الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 13:01

قراءة ديموغرافية لإسرائيل 2017/ بقلم: خالد خليفة

كل العرب
نُشر: 09/01/18 16:26,  حُتلن: 07:42

خالد خليفة في المقال:

هنالك ضعف بنيوي ورقمي لقدرة هذه الدولة على أن تقوم بتحمل مسؤولياتها الداخلية وفي نفس الوقت تقوم بالمهام الاقليمية والاستعمارية لهذا الكيان

الرؤية الاستراتيجية لحكومات اسرائيل المتتالية هي الحفاظ والسيطرة على كافة سكان واراضي الضفة الغربية وقطاع غزة بسيطرة عسكرية مطلقة 

لقد انتهى عام 2017 في هذه البلاد بسلسلة قوانين جارفة وظالمة، وأكثر ما يلفت الانتباه في هذه الدولة هو مثابرة واستمرارية الطغمة الحاكمة في سن قوانين استفزازية مثيرة للحقد الكراهية والاستعلاء العرقي، تهدف إلى رفع مكانة اليهودي عن العربي في هذه البلاد، حيث ان كل تلك القوانين هي قوانين سنت وأقرت بهدف المساس بمكانة المواطن العربي وفي هذه البلاد ورفع شأن مكانة المواطن اليهودي وتثبيتها قانونيا، اجتماعيا واقتصاديا وأكثر من ذلك معنويا.
ويعتبر قانون القومية، قانون القدس وقانون ضم المستوطنين، قانون الإعدام للفلسطينيين وليس للإسرائيليين أهم مثال على ذلك.

وفي خضم سن تلك القوانين لم ينتبه الجميع إلا ما صرح به مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي إلا إن عدد سكان دولة إسرائيل في حدود عام 1967 بلغ 8،7 مليون نسمة.
وفي هذه المقالة أريد ان القي الضوء على وضعية تلك الإحصائيات والارقام المتعلقة بعدد سكان هذه الدولة وإلى أين نحن ذاهبون مع هذه الحكومة اليمينية المتطرفة، فما أعلنه مكتب الإحصاء المركزي هو إن عدد السكان اليهود في دولة إسرائيل من مجموع 8.7 مليون نسمة هو 75% اي ما يقارب 6.7 مليون يهودي، اي ان هذا العدد الحقيقي لسكان دولة اسرائيل اليهود داخل اسرائيل وفي مناطق الاستيطان في الضفة الغربية.
اما عدد سكان العرب فيتراوح بين مليون و900 الف ومليونين و400 الف، اذا اخدنا بعين الاعتبار ان إسرائيل تنظر الى 4% من السكان كآخرين، ويمكن أن يكون من الدروز او من القادمين غير اليهود.

إنّ هذا العدد من اليهود (6.7 مليون) يعتبر عددا ضئيلا لدولة لها مطامع محلية إقليمية ودولية بهذا الحجم، فعلى الصعيد المحلي فإنّ هذه الدولة تطمح الى رفع مكانة اليهود كالأقوى والارفع شأنا من مكانة العرب في داخل الدولة ومن هنا فإنّها تسن ليل نهار قوانين تمس بمكانة العرب وتنزلهم الى الهاوية.
اما على صعيد سيطرتها على الضفة الغربية فإنّها تعطي الانطباع المحلي والدولي، إلّا انها تسير نحو نظام "ابارتهايد" متكامل، من حيث السيطرة على الموارد الطبيعية والسكان، وتحجيم المكانة القانونية لهؤلاء الفلسطينيين ورسم مصيرهم النهائي بأيدي دولة أسرائيل.

هنالك شكوك مثيرة للجدل بقدرة اسرائيل على السير بهذا المسار نظرا لقلة عدد اليهود كما ورد في احصائيات عام 2017، حيث ان هنالك ضعفا بنيويًّا ورقميًّا لقدرة هذه الدولة على أن تقوم بتحمل مسؤولياتها الداخلية وفي نفس الوقت تقوم بالمهام الاقليمية والاستعمارية لهذا الكيان، حيث ان الـ6.7 مليون لا يستطيعون القيام بالشكل الكافي بمثل هذه المهمات، فإذا قمنا بتجزئة هذا الرقم فهنالك 1.5 مليون من الاولاد والطلاب دون سن الـ15 كما أنّ هنالك حوالي 2 مليون من العجزة والشيوخ تقريبا، أيّ أنّ نسبة الطبقة المتوسطة ما بين الـ20-60عامًا، لا تصل إلى 4 مليون وتلك الطبقة المتوسطة لا تستطيع القيام بالمهام الجسيمة اي المحلية والإقليمية والدولية لهذه الطغمة الحاكمة.

ومن هنا فيمكننا استخلاص عدة استنتاجات عن هذه الأرقام الوخيمة لتعداد سكان دولة إسرائيل في نهاية 2017 :
أ‌. فمع ان العرب في اسرائيل يواجهون هجوما كاسحا من حيث القوانين التي تسن ضدهن ليل نهار، فإنّ عددهم هو 2،1 مليون نسمة وبدونهم لا تستطيع الدولة ان تقوم بواجباتها الاساسية، فإذا طورنا ما قاله بن غوريون عام 1957 بأنّنا نريد العرب حطابون وسقاة ماء فإنّ الوضع اليوم يراوح نفسه كون حكام تلك الدولة الحاليين بحاجة ماسة إلى العرب لتفعيل الدولة واقتصادها من قبل العرب حيث أنّ العرب اصبحوا يملكون الادوات الكافية لتفعيل حقول واسعة النطاق في هذه الدولة وبدونهم فإنّ هذه الدولة تتوقف عن العمل.

ب‌. ان ماكنة الاعلام الاسرائيلي تعمل ليل نهار لتشجيع الهجرة وتحاول اسرائيل ان تطور وسائل اقناع والدعاية لجلب المهاجرين اليها، و لكن موجات الهجرة الكبرى التي كانت تأتي بعد انتصارات عام 1967، وانهيار الاتحاد السوفييتي عام 1990 قد توقفت وباتت الهجرة لأشخاص منفردين من هنا وهناك من اماكن مختلفة في العالم، حيث ان هنالك استقرارا اقتصاديا في العديد من الدول الذي يعيش فيها اليهود كأوروبا والولايات المتحدة حيث انهم لا يفضلون القدوم الى إسرائيل الا لإغراءات مادية، فإذا أخدنا نسبة الميزان الديموغرافي فإنّنا نرى نوع من التوازن بين نسبة القادمين والنازحين وهذا على عكس سنوات القرن الماضي.

ت‌. ان عدم الاستقرار السياسي الذي يسود هذه البلاد هو عامل مهم في الحفاظ على انخفاض في عدد السكان حيث ان الترقب المستمر لحدوث حروبات محلية وإقليمية هو عامل مهم في الحفاظ على رقم منخفض لعدد السكان اليهود والعرب في نفس الوقت.
ان الرؤية الاستراتيجية لحكومات اسرائيل المتتالية هي الحفاظ والسيطرة على كافة سكان واراضي الضفة الغربية وقطاع غزة بسيطرة عسكرية مطلقة ولكن دون اعطاء اي افق سياسي لإيجاد حل سياسي عادل، حيث إنّه على المدى البعيد لا يستطيع هذا العدد من السكان اليهود الاستمرار في السيطرة وتمرير مطامحهم الاقليمية وفي نفس الوقت القيام بواجبات الدولة الداخلية على المدى البعيد.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net   

مقالات متعلقة