الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 00:02

الفلسطينيّون يتصدّون للصهيونيّة/ بقلم: جميل السلحوت

كل العرب
نُشر: 21/01/18 14:01,  حُتلن: 13:35

جميل السلحوت في مقاله:

الدّارس لتاريخ الصّهيونيّة سيجد أنّ المسيحيّة الصهيونيّة كانت سابقة في الظّهور على الصّهيونيّة اليهوديّة

 الصّهيونيّة حركة عنصريّة، تؤمن بأنّ اليهود "شعب الله المختار". أي أنّها ترى اليهود أفضل من بقيّة البشر

الصّهيونيّة التي تتحكّم بامبراطوية اعلاميّة كبرى، وتغطي العالم جميعه، كما تتحكّم بمؤسّسات وبنوك عالميّة استطاعت تضليل الرّأي العامّ العالميّ، وتجنيده لصالحها

 انتبه الشّعب الفلسطينيّ لخطورة الفكر الصّهيونيّ الذي استهدف بلاده فلسطين منذ البدايات، فقاومه رغم امكانيّاته الضّئيلة

لم نختلف يوما مع اليهوديّة كدين، والتّاريخ يشهد أنّ العرب والمسلمين في الأندلس "اسبانيا" قد احتضنوا اليهود الذين لوحقوا في أوروبّا ووفرّوا لهم الحماية. وعندما خرج المسلمون من الأندلس عام 1492م، خرج اليهود معهم وانتشروا في الشّمال الافريقيّ، وحظي اليهود في المشرق العربيّ "العراق، اليمن، سوريا، لبنان وفلسطين بحقّ المواطنة الكاملة" حتّى نشوء الحركة الصّهيونيّة في أواخر القرن التّاسع عشر، وعبّأت في فترات متلاحقة اليهود بفكرها، بل إنّها ارتكبت جرائم بحق بعض التّجمعات اليهوديّة كما حصل في العراق، من أجل اجبارهم على الهجرة إلى فلسطين، تمهيد لإقامة دولة اسرائيل. كما قامت بصفقات "تجاريّة" و "رشاوي" لمسؤولين في دول عربيّة لترحيل اليهود إلى فلسطين، كما حصل مع يهود المغرب والعراق وحتّى السودان في فترة حكم جعفر النّميري. وآلاف اليهود العراقيّين وصلوا بداية الخمسينات في رحلات جوّية مباشرة من مطار بعغداد إلى مطار اللدّ في فلسطين.

والدّارس لتاريخ الصّهيونيّة سيجد أنّ المسيحيّة الصهيونيّة كانت سابقة في الظّهور على الصّهيونيّة اليهوديّة. لكنّ الأخيرة التقطت الفكرة واعتبرتها "حركة تحرّر لتجميع يهود العالم، وإقامة وطن قومي لهم في فلسطين اعتمادا على الموروث التّوراتيّ"، وذلك بعد عدّة مقترحات لإقامتها في مناطق أخرى كأوغندة في شرق افريقيا، وكالأرجنتين في أمريكا الجنوبيّة.

ويلاحظ أنّ الصّهيونيّة حركة عنصريّة، تؤمن بأنّ اليهود "شعب الله المختار". أي أنّها ترى اليهود أفضل من بقيّة البشر. ولم تكتف الصهيونيّة بالتّمييز بين اليهود و"الغوييم" –غير اليهود- بل تتعدّى ذلك إلى التّمييز بين اليهود الغربيّين"الاشكناز" وبين اليهود الشّرقيّين. لذا فإنّ الغالبيّة العظمى من المناصب الرّفيعة في اسرائيل يتبوأها يهود غربيّون. واسرائيل التي وصفها الرّئيس الأمريكي ترامب" بالدّولة الدذيموقراطيّة الفريدة" ووصفها سابقوه في أمريكا وأوروبا "بواحة الدّيموقراطيّة في الشّرق الأوسط" فيها قانونان، قانون يطبّق على مواطنيها العرب، وآخر يطبّق على اليهود. وفيها مؤسّسات لا تسمح بالعمل فيها لغير اليهود.

والصّهيونيّة التي تتحكّم بامبراطوية اعلاميّة كبرى، وتغطي العالم جميعه، كما تتحكّم بمؤسّسات وبنوك عالميّة استطاعت تضليل الرّأي العامّ العالميّ، وتجنيده لصالحها، وقد وصلت سطوتها درجة التّحكّم بسياسة أمريكا الدّولة الأعظم في العالم، واستطاعت اقناعها بأنّها الحامية للمصالح الأمريكيّة في الشّرق الأوسط. ونظرا للأطماع التّوسعيّة الصّهيونيّة الحاكمة في اسرائيل فإنّها فشلت بتحقيق الأمن والسّلام لشعبها. وفرضت عليه أن يعيش في حالة خوف دائم، مع أنّها تملك قوّة عسكريّة تفوق قوّة دول الشّرق الأوسط مجتمعة.
وقد انتبه الشّعب الفلسطينيّ لخطورة الفكر الصّهيونيّ الذي استهدف بلاده فلسطين منذ البدايات، فقاومه رغم امكانيّاته الضّئيلة، منذ انتهاء الحرب العالميّة الأولى، وتشجيع الانتداب البريطاني للهجرات اليهوديّة إلى فلسطين، واستمرّ في ذلك حتّى يومنا هذا.

وفي المقابل فإنّ النّشاط الصّهيونيّ لم يتوقّف هو الآخر، وإذا كانت أمريكا قد ورثت الدّور البريطانيّ والفرنسيّ في التّحكّم بالمنطقة العربيّة، فإنها من خلال نفوذها وقوّتها وتحالفها الاستراتيجيّ مع اسرائيل قد عملت على خلق "لوبي عربي صهيونيّ" تمثّل في تحالفات أمنيّة وتجاريّة اسرائليّة مع دول عربيّة، فإنّها لم ولن تستطيع ترويض الشّعب الفلسطينيّ الذي يناضل في سبيل حقّه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلّة بعاصمتها القدس الشّريف. فهل سيسجّل التّاريخ أنّ الفلسطينيّين قد وقفوا وحدهم في مواجهة الخطر الصّهيونيّ الذي تتخطّى أطماعه حدود فلسطين التّاريخيّة؟ 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net   

مقالات متعلقة