الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 18 / أبريل 02:02

قضايانا عادلة وعلينا طرحها بقوة في المحافل الدولية/ النائب د. يوسف جبارين

كل العرب
نُشر: 28/12/17 16:06,  حُتلن: 13:41

النائب د. يوسف جبارين - رئيس لجنة العلاقات الدولية في القائمة المشتركة:

علينا العمل على انتداب مندوب دائم يمثل الأقلية العربية في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل وفي الأمم المتحدة.

نسعى لأن يتبنى الاتحاد الاوروبي شروطًا مستقبلية امام اسرائيل تتعلق بحماية حقوقنا وضمان حصتنا في الموارد الدولية التي تصل البلاد.

علينا وضع خطة عمل شمولية للمرافعة الدولية وبناء منظومة داخلية لمتابعة استمرارية هذه المرافعة بشكل مستدام.

تشهد السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في مشاركة القيادات العربية في البلاد في لقاءات، اجتماعات، محاضرات، ومحافل سياسية في دول ومنظمات دولية عديدة في العالم، ومع شخصيات سياسية رفيعة المستوى، اقليميًا ودوليًا.

كان آخر مثل هذه اللقاءات جولتنا الدبلوماسية في مطلع الشهر الأخير ضمن لجنة العلاقات الدولية بالقائمة المشتركة ومركز مساواة، التي أثمرت عن لقاءات غير مسبوقة في مقر الاتحاد الاوروبي في بروكسل، وحققنا من خلالها قفزة نوعية بالمرافعة الدولية عن حقوق جماهيرنا، وخاصة باللقاءات مع المفوضية الاوروبية ومع السكرتير العام لمنظمة التعاون الاقتصادي ال OECD. وقد لمسنا من خلال هذه اللقاءات الدعم الحقوقي (والأخلاقي) لنضال المواطنين العرب، ورغبة دولية صادقة بطرح هذه القضايا امام حكومة اسرائيل من خلال القنوات السياسية والاقتصادية المتاحة.

وقد شهد مطلع هذا العام أيضًا لقاءً في مقر الاتحاد الاوروبي بين قيادة الجماهير العربية من خلال لجنة المتابعة، وبين كافة سفراء الاتحاد الاوروبي في البلاد (28 سفيرًا)، حيث جاء هذا اللقاء تتويجًا للجهود والمساعي التي نبذلها من أجل تطوير مكانة المواطنين العرب على المستوى الدولي ولفت أنظار العالم تجاه سياسات التمييز العنصري التي تنتهجها حكومات إسرائيل بحقنا والتشريعات التي تهدف إلى ترسيخ المكانة الدونية للعرب واستمرار سياسة الفوقية القومية التي تمنحها الدولة للأغلبية اليهودية. كان هذا اللقاء الأول من نوعه من حيث عدد ونوعية المشاركين به، وعبّر برأيي عن اعتراف الدول الاوروبية والاتحاد الاوروبي بالمجتمع العربي كأقلية قومية أصلية وعن الاعتراف بقيادته السياسية الجماعية، التي تحاول اسرائيل التنكر لها والطعن بشرعيتها.

ولا شك ان مستوى التضامن الذي لاقيناه في مجمل اجتماعاتنا الاوروبية يثلج الصدر فعلًا، ويؤكد من جديد على أهمية تعزيز علاقاتنا الدولية وحضورنا الدولي واستقطاب التضامن مع قضايانا ودعمها الفعلي، وذلك كشكل من اشكال الدفاع عن الذات وعن الوجود في وطننا. إن قضايا الاقلية العربية الفلسطينية في البلاد وقضايا شعبنا الفلسطيني عمومًا هي قضايا عادلة بامتياز، فهي قضايا حقوق انسان وحقوق شعوب قومية واصلية وعلينا طرحها بقوة صاحب الحق في المحافل الدولية.

ان توجه القيادات السياسية والأهلية للمحافل الدولية ليس بالأمر الجديد، فقد كانت في السابق توجهات من اجل الاستعانة بمؤسسات الأمم المتحدة في سنوات الخمسين في ظل الحكم العسكري، بالإضافة إلى توجهات في سنوات السبعين في أعقاب سياسة مصادرة الأراضي ومشاريع التهويد في منطقة الجليل. ومنذ سنوات التسعين طرأ تحول جدي من ناحية المساحة التي تشغلها المحافل الدولية في عملنا الحقوقي، وذلك نظرًا للتطور الحاصل ايضًا على عمل القيادة السياسية والعلاقات التكاملية مع مؤسسات المجتمع الأهلي التي بدورها التحمت بالخطاب العالمي الّذي أسس لحقوق الانسان، حقوق الأقليات القومية وحقوق الشعوب الأصلية في العالم، وفي اوروبا على وجه الخصوص.

وبهذا المفهوم، فان فضح السياسات العنصرية للحكومات الاسرائيليّة المتعاقبة تجاه اهلنا امام العالم (بالإضافة طبعًا الى فضح ممارسات الاحتلال الجاثم على شعبنا في الأراضي المحتلة عام 1967)، هو واجب علينا كممثلي الجماهير العربيّة في إسرائيل، خاصة ازاء الاسقاطات الخطيرة التي تأتي بها التشريعات والممارسات العنصرية تجاهنا. هذه التشريعات والممارسات تحتّم على المجتمع الدولي اخذ دوره الطبيعي وتحمّل المسؤوليّة الدولية نحو التصدي لها ضمن الأدوات الدولية، السياسية والحقوقية.

ولا شك بهذا السياق ان وجود القائمة المشتركة والعمل الموحد ضمن لجنة المتابعة فتحا لنا ابوابًا هامة في الساحة الدولية، كما أن التعاون بين القيادة السياسية والحزبية وبين مؤسسات المجتمع الاهلي سمح بقفزة نوعية في مستوى اللقاءات الدولية وفي تحديد مطالبنا فيها. ومن الأهمية بمكان وضع خطة عمل شمولية للمرافعة الدولية وبناء منظومة داخلية لمتابعة استمرارية هذه المرافعة بشكل مستدام.

إن اسرائيل تستفيد اقتصاديًا من اتفاقياتها الدولية والاقليمية، لكنها بعيدة كل البعد عن الالتزام بمعايير حقوق الانسان على المستوى الدولي والاقليمي. اسرائيل تصدّر مثلا الى السوق الاوروبية أكثر من ثلث صادراتها، لكنها، من الجهة الأخرى، لا تلتزم بالمعايير الاوروبية لحقوق الانسان وحقوق الاقليات القومية واللغوية، علمًا ان بندًا اساسيًا في اتفاقيات التعاون بين اسرائيل والاتحاد الاوروبي يشمل التزامًا اسرائيليًا "ان تحترم حقوق الانسان والقيم الديمقراطية، داخليًا ودوليًا"، وهذا البند من الممكن ان يشكل اساسًا قانونيًا لإلزام اسرائيل بتغيير سياساتها العنصرية تجاهنا، بل لمقاضاة اسرائيل حقوقيًا على انتهاكات حقوق المواطنين العرب فيها.

وكان الاتحاد الاوروبي قد نجح بفرض شروطه على إسرائيل واشتراط اخراج المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية، القدس والجولان من الاتفاقيات التي ابرمها الاتحاد الاوروبي مع اسرائيل في مجالات البحث العلمي والتبادل الثقافي. اعتمادًا على هذا الاشتراط الاوروبي، نسعى لأن يتبنى الاتحاد الاوروبي في المستقبل امام اسرائيل شروطًا مستقبلية تتعلق بمساواة العرب في البلاد وضمان حصة المجتمع العربي في الموارد الاوروبية التي تصل اسرائيل.

من الأهمية القصوى، اذن، اعطاء اولوية للعمل الدولي وللمرافعة أمام المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة، الاتحاد الاوروبي والمؤسسات الدولية المختلفة (مثل ال OECD وغيرها)، ولا شك ان سر نجاحنا هنا يكمن في العمل المثابر والجماعي، وبمهنية هذا العمل، وباستمراريته الممنهجة. وبهذا السياق، ومن اجل مأسسة عملنا الدولي، على الأقل على مستوى العلاقات مع الاتحاد الاوروبي، علينا العمل على انتداب مندوب دائم يمثل الأقلية العربية في مقر الاتحاد الأوروبي بروكسل، وفي الامم المتحدة.

نطرح في لقاءاتنا الدولية القضايا التي تحاول اسرائيل اعتبارها قضايا داخلية وحصرها على المستوى المحلي، وذلك من اجل فضحها وكشف النقاب عنها ليتسنى لدول العالم معرفة حقيقة السياسات الاثنية وزيف الديمقراطية التي تحاول إسرائيل الظهور بها أمام العالم "كواحة الديمقراطية في الشرق الاوسط"، وبالتالي نسعى لتشكيل ضغوطات دولية عليها لتغيير سياساتها نحونا، خاصة وان قضايا وحقوق الأقليات القومية والشعوب الأصلية باتت قضايا دولية محورية، وليست شأنًا محليًا.

تلخيص
امامنا تحديات اساسية من اجل تعزيز مرافعتنا الدولية.
نبدأ بالتأكيد على ان قضيتنا عادلة، والقضايا التي نطرحها هي قضايا محقة وتحظى بتعاطف ودعم المؤسسة الدولية والخطاب الأممي السائد بها حول حقوق الانسان والمبادئ الديمقراطية.

كما وتنطلق مرافعتنا من قناعتنا بان للمرافعة الدولية دورًا جديًا في فرص التأثير على سياسات الحكومة الاسرائيلية، وان الساحة الدولية اصبحت ساحة اساسية في العمل الدبلوماسي.

ويبقى الأساس: ضرورة الحفاظ على عمل جماعي ووحدوي، مما يضمن حضورًا اقوى لقضايانا ويفتح ابوابًا دبلوماسية رفيعة المستوى.

ورغم محورية كل ما ذكر حول اهمية العمل الدولي، تبقى الساحة الدولية ساحة مكملة للساحة الاساسية، وهي ساحة العمل الجماهيري والميداني، التي تبقى ساحة النضال المركزية هنا.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net   

مقالات متعلقة