الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 15:02

عبرة عهد التميمي - ليس بالمفاوضات يتحرر الفلسطينيون - بقلم: وديع عواودة

كل العرب
نُشر: 19/12/17 15:22,  حُتلن: 23:50

أبرز ما جاء في المقال: 
عبرة عهد التميمي وردود الفعل الإسرائيلية على صفعها للاحتلال: ليس بالمفاوضات والحراك الدبلوماسي يتحرر الفلسطينيون والإسرائيليون يفهمون لغة القوة

بعد النشر الواسع لشريط فيديو الطرد والصفع من يوم الجمعة الفائت في النبي صالح واستدعى اعتقال الفتيات الشجاعات أمس شعر بعض المعلقين الإسرائيليين بالتعاطف مع " جنودنا الذين يتعرضون لمثل هذه الحالات القاسية " وبعضهم عبر عن فخره بـ " ضبط النفس " الذي أبدوه الجنود فيما استغرب آخرون عدم تقييد الفتيات الفلسطينيات واعتقالهن بنفس اليوم

قال وزير الأمن بنفسه أفيغدور ليبرمان أمس. ليبرمان ذاته الذي فاخر أمس بقدرات جنوده على ضبط النفس وعدم المساس بفتيات فلسطينيات سارع للقول إنه لابد من اعتقال الفتيات " المتطاولات" هو نفسه الذي أيّد قبل نحو عامين إعدام الشاب من الخليل عبد الفتاح شريف وهو جريح نازف طريح الأرض

 لم تكن هذه " أخلاقيات " جنود الاحتلال التي حالت دون المساس بالفتاة عهد التميمي إنما هي الكاميرا،السلاح الفلسطيني الآخذ بالانتشار بالسنوات الأخيرة


كما كان متوقعا يستدل من متابعة ردود فعل إسرائيلية رسمية وغير رسمية على طرد الفتاة الفلسطينية عهد تميمي جنديين من بيتها في النبي صالح أن الجانب الإسرائيلي تابع الحادثة المحرجة بموازين الربح والخسارة دون اعتبار لمعايير الأخلاق وسط تجاهل لواقع شعب تحت الاحتلال. والقصد ليس التعقيبات الإسرائيلية في الشبكة وبمنتديات التواصل الاجتماعي التي تقطر كراهية ودما. الحديث يدور عن ردود فعل رموز حكومة الاحتلال التي تراوحت بين الدعوة للانتقام من الطفلة الفلسطينية الشجاعة التي أربكت جيش كامل بصفعها ضابط وجندي دخلوا ساحة بيتها،وبين محاولة استثمار الصورة هذه للزعم الوقح مجددا بأن " الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم " كما قال وزير الأمن بنفسه أفيغدور ليبرمان أمس. ليبرمان ذاته الذي فاخر أمس بقدرات جنوده على ضبط النفس وعدم المساس بفتيات فلسطينيات سارع للقول إنه لابد من اعتقال الفتيات " المتطاولات" هو نفسه الذي أيّد قبل نحو عامين إعدام الشاب من الخليل عبد الفتاح شريف وهو جريح نازف طريح الأرض. لم تكن هذه " أخلاقيات " جنود الاحتلال التي حالت دون المساس بالفتاة عهد التميمي إنما هي الكاميرا،السلاح الفلسطيني الآخذ بالانتشار بالسنوات الأخيرة. في هذه الحالة فضل الجنود امتصاص الصفعات والركلات من قبل فتيات النبي صالح على التورط بصورة تظهرهم يضربون طفلة وهم مدججون بالسلاح من أخمص أقدامهم حتى رؤوسهم المحشوة باستعلائية وعنجهية المتعالي المحتل. هي الكاميرا كما يقول دكتور أوري ميليشطاين ،أهم مؤرخ عسكري إسرائيلي الذي قال لإذاعة تل أبيب قبل أربعة شهور إن الكشف عن إعدام الشاب عبد الفتاح شريف لا يعكس الواقع لأن آلاف عمليات الإعدام قد تمت على يد جنود إسرائيليين ولم يسمع بها أحد ببساطة لعدم وجود كاميرا لافتا إلى أن التعويل على القوة المفرطة ما زالت مستمرة حتى اليوم. بالأمس عبر عن غطرسة القوة هذه وزير التعليم نفتالي بينيت الذي قدم درسا بتبلد المشاعر الإنسانية والبلطجة السياسية بالدعوة لاعتقال التميمي وتركها تبلى داخل السجن حتى نهاية عمرها. لم يحتمل بينيت صفعة فتاة لجندي إسرائيلي لكنه يتعايش مع حقيقة إقامة الإسرائيليين كيانهم على حساب الفلسطينيين،ديارهم،دمائهم منذ سبعين عاما ونيف. بينيت وأمثاله ممن صفعت روحهم صفعة عهد التميمي حالة شبيهة بالحالة العبثية التي وصفها أديب اسحق بالقول " وقتل إمرئ في غابة جريمة لا تغتفر .. وقتل شعب آمن مسألة فيها نظر.. والحق للقوة لا يعطاه إلا من ظفر..".

بعد النشر الواسع لشريط فيديو الطرد والصفع من يوم الجمعة الفائت في النبي صالح واستدعى اعتقال الفتيات الشجاعات أمس شعر بعض المعلقين الإسرائيليين بالتعاطف مع " جنودنا الذين يتعرضون لمثل هذه الحالات القاسية " وبعضهم عبر عن فخره بـ " ضبط النفس " الذي أبدوه الجنود فيما استغرب آخرون عدم تقييد الفتيات الفلسطينيات واعتقالهن بنفس اليوم وبعد التأكد من عدم وجود كاميرات لمنع الفلسطينيين من انتصارات في المعركة على الوعي والرواية بعدما صارت العدسة سلاحا. بالمجمل زان كافتهم(تقريبا) بميزان الربح والخسارة أما الأخلاق فموازينه قد حطمت وأودعت بسلة المهملات منذ سنوات. ولذا فلم يذكر أحدهم تقريبا الاحتلال وواقع حياة الشعب الفلسطيني تحت التنكيل والاضطهاد والتعذيب. يتضح مجددا للمرة المليون أن الجانب الإسرائيلي لا يرى الفلسطينيين وكأنهم هواء وهم يقنعون أنفسهم بأساليب سيكولوجية بذلك كالقول في سريرتهم إن " هذه الأرض حق لشعب الله المختار و/أو أن الفلسطينيين " إرهابيين " ويستحقون القسوة و/أنهم مذنبون لأنهم لا يفوتون فرصة من أجل تفويت السلام وغير ذلك. هكذا هو الحال لدى الإسرائيليين بالتعامل مع المواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل ومع تبرير التمييز العنصري المنهجي ضدهم يوميا : " هم يستحقون ذلك"، " لا يعملون ويعتمدون على المخصصات"،" حالتهم ممتازة مقارنة بأشقائهم في الدول العربية " و" حالتهم ممتازة حسب بيوتهم الجميلة في وادي عارة" الخ. عن ذلك كتبت دراسة كاملة باحثة إسرائيلية تدعى د. يفعات معوز قبل سنوات كشفت فيها أساليب كذب الإسرائيليين على أنفسهم وتحاشي أي نوع من وخزات الضمير. متى يشفى الإسرائيليون من هذا " العمى " إذن ؟ الفلسطينيون قادرون على إشفاء الإسرائيليين ليروهم،وعن بعد كيلومترات لا عن مسافة شبر أو متر إن اهتدوا للدواء الملائم للداء. رغم اختلال موازين القوى العسكري يستطيع الفلسطينيون طرد المحتل من بيوتهم كما طردت عهد الجنود من بيت أسرتها في النبي صالح : حينما يسدد الإسرائيليون ثمن احتلالهم بفاتورة حقيقية وإلا ينطبق عليهم القول " رضينا بالبين والبين ما رضى فينا " من ناحية قبول تسوية الدولتين الظالمة التي تمنح الصهيونية 78% من وطنهم. السلطة الفلسطينية برهانها على المفاوضات وعلى النضالات الدبلوماسية فحسب ستحصد الريح. قبل سنوات التقيت وزيرة التعليم الإسرائيلية الراحلة شولميت ألوني وسألتها متى ترحل إسرائيل من الضفة وغزة وقبول تسوية الدولتين وتشكيل دولة فلسطينية حقيقية سيادية لا من ورق فقالت : لا أعرف. لكنني متأكدة من شيء واحد وهو أن الإسرائيليين لا يفهمون سوى لغة القوة " .صدقت.

مقالات متعلقة