الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 07:01

لماذا نخون؟/ بقلم: سونا زعبي عثمان

سونا زعبي عثمان
نُشر: 12/05/18 09:41,  حُتلن: 13:14

سونا زعبي عثمان في مقالها:

قبل أسبوع أو أكثر سمعنا عن "فضيحة" جديدة في القدس، مرة اخرى إنكشفت علنا خيانة زوج لزوجه، وظهر للعلن كسر عقد الزواج ووعد الحُبْ الأُحادي الأَبدي

أتساءل، لماذا بحق السماء يستعصي الانسان منذ الخليقة في إمتحان التفاحة الأزلي في مؤسسة الزواج؟ وما الذي لا تزال تجهله البشرية عن طبع الإنسان في هذا المكان أيضا؟

تظهر بوضوح الثغرة الواسعة التي تركتها جميع الديانات في فهم البشرية في هذا الموضوع بالذات وعدة مواضيع أخرى عندما يتوقف الانسان عن السؤال والبحث الذاتي وإتباع القوانين الشخصية بشكل جماعي وغير فردي، دون أن يفحص مدى ملائمتها الشخصية له

تتسائل د. استر پيريل، دكتورة النفس ومعالجة الأزواج البلجيكية المشهورة عالمياً في احدى محاضراتها:
"لماذا نخون؟"
"ولماذا يقوم الأزواج السعداء بالخيانة؟"
"وما الذي تشمله كلمة خيانة؟"

وتتسائل پيريل أيضاً بعد خمسة وعشرين سنة من معالجة ومرافقة آلاف الأزواج التي مرت بينهم قطة الخيانة، إن كانت الخيانة تقرر حتماً نهاية الزواج؟

قبل أسبوع أو أكثر سمعنا عن "فضيحة" جديدة في القدس، مرة اخرى إنكشفت علنا خيانة زوج لزوجه، وظهر للعلن كسر عقد الزواج ووعد الحُبْ الأُحادي الأَبدي.

مرة أخرى ومن جديد تكتشف شخصاً يُظهر للعلن حياةً زوجية روتينية تكللها وظيفة رفيق ٍحبيب ورجل عائلة مثالي، بينما يمارس سراً حياةً تشبه حياة رئيس حكومة إيطاليا السابق برلسكوني، واللاعب تايجر وودز، وحاكم نيويورك سپيتسر، ورئيس فرنسا السابق فرنسوا ميترا، والكرزة الحمراء، كلينتون. لكن جاري العزيز، ولِحُسن حظه طبعاً، ليس مشهورا كفاية لتتداول الصحف خيانته وتفاصيل بناءه لحياة أخرى موازية لحياته مع عائلته، فتنحصر قضيته في حلقات وبيوت مجتمعه.

وأعود لأبحث من جديد،
ما الذي نخبئه هنا مرة أُخرى "تحت البساط"؟
وكأننا نستطيع بذلك أن نُبْطِلَ وجوده؟
فالخيانة من حولنا جميعاً، جميعاً.
تشم رائحتها وترى لمعان ألسنتها في كل مكان، فتغلق عينيك ثم تغلق نوافذك محاولا أن تؤمن بكل قوتك أن هذا الحريق المنتشر لن يدخل بيتك.

وأتساءل، لماذا بحق السماء يستعصي الانسان منذ الخليقة في إمتحان التفاحة الأزلي في مؤسسة الزواج؟ وما الذي لا تزال تجهله البشرية عن طبع الإنسان في هذا المكان أيضا؟

قد كانت وما زالت الخيانة، التي يتم كشفها طبعاً، ملكة كل الفضائح الدسمة في المجتمعات منذ ان بدأت عقود الزواج بالتكون، وربما قبل ذلك، وبالرغم من هذا النفوذ الواسع يرفض الانسان الإعتراف الحقيقي والعلمي بوجودها، ويمنع من نفسه بذلك الحق في دراستها والبحث فيها، فيتجاهلها دون أن يقف أمامها ويواجهها.

لماذا يصل معدل الخيانة الزوجية العام في العالم ما بين ٥٥-٦٥% ؟ (هذه الإحصائيات لا تشمل البورنوجرافيا ولا المحادثات الألكترونية!)
وما الذي تقوله هذه الأرقام عن طبيعة الجنس البشري؟
ما هذه الصعوبة البالغة التي تواجهها نصف البشرية في الحفاظ على الوفاء لرفيق واحد ووحيد طوال العمر؟
ولماذا حاول الدين الاسلامي واليهودي مساعدة الرجل في تفهم حاجته العالية للغزو وكيف فشلت حين وجدت أن الرجل لا يزال يبحث عن المرأة الخامسة بعد أن تزوج الأربع،
ولَم تتفهم غريزة المرأة القوية أبداً؟
أين فشلت وتفشل الديانات والمجتمعات حتى يومنا هذا في فهم أطباع الإنسان الجنسية؟

هل تجد مؤسسة الزواج نفسها، وبالرغم من حسناتها وقدرتها على ترتيب مجتمعاتنا وتنظيمها، عارية امام فضول الانسان الفطري، الرجل والمرأة أيضا، ورغبتهما الدائمة في الغزو ورغبتهما الأكبر في تطوير وتجديد أحاسيسهما بشكل دائم؟

فما الذي يحدث هنا؟وماذا يقول لنا العلم؟

قبل مئتين سنة حاول داروين التعمق بالإضافة الى أبحاثه عن التطور البشري في بحث الأُحادية في الزواج (مونوجومي) وعمل في نظرياته على إثبات الرغبة الفطرية في الأُحادية لدى الإنسان!
الشيء الذي تم العمل عليه هذا القرن مجددا من الباحثة العالمية المشهورة د. هيلين فيشر ونفيه بشراسة من ثنائي الباحثين العالميين، كريستوفر رايان وسسيلدا جيتا (في كتابهم الجديد sex at dawn).

أكدت فيشر في أبحاثها التي استطاعت ان تدعمها من استجوابات إمتدت الى ثلاثين دولة وأكثر من ثلاثة عشر آلف استجواب، أن الإنسان، رجلاً كان أم إمرأة، يميل بفطرته الى الرغبة في عدم المشاركة برفيقه لكن ميله هذا لا يمنعه بتاتا من رغبة فكرة الإزدواج مع الآخرين!
والجديد في بحثها أنها تحاول أن تثبت ان هذه الرغبة ما هي الا صفة فردية مزروعة في كل واحد فينا بشكل مختلف، ويعتمد اختلافها بين الشخص والآخر وفقا للمبنى البيولوجي الخاص به!
وما الذي يعنيه كل هذا؟

ما الذي تعنيه فيشر حين تقول بأنها صفة مغروزة فينا، هل هذه الرغبة مزروعة فينا كما هو لون البشرة؟ ولون العينين؟
فأحدنا خُلِقَ أُحاديا مطلقا مؤمنا ومكتفياً بالحب الأبدي اللانهائي لشخص واحد؟
بينما يفضّل الاخر وجود اكثر من رفيق في حياته؟ فتكون الحياة الزوجية الأُحادية للأول مريحة وملائمة لطباعه بينما يمضي الأخير حياته محاربا لفطرته الحقيقية في سبيل إرضاء الهيكل الاجتماعي الحالي ولإرضاء رفيقه؟
فيكون فشله مجرد مسألة وقت؟!

تظهر بوضوح الثغرة الواسعة التي تركتها جميع الديانات في فهم البشرية في هذا الموضوع بالذات وعدة مواضيع أخرى عندما يتوقف الانسان عن السؤال والبحث الذاتي وإتباع القوانين الشخصية بشكل جماعي وغير فردي، دون أن يفحص مدى ملائمتها الشخصية له.
فهل يستطيع الانسان حقاً أن يتعامل مع قوانين الأحوال الشخصية كما يتعامل مع قوانين السير؟
أحمر. أخضر. سر. قف.

يقول ماستيرز، من أعظم باحثي الجنس البشري في سنوات الستينات، بأننا لن نستطيع ان نجد اثنين في هذا العالم يرسمان اللوحة ذاتها بتطابق كامل، فلماذا نطلب اذا ان نحكم الأحكام الشخصية الجسدية الجماعية علينا جميعا، ونتعجب عندما نفشل بذلك.
هل تستطيع البشرية إرغام الانسان بالمشي وراء قوانين الدين والهيكل الاجتماعي الحالي دون أن يكون للفرد أي قدرة على بناء المبنى الخاص والملائم له؟
وما الذي سيحدث لو عاش كل إنسان بالهيكل المناسب له؟ هل ستعم الفوضى؟ وهل سنحتاج لسن العديد والمزيد من القوانين المدنية والدولية للتحكم بالمبنى الإجتماعي.


وماذا تقول سونا؟
هنا أعود للشغف.

لا أدري حقا بعد كل ما قرأته، ما الذي يجعل اَي إنسان "ينجح" او "يفشل" في إمتحان التفاحة الأزلي بعد أن إختار شريكا له في حياته، وإن كان بإستطاعته فعلا النجاح في هذا الامتحان إن كان ذلك معاكسا لفطرته البيولوجية الحقيقية?

الخيانة مسألة في غاية السهولة اليوم، أكثر من أي زمن مضى، فهي موجودة أمامك في كل مكان وما عليك الا أن تفتح عينيك لتراها في أعين من حولك.

وأنا أقول، لا تخف منها! واجهها، اعترف بوجو
وماذا تقول سونا؟
هنا أعود للشغف.

لا أدري حقا بعد كل ما قرأته، ما الذي يجعل اَي إنسان "ينجح" او "يفشل" في إمتحان التفاحة الأزلي بعد أن إختار شريكا له في حياته، وإن كان بإستطاعته فعلا النجاح في هذا الامتحان إن كان ذلك معاكسا لفطرته البيولوجية الحقيقية?

الخيانة مسألة في غاية السهولة اليوم، أكثر من أي زمن مضى، فهي موجودة أمامك في كل مكان وما عليك الا أن تفتح عينيك لتراها في أعين من حولك.

وأنا أقول، لا تخف منها! واجهها، اعترف بوجودها، وكن واعياً لها.
قف أمامها عاريا مبتسما أو عارية مبتسمة وأنظر للخيانة ملئ عينيك وابتسم، وناقش هذا الشعور بالخوف منها أو الرغبة فيها مع رفيقك، ضع مشاعرك واحاسيسك على طاولة الحوار معها، ان شعرت يوما برغبة الى شخص اخر غير رفيقك أو رفيقتك، عليك أن تكون صادقا وتقل لها حقيقة أفكارك، أقدم على ذلك! تجرأ! لم أقل أن تقدم على الفعل، ولكن شارك رفيقك بأفكارك!
هذا العراء الفكري الحقيقي ممتع ومخيف حد الجزع، أن يكون لك رفيقاً تحبه وتثق به لدرجة اجلاء كل حقيقتك أمامه، تلك الحقيقة التي لا تريد اَي شخص ان يعلم بها. عراء الأفكار والنزوات والجنون أمام رفيقك سيحملك الى عالم آخر معه، عالم يملأه الشغف والحريّة وإن قابلك رفيقك بالرفض ونعتك بالفجور والجنون في البداية، لا تخف، أقدِم وتجرأ، وأظهر له حبك وعشقك الأبدي له رغم أفكارك ونزواتك! وتفهم أن خوفه العظيم من أفكارك أن يخسر حبك! وقد تكتشف رفيقاً جديداً لم تعلم بوجوده الى جانبك من قبل!
فمن منا يعرف رفيقه حقيقة، أو اَي شخص على حقيقته الكاملة، حقا؟!
لكن إياك أن تخن الوعد!
وإياك أن تخن الصدق بينكما!

من السهل أن تغزو امرأة جديدة أو رجلاً جديداً، ولكن الصعوبة الكبرى والرجولة والأنوثة الحقيقية أن تتقن فن غزو رفيقك مرة تلو الأخرى، سنة تلو الأخرى وان تتعلما معاً فن الصعود في درجات الحب والشغف والرغبة عبر السنين بالرغم من إنجلاء خبايا الروح.
فعلاقتك العاطفية والحميمة هي الذروة التي تصل اليها في حياتك، وهي القاعدة التي تجعلك تبدع وتنطلق.
فإن لم تكن سعيدا بها، في كل جيل، لن تسعد حقيقة في حياتك.

فهل تظن أن رفيقك يعرف حقيقتك؟
وهل تظن أنك أنت على استعداد لكشفها؟

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net     

مقالات متعلقة