الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 14:01

غزة والأمن القومي المصري!/ بقلم: د. محمد خليل مصلح

د. محمد خليل
نُشر: 24/05/18 18:27,  حُتلن: 07:35

د. محمد خليل مصلح في مقاله:

غزة في قلب العلاقة المصرية الإسرائيلية وهي تشغل مساحة كبيرة في استقرار المصالح والمعالجات الامنية والسياسية في المنطقة

شكلت فلسطين وغزة اهمية استراتيجية لمصر؛ سواء في حالة الحرب والسلم في كل الازمنة

بحكم الواقع كشاهد على الممارسات والسياسات العربية لم تنجح مصر في النهوض بالحالة العربية او حل مشاكلها خاصة التي لها علاقة بالدولة الاسرائيلية

فلسطين قضية مركزية وأولوية لهم بل سلعة يساومون عليها لبناء تحالفاتهم مع الاحتلال الاسرائيلي والولايات المتحدة لحمايتهم من خطر زوال ملكهم ومصالحهم

في غمرة التقلبات الإقليمية والمتغيرات السياسية والأمنية، وأولويات الدول الإقليمية والدولية في إدارة الصراع في المنطقة ؛ غزة تمثل اهمية كبيرة جدا لمصر لاعتبارات كثيرة لها علاقة بمصالح الأطراف، والاتفاقيات التاريخية والتحالفات في المنطقة، وبين مصر وإسرائيل منفردة ؛ وباعتراف زعماء إسرائيليين بأهمية مصر في الرؤية الإستراتيجية لإسرائيل والولايات المتحدة في المنطقة " مصر كنز استراتيجي لإسرائيل " وزير الحرب الاسبق ديفيد بن اليعازر.

غزة في قلب العلاقة المصرية الإسرائيلية وهي تشغل مساحة كبيرة في استقرار المصالح والمعالجات الامنية والسياسية في المنطقة، وأي تحرك في اتجاه مصر من قبل حماس سوف يوظف في إطار المصالح والعلاقات المشتركة التي تتفق مع اتفاقيات السلام المصرية الإسرائيلية والبعد الأمني هو الأساس فيها مقابل حلول مجتزأة على هيئة وتجميد الحالة الفلسطينية في حال فشلت صفقة العصر، وهو المتوقع حالة اللاحرب واللاسلم وهو يخدم كل الاطراف بما فيهم حماس.

شكلت فلسطين وغزة اهمية استراتيجية لمصر؛ سواء في حالة الحرب والسلم في كل الازمنة ؛ من زمن الاحتلال البريطاني مرورا بفترة عبد الناصر والسادات؛ التي كانت حاضرة بقوة بين السادات و مناحيم بيغن، والتي كادت توقف عملية السلام بين الطرفين لإصرار مناحيم بيغن على عدم الاعتراف بالحق الفلسطيني في دولة ذات سيادة، وأصر على مفهوم الحكم الذاتي الاداري للسكان، واليوم تعتبر احد ركائز الاستقرار الامني والسياسي لنظام السيسي الذي يواجهه اهتزازات سياسية وأمنية واقتصادية؛ خاصة معضلة سيناء وحاجته للتنسيق الامني والاستخباري مع حكم حماس في المنطقة، وهو ما يقف وراء تغيير نظرة الرئيس السيسي في الاقتراب من حماس بالتوافق مع اسرائيل اساسا على التحرك المصري لاحتواء حماس وتدجينها للقبول بأفكار وحلول جزئية مبنية على قاعدة القبول الاسرائيلي والمصلحة القومية المصرية ، وهذا لا يندرج تحت نظرة مسبقة للدور المصري ولا يندرج في تقييمي للدور والعلاقة المصرية بالقضايا العربية فلسطين او اليمن بالأمس او اليوم في اطار التحالف العربي ضد الحوثيين في اليمن او تحت يافطة محاربة المشروع الايراني اذا الصورة معقدة جدا ومتشابك ومقالي هذا لا يتسع للخوص في تحليل تلك العلاقة مع القضايا العربية.

وبحكم الواقع كشاهد على الممارسات والسياسات العربية لم تنجح مصر في النهوض بالحالة العربية او حل مشاكلها خاصة التي لها علاقة بالدولة الاسرائيلية، وخاصة بعد ان عقدت معها معاهدة السلام وانفردت بالاعتراف بها كدولة دون الحصول على شيء للفلسطينيين؛ مع عدم انكارنا للتضحيات التي قدمتها مصر في حروبها مع الاحتلال قبل اتفاقية السلام كامب ديفيد واختلاف المنظور من رئيس مصري الى آخر.

ما تغير داخل المؤسسة العربية الرسمية سواء نظام او مؤسسات صاحبة قرار؛ انها اقتنعت تحت الضغط والحاجة لاستقرار أنظمتها؛ التفكير بأولوية مشاكلها الداخلية والخارجية؛ المتعلقة بالاحتلال، وتقديم معضلاتها معه على حساب القضية الفلسطينية او عدم ربطها واشتراطها بحل القضية الفلسطينية، وهذا ما حدث مع السادات ويحدث اليوم مع النظام العربي الخليجي خاصة السعودية والإمارات والحلف الجديد مصر السعودية الامارات ، ومصر اليوم ترى في نفسها اكثر المرشحين للتعامل مع القضية الفلسطينية لما لها من تأثير على البعد الامني والسياسي وعلاقات مصر مع الاطراف المعنية بالصراع امريكا و"إسرائيل" وهذا ما يفسر الاهتمام الكبير لنظام السيسي .

الواقع العربي الجديد
بعد نجاح ترامب والتحول السياسي الموقف السياسي الخليجي السعودي انقلب في عدم رضاهم لسياسات اوباما الرئيس السابق في التعامل مع الملف الايراني وحركات الربيع العربي والتي احدثت اختلال كبير في المواقف والسياسات، وانفتاح بعلاقات استراتيجية مع اسرائيل مقابل الحماية، وهذا انعكس بشكل خطير جدا على القضية الفلسطينية سواء في قرار نقل السفارة الامريكية للقدس، والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، وفرض صفقة العصر على العرب لحل الصراع بشكل مهين كما صرح به السفير الأمريكي لدى إسرائيل "ديفيد فريدمان" بأن صفقة القرن جاهزة ولو لم يعد الفلسطينيون إلى المفاوضات مع أمريكا وإسرائيل "سيدفعون الثمن".وأضاف: إذا رفضت إسرائيل الاقتراح الأمريكي للتسوية سنحترم حقها بما لا ترغب به بينما نحذر الفلسطينيين بأنهم سيدفعون الثمن إذا لم يعودوا إلى المفاوضات معنا".

حماس في عنق الزجاجة
غزة وحماس في عنق الزجاجة ومن السذاجة ألا نربط بين الاجراءات العقابية والحصر والعروض المقدمة لحماس سوار المصرية او القطرية او الاممية خاصة بعد فشل مسيرات العودة في تحقيق الاجندة المتعلقة بفك حصار غزة سواء من قبل السلطة او دولة الاحتلال والتي تعتبره اسرائيل في غير مصلحتها وهو توظيف معادي من الرئيس محمود عباس اتجاه اسرائيل بحسب ما كشفه موقع "كان" العبري، عن تهديد "إسرائيل" للرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بعدم الاستمرار في تجميد رواتب الموظفين في غزة..وأن "إسرائيل" هددت عباس في حال عدم الاستجابة، بخصم الأموال من عائدات الضرائب التي تجمعها لصالح السلطة الفلسطينية, لتحويلها إلى موظفي السلطة بغزة. .وادعى الموقع أن أبو مازن يزيد الضغط على القطاع للانفجار بوجه "إسرائيل"، وأن الأخيرة حذرته وأوضحت له، أنك لست من يحدد متى تكون المواجهة القادمة في غزة ومتى لا تكون.

هذا الوضع لعنق الزجاجة ولد قناعة وبلور مواقف وسياسات او خطط لدي قيادات في الحركة "حماس" ان العمل في كل الاتجاهات حاجة ماسة وأمر واقع ومتطلب سياسي واقعي سواء بالقنوات السرية وتوظيف العلاقات مع دول منها اقليمية وأوروبيه: مصر وروسيا، وهذا يفسر ما ذكرته قناة " كان" العبرية، اليوم الخميس، أن وفدا دبلوماسيا من روسيا زار سرا قطاع غزة يوم أمس لعدة ساعات والتقى قيادة حماس .. وبحسب القناة؛ ان الوفد دخل غزة عبر معبر بيت حانون "إيرز"، والتقى في غزة قيادات من حماس..وأشارت القناة إلى أن الأمر قد يكون متعلقا بالجهود التي تبذلها عدة أطراف دولية لتهدئة الأوضاع. مشيرةً إلى تحسن العلاقات في العامين الأخيرين بين حماس وروسيا"، والهدف من ذلك لحماس فك الحصار والتخفيف من الضغوطات الامريكية الاسرائيلية والسلطة الفلسطينية والقبول بدفع اثمان؛ لكن دون حرق مكانتها كتنظيف مقاوم يرفض شروط الرباعية الاعتراف بالوجود الاسرائيلي والهروب من الاتفاقيات السياسية المباشرة، وان تحركهم مبني على اساس الحل المؤقت والهدنة طويلة الاجل المبني على قاعدة عدم نزع السلاح الموجود لديها لكن بفرض رقابة على كل تطور جديد او تزويدها بالسلاح الهجومي كما في العرض القطري اما فيما يتعلق بالأنفاق انا على قناعة لم يعد سلاحا استراتيجيا كما يصوره البعض، وان على حماس البحث عن سلاح اخر اقل تكلفة وأكثر فعالية تدميرية؛ بمعنى هناك ارضية للقبول بحلول مؤقتة وإسعافات اولية طالما لا تنتزع الحكم والسلاح تحت اي شروط ورعاية؛ خاصة المصرية لأهمية الدور المصري لحماس وحاجتها لخبرة مصر في التفاوض مع اسرائيل وفي وجود بعض الشركاء دحلان ورقة الامارات ومصر.
ذكرت مخاطر السياسات المصرية القطرية انها تمثل ضربة لوحدة التحرك السياسي في مواجهة الصفقة الامريكية وهي تعبد طريقا لتكريس الانقسام خاصة اذا اصرت سلطة رام الله على موقفها واعتبرت ذلك يتعارض مع المصلحة الوطنية والتفاف على موقف السلطة من صفقة ترامب وهي تمهد لسلخ غزة عن الضفة و هو يتساوق صرحت ما نشرته صحيفة "القدس" من مصادر مطلعة، الثلاثاء، أن "صفقة القرن" التي تقوم على أربعة أعمدة أساسية: إزاحة القدس عن طاولة التفاوض، وإنهاء قضية اللاجئين، وضم الكتل الاستيطانية الكبرى والإبقاء على جيش الاحتلال في كافة الأراضي المحتلة مع تواجد مكثف في منطقة الأغوار علمت "القدس" ان "الصفقة" تشمل كأحد تفرعاتها "معالجة الأزمة الإنسانية في غزة".
الخلاصة
لم يعد التحرك على الصعيد العربي الرسمي يخدم القضية وارى اننا يجب ان نضع ثقلنا على الساحة الدولية ونوظف تناقضات المصالح مع الادارة الامريكية واصرار تلك الدول على احترام القوانين الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية والاشتغال بتغيير الرأي العام الدولي الاوروبي منشأ الصهيونية والمعضلة التي حَلت على حسابنا العمل على وتر الانسانية والأخلاقية مهم جدا في مرحلة عجز الكفاح المسلح ضد الاحتلال والبيئة الإقليمية المعادية والشراكة التي نشأت بينه وبين النظام العربي الخليجي وتغير الاولويات والمصالح؛ فلسطين قضية مركزية وأولوية لهم بل سلعة يساومون عليها لبناء تحالفاتهم مع الاحتلال الاسرائيلي والولايات المتحدة لحمايتهم من خطر زوال ملكهم ومصالحهم.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة