الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 05:02

ترامب وكيم الخاسر والرابح من هذه القمة/ بقلم: خالد خليفة

خالد خليفة
نُشر: 14/06/18 11:20,  حُتلن: 11:26

خالد خليفة:

ترامب أراد امرا مغايرا، و هو استسلام مطلق لكيم و لكوريا الشمالية وتوقيعه لاتفاقا ينزع أسلحته النووية بشكل كامل

كيم جونج اون الذي رفض في البدء الشروط الامريكية ولكنه وافق على عقد مثل هذه القمة على مضض ، فأنه يعلم علم اليقين، بأن التنازل عن اسلحته النووية يمكن ان يشكل حافزا لهجوم امريكي على " بيونج يانج 

لقد كان الاجتماع بين الرئيس الامريكي " دونالد ترامب " و الرئيس الكوري الشمالي " كيم جونج اون " في سنغافورة اجتماع قمة بكل المقاييس، حيث شكل حدثا تاريخيا لم يحدث منذ ثمان و ستين عاما، منذ ان انتهت الحرب الكورية عام 1950 اودت بحياة مئات الالف من الكوريين و عشرات الآلف من الامريكيين.

الكل يتساءل من هو المستفيد و من هو الخاسر في هذه القمة ؟ و هل ستُحدث تلك القمه انفراجا تاريخيا بين الولايات المتحدة الامريكية و شمال كوريا ؟
لقد اراد الرئيس الاميركي دونالد ترامب بهذا الاجتماع ان يتم بقوة، حماس وبسرعة متناهية، لقد سعى لتحقيقه بكل الوسائل، في البدء أراد ترامب ان يجتمع ب " كيم" مشترطا عليه شروط قاسيه وليكون اجتماع القمة بينهما تتويجا للإعلان عن نزع اسلحة كوريا الشمالية و لكن محاولاته هذه باءت بالفشل الذريع، و اضطر لاحقا بالاجتماع به و الاستمرار في التباحث في الاسلحة النووية لاحقا.

لقد اوضح له " كيم " انه لن يوقع معه على اي اتفاق يتعلق بنزع الاسلحة النووية، الا بعدة شروط كبيرة و تعجيزية و أهمها – أولا- نزع المظلة النووية الامريكية عن جنوب كوريا.
ثانيا- سحب القوات الامريكية الخمسين الف من خط العرض 38 المتواجدين في كوريا الجنوبية .
ثالثا – إخلاء السلاح النووي الامريكي في جزيرة " جوام" و اوكيناوا اليابانية "
رابعا - إلغاء العقوبات الامريكية والحصار المفروض على كوريا الشمالية
خامسا - البدء بانفتاح تجاري ودولي لكوريا الشمالية على النظام الدولي المتبلور في اسيا، اوروبا و العالم بأسره.

ولكن ترامب أراد امرا مغايرا، و هو استسلام مطلق لكيم و لكوريا الشمالية وتوقيعه لاتفاقا ينزع أسلحته النووية بشكل كامل ، وتدمير منصات صواريخية الباليستية طويلة المدى التي يصل مداها الى الشواطئ الغربية للولايات المتحدة قبل القدوم الى القمة.
وأراد ترامب ايضا و إدارته اليمينية المتطرفة ان يوقعوا على سك هذا الاستسلام قبل قدوم الزعيمين الى سنغافورة والاشتراك بالقمه، بهدف تثبيت هيمنته الاقليمية على اسيا و شبة الجزيرة الكورية، و يمكن القول أن ترامب والذي جاء من خلفية استراتيجية ضعيفة يعادي الكثيرين و يعاديه الكثيرين، و بتأثير دولي ضعيف فقد واجه قبل قدومه للقمة بيوم واحد، هجوم سياسي واسع النطاق من قبل زعماء الدول الغنية السبعة G7، المكونة من كندا و دول اوروبية اخرى.
و احتدم ايضا صدامه مع دول اميركا اللاتينية و خاصة مع المكسيك على خلفية بناء الجدار، و يدير سياسه تجارية شرسة وضروسه ضد الصين ويواجه اتهامات داخلية بتزوير الانتخابات بالتعاون مع روسيا، كما ان مجمل سياسته في الشرق الاوسط و نقل السفارة الاميريكية الى القدس تعتبر في أصعب أحوالها.
و اذا اخذنا مجمل ما تتحرك به هذه الإدارة الاميريكيه، فأن خطوات ترامب تخطو من فشل الى أخر، أما رئيس كوريا الشمالية – " كيم جونج اون " فقد وبمساعدة الصين الوضع الجيواستراتيجي السيء لترامب وسياسته.

حيث استطاع هذا القائد الشاب ان يثبت انه يستطيع الاجتماع بترامب في قمة دولية وعالميه تعطي له الشرعية لنظام حكمه و لشخصه كرئيس قويا لكوريا الشمالية، و على الرغم من ان كيم يعد ترامب والأمريكيين لنزع الاسلحة، الا ان شروطه الخمس المذكورة من الصعب تحقيقها من قبل الرئيس ترامب، حيث يبدو ترامب رئيسا ضعيفا لا يمكنه الإيفاء بوعوده كونه لا يملك دعم الكونغرس و الاعلام و الشعب الامريكي و لا يملك المال الكافي و الذي يمكن ان يصل الى عشرات المليارات لضخه لدولة كوريا الشمالية مقابل نزع الاسلحة.

ان شروط كيم هذه هي تعجيزية وصعبة المنال، فالرئيس الامريكي ترامب المقبل على انتخابات نصفية للكونغرس في نوفمبر القادم، والذي من المتوقع ان يخسر الأغلبية الجمهورية هناك، كما يعلم الجميع فأنه يواجه تحقيقات فيدراليه هناك. ومن هنا يمكننا القول بأن هذه القمه تبقى قمة لمجرد عقدها بدون ان تحقق اي انجازات تذكر يمكن ان تؤثر على شبة الجزيرة الكورية.

أما كيم جونج اون الذي رفض في البدء الشروط الامريكية ولكنه وافق على عقد مثل هذه القمة على مضض ، فأنه يعلم علم اليقين، بأن التنازل عن اسلحته النووية يمكن ان يشكل حافزا لهجوم امريكي على " بيونج يانج " و القضاء على نظام عائلة "كيم ايل سونج " والدولة الحديثة التي اقيمت عام 1951 .
وأكبر مثال على ذلك ما فعله الامريكيين بنظام الرئيس الليبي معمر القذافي عندما جردوه في البدء من اسلحته النووية و قاموا بعدها باغتياله، واغتيالهم قبل ذلك للرئيس صدام حسين و أبنائه عندما علموا علم اليقين انه لا يملك اسلحته النووية.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة