الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 12:02

رسالة مفتوحة إلى وزير الأمن أفيغدور ليبرمان/ بقلم: سعيد أبو شقرة

كل العرب
نُشر: 13/12/17 14:05,  حُتلن: 07:23

سعيد أبو شقرة في رسالته إلى ليبرمان:

دعواتك إلى مقاطعة الفلسطينيين في أم الفحم خاصة، وفي وادي عارة عامة، معروفة لنا جيدًا، ومقلقة جدًا

لا يمكنني قبول حقيقة أنك لم تستحمل حتى الآن فكرة الاعتراف بوجود الآخر، واحتياجاته وحقه في التعبير عن ذاته

التعميم الجارف المتضمن في دعوتك لمقاطعة سكان وادي عارة يشكل خطرًا على الجميع ويقحمنا جميعًا في خطاب سطحيّ متشنج يشوّه حياة مجتمع كامل من المواطنين المحافظين على القانون

كنت أتوقع أن تتحلى في منصبك الحالي بروح القيادة والمسؤولية عن أمن جميع المواطنين في البلاد

كمدير ومؤسس صالة العرض للفنون أم الفحم، أقول لك بوضوح أن أقوالك تفتقر لأي أساس ولا تمت للواقع بصلة، لكن زيارة لك مع الكثيرون من أتباعك إلى أم الفحم، يمكنها أن تُبدد وتدحض أسس الآراء النمطية

حضرة: وزير الأمن، أفيغدور ليبرمان، تحية وبعد، نحن نعيش في مكان تبارك بتعدد التحديّات والأزمات السياسيّة إلى جانب تعدد وجهات النظر وتنوع الثقافات. لكل إنسان وجهة نظره، ولكل ثقافة سرديتها الذاتيه تُشكّل هويتها وترسم دربها. وهو ما ينطبق أيضًا على السكان الفلسطينيين في البلاد . فمصادر نموهم معروفة، وهويتهم وسرديتهم واضحتان ومعروفتان، لكن ولشدة الألم والأسف، فإن مستقبلهم ليس واضحًا على الاطلاق. في هذا المكان ، تحولت الأقليّة الفلسطينيّة، التي تعيش هنا قبل إقامة الدولة، إلى أقليّة مهددة صبحًا ومساءً.


حضرة وزير الأمن، إن دعواتك إلى مقاطعة الفلسطينيين في أم الفحم خاصة، وفي وادي عارة عامة، معروفة لنا جيدًا، ومقلقة جدًا.

خلال دراستي في المرحلة الثانوية تعلمت عن الخطوات التي اتخذت ضد اليهود في المانيا خلال المحرقة. ومن ضمن أمور أخرى، تم تأشير اليهود وفرض المقاطعة عليهم في أماكن عملهم وفي أحيائهم السكنية. وللأسف، فإن من يطلق دعوات مثل دعوتك الأخيرة بخصوص وادي عارة، إنما يمارس نهجًا مماثلًا: الاستفزاز، والتأليب، وتأجيج الغرائز الظلامية، والكراهية بين المجموعات المختلفة التي تُشكّل المجتمع المتنوع في البلاد.

لا يمكنني قبول حقيقة أنك لم تستحمل حتى الآن فكرة الاعتراف بوجود الآخر، واحتياجاته وحقه في التعبير عن ذاته. التعميم الجارف المتضمن في دعوتك لمقاطعة سكان وادي عارة يشكل خطرًا على الجميع ويقحمنا جميعًا في خطاب سطحيّ متشنج يشوّه حياة مجتمع كامل من المواطنين المحافظين على القانون، والذي قد ينزلق إلى العنف الخطير. ألم تتعلم عدم الحكم على الجميع بسبب أفعال قلة من الأفراد؟

كنت أتوقع أن تتحلى في منصبك الحالي بروح القيادة والمسؤولية عن أمن جميع المواطنين في البلاد. وكنت أتوقع منك الفهم العميق لتعقيدات المجتمع المحلي على اختلاف قطاعاته، وأن الحياة ليست أسود وأبيض، بل تشمل جميع الأطياف الرمادية الرائعة، التي تثري العالم وتوسع المدارك وتعزز القدرة على التمييز، وضرورة التعامل مع جميع الأطياف ومنحها التعبير في حياتنا.
ردًا على سؤال ابني الذي سأل من تكون، قلت له بأنك قائد حزب نقش على رايته الكراهية لكل من هو ليس يهوديًا. فهل الكراهية هي ما تريد غرسه في جمهور المواطنين؟ هل الكراهية هي القيمة التي اخترتها نبراسًا لدربك؟
كمواطن في هذه الدولة ، أشعر بالخجل والعار تجاه مقولاتك البائسة والخطيرة، وآمل أن تجد الطريق للتراجع عنها وتغيير نهجك مع المواطنين العرب في الدولة، المكلّف أنت بأمنهم.

كمدير ومؤسس صالة العرض للفنون أم الفحم، أقول لك بوضوح أن أقوالك تفتقر لأي أساس ولا تمت للواقع بصلة، لكن زيارة لك مع الكثيرون من أتباعك إلى أم الفحم، يمكنها أن تُبدد وتدحض أسس الآراء النمطية.
تعالوا لتنظروا مباشرة إلى المكان وماضيه وتعقيداته. انظروا مباشرة إلى السكان والمكان، الرجال والنساء والأطفال الذين لا مكان للكراهية في قلوبهم، والذين يشعرون بالاحترام والفخر بماضيهم وهويتهم، ويشعرون بالعمل بمحبة كبيره لمستقبلهم.
هنا ستجد مكانًا يعج بالحياة والنشاطات الثقافية والاجتماعية لجميع القوميات على حد سواء. هنا ستجد سر الحياة المشتركة: الشراكة، والتسامح، والتماهي واحترام الآخر.

* سعيد أبو شقرة، مدير صالة العرض للفنون أم الفحم 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة