الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 03:01

عمى قلب إسرائيل يعيد الصراع للمربع الأول/ بقلم: وديع عواودة

وديع عواودة
نُشر: 15/05/18 11:02,  حُتلن: 14:27

 وديع عواودة في مقاله:

 في الذكرى السبعين للنكبة يعود الصراع لمربعه الأول، إلى 1948 بزيادة تديين تزيده تعقيدًا

الإضراب العام في الداخل غدًا، وفق التوقعات، يرمز لهذه النتيجة الطبيعية خاصة بعد اغتيال إسرائيل لتسوية الدولتين ودفنها 

رغم اختلال موازين القوى لن تفلح إسرائيل بدفع الفلسطينيين على طرفي الخط الأخضر للهجرة أو الغرق في بحر غزة وحيفا مهما بطشت وهودت

غزة تغرق بدمها والعالم يتفرج مرة أخرى. غزة بعزة أهلها تكرر محاولاتها الإفلات من القفص بثمن دماء أبنائها وعالم متنور مشغول بأضواء مسابقة الأغاني الأوروبية. غزة المحاصرة بين الأعداء والأشقاء تنزف بنيران إسرائيل والولايات المتحدة تكافئها بسفارة في القدس. غزة تمتص الضربات الموجعة وتقاوم وقيادة السلطات الفلسطينية لا تشفى من داء المفاوضات ومن الولاءات الفصائلية والحسابات الشعبوية والفوضوية.

تتزاحم الأحداث الدرامية هذه المرة، تتعالى ألسن اللهب وسحب الدخان لكن الصورة تبدو جلية أكثر من وقت مضى.. صورة الوضع الذي تأخذنا إليه جميعًا حكومة إسرائيلية وصفها بعض النظرات الثاقبة من الإسرائيليين بالحمقاء.
في الذكرى السبعين للنكبة يعود الصراع لمربعه الأول، إلى 1948 بزيادة تديين تزيده تعقيدًا. الإضراب العام في الداخل غدًا، وفق التوقعات، يرمز لهذه النتيجة الطبيعية خاصة بعد اغتيال إسرائيل لتسوية الدولتين ودفنها وفقدان أي إشارة بفرض تسوية للصراع من جهة العالم. إسرائيل (التي لا تفهم سوى لغة القوة كما أكدت شولميت ألوني قبل رحيلها) أعمتها القوة وتنسى أن هذه ليست غير محدودة وتمعن في إستراتيجية "كيّ وعي" الفلسطينيين بالحديد والنار لدفعهم للاستسلام والخضوع. وزير الأمن السابق توقف عند نظرية "كيّ الوعي" في كتابه (طريق طويل طريق قصير) لكن إسرائيل تمارسها على الأرض بقوة مفرطة منذ الانتفاضة الثانية عام 2000.

إسرائيل اليوم في 2018، في مولدها السبعين تبدو ثملة أيضًا من خذلان العرب (وتواطؤ بعض قادتهم) والمسلمين ومن فتور رد العالم الديموقراطي الغربي وروسيا على مجزرتها في غزة. ولعل انقسام الفلسطينيين، ضعفهم وتحويلهم لمجموعات متناثرة يساهم في إبقاء إسرائيل (حكومة ومعارضة) عمياء ومتعجرفة ورافضة تسوية الدولتين الظالمة للفلسطينيين، تدوس حقوقهم ظانة أن غدها سيكون مثل يومها. فلسطين لن يحرّرها العرب والمسلمون ولن يسعفها الغرب المصاب بازدواجية المعايير ويفضل مصالحه على قيمه. رغم اختلال موازين القوى لن تفلح إسرائيل بدفع الفلسطينيين على طرفي الخط الأخضر للهجرة أو الغرق في بحر غزة وحيفا مهما بطشت وهودت، وحشائش نيسان تنتظر بالمرصاد كل مملكة قامت وتقوم على السيف وجماجم الآخرين. في ظل الواقع وآفاقه ستبقى حالة الكّر والفّر مستمرة حتى تحول الديموغرافيا البلاد من بحرها لنهرها لدولة واحدة تسودها حالة يوغسلافية.. لن تجدي فيها استراتيجيات القوة ولا كيّ الوعي نفعًا. بقاء الفلسطينيين على الأرض ونضالهم الشعبي واحتفاظهم بجمرة المقاومة للمشروع الصهيوني وقض مضاجع سلبة حقوقهم لا يقل عن كل نيران إسرائيل.

النهر يتدفق في الطبيعة ويأخذ مجراه ولا تبقى غير حجارة الوادي والمقصود بالحجارة الأصلية من نتاج تربة أصلية لا حجارة رخامية صقيلة مستوردة. الطيور المحلية لا تغادر وتبقى في وكناتها حتى لو عزّ العلف وتدنت جودة الغذاء والماء. هذه حتمية الجغرافيا وهكذا هي حتمية التاريخ وللأسف ستتدفق أيضًا دماء كثيرة حتى تتحقق بسبب العمى، عمى القلب الإسرائيلي.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة