الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 14:01

احتلال متواصل وانسداد افاق التسوية والحل/ بقلم: خالد خليفة

خالد خليفة
نُشر: 02/04/18 18:43,  حُتلن: 11:19

خالد خليفة في مقاله:

تعتبر السياسة الإسرائيلية سياسة مرنة دوليا فعندما تواجه المصاعب والمشقات نراها تنتهج سياسة غير متشددة

ما تفعله إسرائيل مع الفلسطينيين هو إستراتيجية واضحة المعالم بعدم التنازل قيد أنمله، فهنالك تشدد مع القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية

تنتهج إسرائيل عناصر تلك السياسة وبدعم دولي واسع النطاق وصمت عربي، الأمر الذي لا يجعل للقيادة الفلسطينية من خيارات حقيقية يمكن استعمالها لمواجهة تلك السياسة

إسرائيل غير معنية بالمصالحة الفلسطينية وحتى لو ارادها ابو مازن ويحيى السنوار فسوف لن تتم بدون ارادة اسرائيل

 افاق التسوية مغلقة بسبب الدعم الامريكي والصمت الإقليمي العربي اللامتناهي وبسبب عدم فهم ماهية ميكانيكية الاحتلال التي تديره إسرائيل للتفريق سياسيا بين الضفه الغربية وقطاع غزة

تعتبر السياسة الإسرائيلية سياسة مرنة دوليا فعندما تواجه المصاعب والمشقات نراها تنتهج سياسة غير متشددة، فعندما واجهت اوردوغان في أزمة المرمرة، تنازلت بسرعة كبيرة لتركيا ودفعت التعويضات المباشرة لكي تحافظ على علاقات طويلة الامد مع تركيا.

كما هو الحال مع الاردن فعندما قد قتل دبلوماسي إسرائيلي مواطنين أردنين في السفارة الاسرائيليه في عمان ، و عندما حاولوا دس السم لخالد مشعل عام 1996 ، نراها تتنازل بسرعه و تدفع التعويضات لكي تحافظ على علاقات استراتيجيه مع الاردن وايضا في مسألة اللاجئين الافارقه ، حيث تحاول ايجاد تسوية لعدم طردهم من البلاد بعد الضغط الدولي عليها و اظهارها كدولة عنصرية، أن إسرائيل تتنازل تكتيكيا من اجل أهداف استراتيجيه كبرى.

ولكن ما تفعله إسرائيل مع الفلسطينيين هو إستراتيجية واضحة المعالم بعدم التنازل قيد أنمله، فهنالك تشدد مع القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية، حيث انها تفرض شروط قاسية على مجرد البدء بمفاوضات مع الجانب الفلسطيني و هي كالتالي : - الاعتراف بيهودية ألدوله و أن كل فلسطين هي ارض يهودية و بعد الاعتراف الفلسطيني بذلك يمكن لإسرائيل أن تبدأ بأي نوع ما من المفاوضات.
- حق إسرائيل في بناء مستوطنات جديدة و توسيع مستوطنات قائمه ثابتة كانت أم عشوائية .
- على الفلسطينيين تغيير مناهج التعليم لكي تتوافق مع الاعتراف بحق إسرائيل على فلسطين التاريخية .
- ألمطالبه بإلغاء نظام العدالة الاجتماعية للسلطة ألفلسطينييه المتعلق بإعطاء رواتب شهريه للأيتام و الأرامل الذي سقط أبنائهم و بناتهم في عمليات استهدفها الاحتلال.

وتنتهج إسرائيل عناصر تلك السياسة وبدعم دولي واسع النطاق وصمت عربي، الأمر الذي لا يجعل للقيادة الفلسطينية من خيارات حقيقية يمكن استعمالها لمواجهة تلك السياسة، أما بكل ما يتعلق بالدعم ألأمريكي ، فهو دعم غير متناهي و يتمثل بدعم عسكري سياسي مالي و معنوي لا مثيل له في التاريخ بدأ منذ عام 1976 عندما أسدل الستار على الجبهة ألمصريه ، وبدت مصر وإسرائيل للعيان بعد اتفاقية السلام و مبادرة السادات كتوأمان يتبعان الإدارة الامريكيه بالكامل. وقد جاء الاعتراف الأمريكي بالقدس كعاصمة لإسرائيل ليعقد الأمور و ليقلل الخيارات السياسية للعمل الاستراتيجي الفلسطيني.

أمّا بالنسبة لغزة فهنالك ايضا انسداد في الخيارات السياسيه حيث ان إسرائيل و الولايات المتحده لا يعترفون بحماس كشريك سياسي يمكن توقيع اي اتفاقيه معه، كما انهم في الحقيقه و في واقع الامر يمنعون اي مصالحة سياسيه بين الفلسطينيين انفسهم.
إنّ سيطرة إسرائيل على منافذ غزة البحرية والجوية وسيطرتها المطلقة على الضفة الغربية، تحول من المصالحة الفلسطينية و أي تواصل و تنقل للسكان و البضائع بين شطري الوطن. وإسرائيل غير معنية بالمصالحة الفلسطينية وحتى لو ارادها ابو مازن ويحيى السنوار فسوف لن تتم بدون ارادة اسرائيل.

ان الحوار الفلسطيني لا يعي أهمية "الفيتو" الإسرائيلي في إحداث المصالحة ، واكبر مثال على ذلك محاولات المصالحة المصرية الأخيرة ، و التي بائت بالفشل بعد المحاولة المشبوهة لاغتيال الحمضله و ماجد فرج في غزة.

أما بالنسبة لغزة فالوضع يزداد من سيء الى أسوأ ، حيث يعيش 2.5 مليون فلسطيني في مساحة لا تتجاوز ال 350 كيلو مترا مربعا ، و هي من أعلى الكثافات السكانية في العالم وتعتبر غزة من اكبر الجيتوات السكانيه ، حيث ان الفلسطينيين لا يقومون بمقارنة تلك الجيتوات التي أقامها الالمان على اراضي بولندا في منتصف الثلاثينات.
و هناك اجماع اعلامي وجماهيري كامل في إسرائيل على الوجوب في ابقاء غزة في جيتو بدون اي بصيص من الامل للتحرك، و تعتبر تصريحات " تامار زنبرج" الاخيرة رئيسة حزب ميرتس تصريحات جريئه في الشارع الاسرائيلي ،من حيث الاجماع على طمس غزة. وكان من الواجب على القائمة المشتركة وقياداتها أن تحيي تلك التصريحات، والتي صرحت فيها بأن غزة موجودة تحت حصار وعلى اسرائيل ايجاد الحلول لها.

و تحكم اسرائيل قبضتها العسكرية على كافة المداخل و الممرات البرية البحريه و الجويه في قطاع غزة. حيث تقوم بفرض السيطرة المطلقه البحريه و تمنع دخول اي شيء بحرا منها و اليها ، كما تسيطر جوا على تحركات السكان و تقصف اي شخص يمكن ان يشكل خطرا عليها. وبواسطة سيطرتها البرية المحكمه فهي تمرر البضائع لغزة و تربح نتيجة لذلك مليارات الدولارات ، حيث ان اتفاقيات باريس تمنح اسرائيل سنويا بين 15-20 مليار دولار ارباحا صافيه للاقتصاد الإسرائيلي.

واذا دفعت اسرائيل للسلطة الفلسطينية ما يتراوح الاربعه مليار دولار في العام فأن ذلك بمثابة 18% ( ضريبة اضافيه) من مجموع العائدات التي تدخل الى الخزانة الاسرائيليه ، اي 20 مليار دولار ، و هذه ارباح خياليه تدعم الاقتصاد و الاحتلال الاسرائيلي تنميه و تغذيه و تعطيه نفسا اطول لاستمراره. حيث أصبحت تلك العائدات المالية  جزءا لا يتجزأ عناصر الامن القومي الإسرائيلي.

وكان قد صرح نتنياهو بذلك فقط قبل شهرين في احد زياراته الدولية في الخارج عندما سئل عن سبب عدم انسحابه من الضفة الغربية و قطاع غزة. مهما يكن، فإنّ افاق التسوية مغلقة بسبب الدعم الامريكي والصمت الإقليمي العربي اللامتناهي وبسبب عدم فهم ماهية ميكانيكية الاحتلال التي تديره إسرائيل للتفريق سياسيا بين الضفه الغربية وقطاع غزة، الأمر الذي يصعب على ايجاد إستراتيجية فلسطينية واضحة للتخلص من الاحتلال.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net   

مقالات متعلقة