الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 23:01

جرائم باسم الشرف - فلتنهض أيها الرجل من غيبوبتك المظلمة وكفاك غباءً كفاك/ بقلم: سمر سالم

سمر سالم
نُشر: 13/06/18 00:27,  حُتلن: 13:46

سمر سالم في مقالها:

أخذ عدد الجرائم بالارتفاع في السنوات الأخيرة بأوساط الجماعات المهاجرة بأوروبا وخاصة بألمانيا وفرنسا والدول الاسكندنافية والمملكة المتحدة

هذه الظاهرة تحدث لخمسة آلاف امرأة يقتلن في كل عام بإسم الشرف، أي ثلاثة عشر امرأة بيوم واحد، ومن المحتمل أن يكون هذا الرقم إنخاسًا جسيمًا بالتقدير. فلا يتم التبليغ أبدًا عن الكثير من الحالات ويتمّ تمديد الكثير الأكثر من جرائم الشرف على أَنَّها عمليّات انتحار أو اختفاء

تبقى الحقيقة التي يخشى مجتمعنا أن يفهمها رغم تطور العالم حولنا وتغييّر الظروف أن "غسل العار ليس معيارًا" وأنه كان من الممكن ولا زال أمامنا متسع من الوقت والامكانية أن نتفادى عددًا لا بأس به من الضحايا الاناث لو قبلنا بتغيير عقليتنا المتخلفة وطريقة نظرتنا للمرأة الأنثى كامرأة في هذا المجتمع المظلم

هي جرائم شائعة جدا بالوسط العربي، وهي حين يقوم أحد الأعضاء الذكور بعائلة المرأة بقتلها لأسباب تتعلق بارتكابها فعلًا مخلًّا بالأخلاق مثل الزنا والعلاقات غير الشرعية. ويزعم مرتكبو مثل هذه الجرائم أن هذا تمّ من أجل "الحفاظ على الشرف"، أو ما يوصف في أوساط قبلية بعملية "غسل العار" وما من الجدير ذكره أن هذه الظاهرة هي ظاهرة عالمية وليست محلية وتحصل في بلدان كثيرة من العالم خاصة في أنحاء أوروبا والولايات المتحدة إلى جانب أفغانستان، والبرازيل، والإكوادور، مصر، فلسطين، الهند، إسرائيل، باكستان، المغرب، تركيا، اليمن.
لقد أخذ عدد الجرائم بالارتفاع في السنوات الأخيرة بأوساط الجماعات المهاجرة بأوروبا وخاصة بألمانيا وفرنسا والدول الاسكندنافية والمملكة المتحدة، وقد أخدت السلطات على حين غرة فالشرطة البريطانية على سبيل المثال تعيد حاليًا النظر بأكثر من قضية قتل في إدراك متأخّر منها بأَنَّها قد تكون بالواقع ما يسمى جرائم شرف.

هذه الظاهرة تحدث لخمسة آلاف امرأة يقتلن في كل عام بإسم الشرف، أي ثلاثة عشر امرأة بيوم واحد، ومن المحتمل أن يكون هذا الرقم إنخاسًا جسيمًا بالتقدير. فلا يتم التبليغ أبدًا عن الكثير من الحالات ويتمّ تمديد الكثير الأكثر من جرائم الشرف على أَنَّها عمليّات انتحار أو اختفاء. هذا الأمر عرف على أَنَّه أمر حقيقي بعدَّةِ مناطق خاصة بالأردن. إن جرائم الشرف ليست إِلا جرائم بالتمام والكمال وليست لها أَيّ علاقة بالتقليد والثقافة والدين، فهي لا تتعلّق إلّا بالسيطرة - طريقة فعّالة لضبط حرية التحرك وحرية التعبير والحياة الجنسية للمرأة - وحين تنتهك الحق بالحياة والحرية والسلامة الجسدية تنتهك الحظر على التعذيب وغير ذلك من العقوبات الوحشية والغير إنسانية والمهنية، وحظر العبودية والحق بالتحرر من التمييز على أساس الجنس، والإساءة الجنسية والإستغلال والحق في الخصوصية وفي الزواج وبناء عائلة.
كان يتم ارتكاب جرائم الشرف بالماضي إما علنًا او في منزل العائلة ثم يقوم القاتل بالإعلان عنها أمام القرية وبقية العائلة وهكذا كانَ بمقدور العائلة المشاركة أَنْ يثبتوا للمجتمع أَنَّ رجالهم قادرون على السيطرة على سلوك النساء من أَجل ردع نساء العائلة الأخريات عن السلوك بطريقة تعتبر شائنة.
يعتبر القتل على خلفية شرف العائلة ظاهرة من ظواهر العنف ضد النساء المشكلة
أَنّ الكثير من النساء المعنفات يخشين البوح والتحدث عن الموضوع لأحد أو التوجه للشرطة لذلك يظهر العنف وكأنَّه نادر.
أَمّا بالنسبة إِلى أَسباب قتل النساء فقد تعدّدت وتنوعّت ولقد أصبح الشرف هو القناع الذي يخفي السبب الحقيقي وراء قتل النساء حيث إِنّه في معظم الحالات أصبح الشرف هو ذريعة القاتل ليتهرب من العقاب على جريمته. تختلف حساسية الأسباب حسب مناطق مختلفة من العالم. منها ما تكون يسبب خيار المرأة الزواج من رجل من دين آخر، أو طائفة أخرى، أو عشيرة أخرى. أو من رجل لا يرضى به الأهل زوجًا لها، أو بسبب قيامها بممارسة جنسية خارج إطار الزواج، أو قبل الزواج. أو لأَنَّها أحبَّت، أو شوهدت مع شاب ما. فارتبط سبب القتل الذي زعمه مرتكب الجريمة في معظم الحالات بشكل مباشر بالعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج - يشمل ذلك (علاقات مع زوج آخر غير الزوج، شائعات حول علاقات مع رجال، حمل خارج اطار الزواج، فقدان العذرية، علاقات مع رجال خارج اطار الزواج، البغاء).
لكن يبقى هناك عدد لا بأس به من الحالات التي كان الأمر مغايرًا بشأنها، وهو ما يدعم الفكرة القائلة بأن معنى الشرف كان قد امتد مع مرور الزمن ليشمل أي سلوك للنساء لا يوافق عليه أفراد العائلة، مثل تحدي السلطة الذكورية وتولي المسؤولية على حياتها، ونمط اللبس وسلوك العيش، أو البقاء خارج المنزل لساعات متأخرة والتدخين، طلاق الزوج، مغادرة المنزل بشكل متكرر، رفض العلاقات الجنسية بزواج قسري، شكاوى للشرطة والجهات المهنية حول العنف، الزواج المختلط بين الأديان أو لسبب غير معروف.
تدل تفاصيل عمليات قتل النساء أَنَّ هناك تنوعًا في الحالة الإجتماعية للنساء المقتولات، وتنوعًا في أشكال القتل، مع وجود قاسم مشترك، وهو: تعرض جميع المقتولات لسلسلة من أعمال التعذيب والتنكيل الجسدي والنفسي التي تنتهي عادة بالقتل.
إحصاءات حول قتل النساء في فلسطين:
تشير الإحصاءات إلى استمرار تسلسل قتل النساء في المجتمع الفلسطيني بوتيرة متصاعدة وبشكل ملحوظ، لا سيّما في الأعوام الأخيرة؛ فمن 5 حالات شهدها العام 2004، إلى 13 حالة في العام 2012؛ وضعفها (26 حالة) في العام 2013؛ و 15 حالة في العام 2014. بالرغم من تراجع عدد حالات قتل النساء في العام 2015 إلى 6 نساء، إلا أن العام 2016 شهد 18 حالة حسب الإحصاءات الرسمية والمؤسسات النسوية ومؤسسات حقوق الإنسان؛ ما دفع هذه المؤسسات إلى دق ناقوس الخطر للوقوف عند هذه الظاهرة والعمل على محاصرتها، قبل أن تزهق أرواح المزيد من النساء، وما يتبع ذلك من آثار سلبية على المرأة الفلسطينية خاصّةً وعلى المجتمع الفلسطينيّ عامّةً.
الحلول للقضاء على هذه الظاهرة :
1- استنكار عمليات العنف والقتل ضد النساء.
2- أخذ الموضوع على محمل الجد من قبل المجتمع والمؤسسات السيادية والمدنية؛ حتى لا يتفاقم الأمر وينهار النسيج الاجتماعي الفلسطيني.
4- مطالبة المؤسسات الرسمية والأهلية بالتوجه إلى الأسر الفلسطينية، ورفع وعيها حول خطورة هذه الظاهرة وانعكاساتها السلبية على التماسك والبناء الاجتماعي برمته.
5- إعادة النظر في التشريعات والقوانين ذات الصلة، والكفيلة بترسيخ قواعد المساواة الكاملة في الحقوق بين المرأة والرجل، وتوفير الحماية الاجتماعية والاقتصادية للمرأة، وتشريع الأنظمة والقوانين التي من شأنها إنهاء هذه الظاهرة من خلال فرض العقوبة المناسبة لعمليات قتل النساء.
6- أهمية المضي قدمًا بالإنفاذ الفوري للتعديل القانوني القاضي بإلغاء الأسباب المخففة لجرائم قتل النساء على خلفية ما يسمى بجرائم الشرف أو أية أعذار أخرى، بالإضافة إلى ضرورة الإسراع في إنجاز قانون العقوبات، لما يوفره هذا القانون الجديد من حقوق متساوية للمرأة، ويستبعد كل الأعذار المخففة لجرائم القتل ضد النساء. ويجب التعامل مع هذه الجرائم كجرائم ضد حياة الإنسان، بغض النظر عن الجنس أو المبررات، وإنزال العقوبات الرادعة بحق القتلة المجرمين.
7- ضرورة توجه الإعلاميين والأكاديميين وكل ذوي الاختصاص لعمل حملة مجتمعية ضد هذه الظاهرة بهدف القضاء عليها، واستئصال جذورها الكامنة في ثقافة الإقصاء وثقافة الاستخفاف بحياة النساء.
8- يجب دراسة موضوع قتل النساء دراسة معمقة من جميع الجوانب ومناقشتها من حيث القوانين ورأي الشرع والدين، والإسراع فورًا في تعديل القانون.
9- بالإضافة إلى ذلك أطلقت حملات كثيرة مناهضة لجرائم الشرف في العالم. بعضها محلي، وبعضها عالمي. مثل حملة في الأردن توصلت إلى تعديل المادة 340 التي تحمي القتلة بهذا العذر، وتم تعديل المادة التي كانت تمكن القتلة من الخلاص من العقوبة بشكل كامل في بندها الأول، وتمنح أحكامًا مخففة في بندها الثاني، ولا يستفيد من البندين سوى الذكور. بحيث ألغي احتمال أن يحصل القاتل على إعفاء كامل من العقوبة، ومنح الحق بالتخفيف من العقوبة للنساء أيضا في حال ارتكبن الجريمة نفسها للأسباب نفسها.
10- قامت نحو سبع نساء وناشطات حقوق الانسان في أوائل عام 1993 بتأسيس البديل وهو ائتلاف لمحاربة جرائم الشرف واتسع الائتلاف على مدار السنين ليشمل المزيد من الأفراد والمنظمات وبالتحديد جمعية نساء ضد العنف، المؤسسة العربية لحقوق الانسان، كيان، خط الطوارئ لضحايا العنف الجسدي، وعدد من الأفراد بما فيهم محامون، كتّاب وعاملون اجتماعيون بنهاية المطاف وباستثناء ممثلي المنظمات المختلفة فان هناك ما يزيد عن 25 ناشطًا يشاركون في "البديل" ويتابعون سلسلة من الاستراتيجيات الرامية إلى توسيع الرقعة الجماهيرية لمن يشجبون "جرائم الشرف" ويعملون على نهضة الوعي الشعبي في المجتمع فيما يتعلق بتأثير "جرائم الشرف" الخطر على المجتمع ككل.


تبقى الحقيقة التي يخشى مجتمعنا أن يفهمها رغم تطور العالم حولنا وتغييّر الظروف أن "غسل العار ليس معيارًا" وأنه كان من الممكن ولا زال أمامنا متسع من الوقت والامكانية أن نتفادى عددًا لا بأس به من الضحايا الاناث لو قبلنا بتغيير عقليتنا المتخلفة وطريقة نظرتنا للمرأة الأنثى كامرأة في هذا المجتمع المظلم وغيّرنا محدودية المعايير التي نضعها لها ولسلوكها، كمعايير تجعلنا نحترمها ونحافظ عليها بدلًا من المعايير التي تيسر لنا قتلها وتعذيبها وإهانتها كلّما أخلّت بالسلوك الذي نتوقّعه منها. فلنسير على مبدأ جديد لمجتمعنا وهو غسل العار ليس معيارًا بدلًا من مبدأ القتل لكل إعاقة بالسلوك.فلماذا ننصب أنفسنا حكّاماً على سلوكيّات النساء حول ماذا يمكنهن فعله وما يستحيل عليهن فعله، فلنترك شؤون الله لله وحده وكفانا عنفاً اتجاه اهم جزء من مجتمعنا الا وهن النساء بدونهن لا تكتمل الحياة، وبدونهن لن تستمر البشريّة ،ومعاملتهن بطريقة حضاريّة وثقافيّة أمر محتوم علينا جميعا إن اردنا أن نسير نحو مجتمع افضل، إن اردنا أن ينمو جيل واعي وناضج جيل حضاري ومثقف علينا أن نعلي أولاً من قيمة جوهرة هذا المجتمع ألا وهي المرأة وهي تمثل أمك، أختك، عمتك، خالتك، جدتك، إبنة عمك، إبنة خالك...الخ .
أخي وصديقي الشاب، غسل العار ليس معيارًا وهذا ليس من مسؤوليتك فلتحافظ على جوهرتك بهذا المجتمع ولتكن سببًا في حمايتها بدلاً من أذيتها وكفانا كفانا قتلًا، كفانا ارتكابًا لجرائم بشعة وكله فقط بإسم الشرف فهذا أبشع ما نخلفه لأولادنا وللجيل القادم ، ألا تخجل من نفسك أن ترتكب خطيئة بشعة وأن تحاسبها بأنها تفضح شرفك بدلًا من محاسبة نفسك أولًا على أعمالك الشنيعة، حتى متى سيحتل التخلف عنوان حياتنا؟!!
فلتنهض أيها الرجل من غيبوبتك المظلمة وكفاك غباءً كفاك!!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة