الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 14:02

قصة الجد والطبيعة

كل العرب
نُشر: 30/06/17 14:09,  حُتلن: 14:27

- جدّي... جدّي!!‏

- نعم يا صغيرتي، ماذا تريدين؟‏

- لقد حلّ الظلام، وحان موعد ذهابنا إلى النهر، لنسهر على ضوء القمر، ألم تعدني بذلك؟.‏


صورة توضيحيّة

- أجل.. ولكن بعد أن تضعي إبريق الشاي والكؤوس في كيس.‏

ثم حمل الجد السلة ، ومضيا صوب النهر.‏


جلس الجدّ على حافة النهر، وقال:‏

- ألا ترغبين بشرب الشاي، يا صغيرتي؟‏

- بلى.. الشاي لذيذ.‏


جمع الجدّ من حوله أعواداً يابسة، وأشعلها، ثم وضع ثلاثة أحجار، وركز الإبريق فوقها.‏

كانت النار ترسم على وجهيهما، وهجاً أحمر كذاك الذي ترسمه الشمس على وجه البحر، لحظة غيابها.‏

غلى الشاي، نصبّ الجد كأسين، إحداهما ملأى والأخرى نصفها.‏

نظرت راما إلى كأسها، وقالت ممتعضة:‏

- لماذا صببت لي نصف الكأس، لقد صرت كبيره ، أما قتلت اليوم جرادتين؟‏

ضحك الجدّ وقال:‏ - الشاي ساخن، وأخشى أن يحرق فمك، هيّا ضعي ملعقة سكر في كل كأس.‏

غرَفَت راما السكّر بالملعقة، وبدأت تحرك، بغتة انتبهة إلى أمر.‏

كان صوت الملعقة في أثناء التحريك، مختلفاً بين الكأسين.‏

نقرت بخفّة على حافّة كوبها، فصدرت رنين حاد ثم نقرت على حافّة كوب جدّها، فصدر رنين غليظ.‏

نظرت إلى جدّها باستغراب قائله:‏

- هل سمعت يا جدّي، الملعقة تصدر موسيقا؟!.‏

ابتسم الجدّ، حكّ لحيته بأصابعه الخشنة، وقال:‏

- الموسيقى موجودة حولنا، وما علينا سوى سماعها؟‏

تلفتت راما في كلّ الإتجاهات، سارت نحو النهر وغمست قدميها بمياهه، تناثر رذاذ ناعم،


وعلا صوت خريره.‏ ركضت صوب شجرة صفصاف، فسمعت تسبيح أوراقها، وابتهال أغصانها.

تطلّعت نحو أعواد القصب، المغروسة كالرماح على ضفاف النهر فعلمت أن صوت الصفير المبحوح،

يخرج من أفواهها، كلما دخلت الريح إليها.‏

كانت الأصوات، تتداخل في أذنيها الصغيرتين فطربت لها، وتمايلت، ثمّ بدأت تغنّي:

"ورقات تطفر بالدرب‏

والغيمة شقراء الهدب‏

والريح أناشيد‏

والنهر تجاعيد‏

يا غيمة يا....."‏

توقفت راما عن الغناء، أدهشها منظر القمر على حافة غيمة رمادية، ماسكة بإحدى يديها

عصا صغيرة، تحرّكها بعفوية، كأنّها قائد فرقة موسيقية

بينما راحت الطبيعة، تعزف موسيقاها الأزليّة.‏ 

مقالات متعلقة