتنطبق عليهم مواثيق الأمم المتحدة، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة، وهذا ما يجب أن يتحقق في المرحلة القادمة من الاستعداد لخوض إضراب مفتوح، لا يكتفي بتحسين شروط حياة الأسرى.

قد يقول البعض: هناك صفقة تبادل أسرى على الطريق، ولا داعي للمطالبة بأن يصير التعامل مع الأسرى الفلسطينيين كأسرى حرب، وهذا صحيح، ولكن صفقة التبادل لن تفرج عن 5 آلاف أسير، ثم، هناك بعد سياسي بالاعتراف الإسرائيلي بالأسرى الفلسطينيين كأسرى حرب، سينعكس بالإيجاب على مجمل القضية الفلسطينية، وعلى حياة الأسرى خلف الأسوار.

الانتصار المشرف الذي حققه أسرى فلسطين لمجرد التلويح بالإضراب، يؤكد أن العدو يسعى إلى التهدئة بأي ثمن، فهو يرتجف من كل عمل وطني يحرك الشارع، ويستنفر قدرات الشباب، وهذا بحد ذاته درس سياسي لكل العاجزين عن المواجهة، ويحض على استثمار هذه الحالة الفلسطينية الناهضة بتحقيق المزيد من الانتصارات.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة