الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 01:02

كلماتي تعرف منبتها - بقلم: يوسف حمدان

كل العرب
نُشر: 20/10/17 23:53


كلماتي تعرف منبتها
كلماتي مرآةُ الروحِ
ونافذةٌ في بنيان حياتي
لُغتي ظَلّت لُغتي
مع أني صاحبتُ لغاتٍ
وتعرّفتُ على لهجاتِ..
لغتي ما ظلَّ
من الوطن الغالي..
تتَعقّب خطواتي..
تستحضرُ صَحبي والأهلَ
وتُسمِعني أعذبَ مَوَّالِ..
في الغربةِ لي وطنٌ
مبنيٌّ بمداميك الكلماتِ..
لغتي معْرضُ لوحاتٍ
رُسمتْ بحروف الذِكرى
المنقوعةِ بالأحلامِ وبالآهاتِ..
كلماتي فُرشاتي..
وبها أرسمُ وجهكِ
بالأنوار المطويَّةِ
في منديل التذكارِ..
أرسمُ ألوانَك بالحِنّاءِ
وبالأزهارِ..
كلماتي تُزهِرُ
في الأرضِ الخضراءَ
وفي الفلَواتِ..
لا تعرفُ أيَّ حدودٍ
وترافقني في الأحلامِ
وفي الصلواتِ.
**
ما أنتِ سوى نجمٍ
يتوهجُ في الليلِ، أراهُ
ولا ينظرُ نحوي
أو يعرفُ شيئاً عن ذاتي..
قد لا يعرف شيئاً عن ما يتواردُ
في النفسِ من الخَلْجاتِ..
حين تسافرُ صَوْبَكِ
بعضُ الكلماتِ..
رُدِّيها إن شئتِ
بدون عناءِ قراءتها
لا تَدَعيها تأخذُ من وقتكِ
بضعَ دقائقَ أو لحظاتِ..
كوني فرحاً أو جرحاً آخرَ
في لغةٍ تجمع أشلاء شتاتي..
فأنا لا أطلبُ أكثرَ
من رؤيَةِ وجه امرأةٍ من بلدي
ما زالت تزرع حوضَ النعناعِ
وتطهو الشاي بنَكهتةِ الأولى
من يد أمّي وأيادي العَمّاتِ..
كلماتي تعرفُ مَنْبَتها..
تعرفُ كل تعاريج الطُرقاتِ
وكل الحاراتِ..
لا تنشغلي عن شأنٍ أو همٍ
كوني مصباحاً، إن شئتِ،
يضيءُ على درب حروفي
وعباراتي..
خَلِّيها تَتَذكّرُ أيامَ طفولتِها
وتُفلِّي آثارَ حقول القمحِ الفاخرِ
والبياراتِ..
خَلِّيها تتجوّلُ في أرض الذكرى
بين البيدرِ والطابونِ
وبين الهُدهدِ والحسونِ..
ودعيها ترجعُ حاملةً
ألواناً يانعةً
ومشاهدَ ذكرى باقيةٍ
فأنا في ظل الغربةِ
والنكباتِ
لا همَّ لديَ سوى
أن أبني وطني بالكلماتِ.

مقالات متعلقة