الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 23:01

ماسيات لد.حاتم خوري/ محمد علي طه

كل العرب
نُشر: 14/05/17 11:27,  حُتلن: 11:37

وصل الى موقع العرب بيان، جاء فيه: "اصدر الدكتور حاتم خوري كتابا جديدا يشمل خمسين نصّا، بعنوان "ماسيات"، منوِّها انه قد اختار لهذه المجموعة من النصوص اسم "ماسيّات" لا لانه يدعي ان بها من الماس شيئا، إنما لانها كُتبت في سنة يوبيله الماسي(2013) وفيما بعد. هذه النّصوص جاءت بأسلوب واضح سهل نما وشبّ في دفيئة عقل علميّ بعيدٍ عن زخارف البديع والإنشاء والتّأنّق اللغويّ، أسلوبٍ يحمل في صدره وبين جناحيه، وفي عُبّه ورُدنيه رسالة إجتماعيّة وطنيّة تعليميّة هي وليدة تجربة غنيّة عاشها المؤلّف في قريته فسّوطة الجليليّة السّاحرة التي تسهر مع نجوم السّماء، وفي مدينة البشارة ناصرة يسوع وصخرة المنغرسين في هذا الوطن الصّغير الجميل، وفي عروس البحر وشامة الكرمل مدينة حيفا، وفي مدينة الضّباب لندن مربط علومنا حيث درس للدكتوراة، فجاءت – أعني النّصوص – تتهادى بين المقالة الأدبيّة وبين القصّة التّسجيليّة وبين الطّرفة وبين الحكاية تطلّ منها علاقة الصّداقة والجيرة والإخوانيّات لأنّها وليدة الحياة، مبهّرةً بالسّخرية القرويّة الخجلة التي تضحكنا ولكنّها لا تسمح لنا أن نقول علانيّة أو همسًا "اللهمّ أعطنا خير هذا الضّحك"!".


د.حاتم خوري

وأضاف البيان: "رافقني وجع النّكبة منذ طفولتي التي سلبوني إيّاها، إلى كلّ مكان، في الدّاخل والخارج، في القريب والبعيد فأدمنتُ عليه ودخل نتاجي الأدبيّ بدون إستئذان منّي، بالوعيّ وباللاوعيّ، وعندما اصطحبتُ بعضًا من أهلي وإخوتي العائدين إلى الوطن باحثًا معهم عن ينبوع الطّفولة، وعن عيون الماء التي جروا وراء أمّهاتهم إليها، وعن ياسمينة البيت وطرقنا أبواب البيوت في حيفا وطبريا وصفد واللدّ والرّملة ويافا وفتّشنا عن بيوت صارت أطلالًا في سمخ والطّنطورة والشّجرة والزّيب ولوبيا ودير القاسي وميعار عثرتُ على بيتنا وعلى بقايا طفولتي ورائحة أهلي، وحينما قرأتُ "عندما يصبح الحجر وطنًا" شعرت أنّني أعرف جابي فرسون منذ أيّام الصّبا أو أنّني التقيت به ذات يومٍ في ساحة الحناطير أو في شارع الملوك أو في وادي الجمال وصحبته إلى عمارة دار فرسون الجميلة في تقاطع شارع العجم بشارع الكرمة في مدينة حيفا وحملني هذا النّصّ على جناحيّ طائر العودة إلى قريتي ميعار برفقة قريبي "محمود" الذي يعيش في مخيّم البصّ في مدينة صور اللبنانيّة ووقفنا على أطلال بيته ثمّ رافقته إلى كرمه قرب البير الشّرقيّ ليطمئنّ على شجرة المشمش فوقف مذهولًا عندما أدرك أنّ "المشمش في المشمش" وعندئذ أخرج من جيبه كيس نايلون صغيرًا ووضع فيه حفنة تراب ليشمّها الأهل ويتحسّسوها في المخيّم. ماذا تبقّى لنا يا جابي ويا محمود ويا عيسى ويا وحيدة ويا فريدة سوى حجر صغير من جدار دار فرسون وحفنة تراب من كرم البير الشّرقيّ وحوض نعنع صغير في إطار سيّارة؟ والحمد لله ما زال في الرّأس عقل كما كانت تقول المرحومة أمّي".

وتابع البيان: "شدّتني النّصوص الحيفاويّة الثّلاثّة التي تصدّرت هذا الكتاب وسجلّ فيها الكاتب علاقة الفلسطينيّ ببيته، بذكرياته وبرائحة البيت وياسمينته وشبابيكه وأبوابه وحديقته وحجارته، راسمًا بقلمه جراح التّهجير والشّتات ولكنّني لا أوافق صديقه "فارس" على نشر قصّة "بيت يُجَمّع" بأسماء مستعارة منعًا للاحراج فهل نخجل من ماساتنا ومن نكبتنا ومن تشريدنا ومن التراجيديا الفلسطينيّة ومن قصص وحكايا تفوق ما روته شهرزاد في لياليها؟
وإذا كانت التّغريبة الحيفاويّة في هذه النّصوص الشيّقة قد أحزنتني فإنّ السّيرة الفسّوطيّة أفرحتني فحكايا المختار عيد وطرائف أبي حسين المواسيّ والحاجّ أبي أحمد وطنّوس الأشقر وأهل دير القاسيّ ونصارى فسّوطة وجيرانهم في ترشيحا "الذين كلّما اشتهوا أكل بعملولها عيد" شالت الهمّ عن قلبي وذكّرتني بموسوعة الكاتب اللبنانيّ سلام الرّاسي التي جمع فيها حكايا وطرائف اللبنانيّين فربطني بوثاق من حرير بلبنان، وطنًا وشعبًا وتراثّا، وفعلت بي ما فعلته أغاني السّيّدة فيروز، وحبّذا لو أكثر كاتبنا منها لوقفتُ عندئذ وقفة قسّ بن ساعدة وأنشدت مقلّدًا الفرزدق: هؤلاء أهلي فهل تستطيع أن تأتي بمثلهم يا "بن نون" إذا جمعتنا النوادي والمنابر؟".
 
وجاء ايضا: "هذه النّصوص تؤكّد المؤكّد بأنّ كاتبنا مثقّف يتّكئ في ثقافته الرّحبة على التّراث العربيّ الإنسانيّ، وعلى الحضارة العربيّة الاسلاميّة، وعلى القرآن الكريم، وعلى الإنجيل المقدّس، ويعتزّ بنصرانيّته وكنيسته بعيدًا عن التّعصّب المذهبيّ والطّائفيّ، ويحترم الآخر ويحاوره بتقديرٍ واحترام، ويرفض الجهل والغيبيّات والاتّكاليّة والتّخلف ويبرز هذا في نصوص عديدة مثل: "الدّجاجة المتديّنة" و"إن شاء الله" و "خوري يفتي إمامًا" و "خوري ومسلم وقرآن كريم" و "علّامة وعالم وحمار".
يسأل د. حاتم خوري قرّاءَه: "هل هناك من يعرف؟" ليثير نقاشًا فكريًّا وطنيًّا مسؤولًا بينهم وأمّا هو الذي قرأ تاريخ الدّولة التي كانت الشّمس لا تغيب عن مستعمراتها كما قرأ تاريخ الشعوب الآسيويّة والإفريقيّة والعربيّة فيدرك أنّ أبناء شعبه صامدون منغرسون في هذا الوطن ويدفعون مهر الحريّة يوميًّا وأنّ الاحتلال زائل. هذا ما يقوله التّاريخ وما تحكيه كفّ فلّاح من الجليل لاطمت مخرز السّلطان الجائر.
وبعد، هذا كتاب فيه مقالات ممتعة، وأفكار نيّرة جريئة، وحكايا قرويّة جليليّة لطيفة، فيها نعنع بلديّ، وبابونج ريفيّ، وزعتر وعريّ، وزيت طفاح من زيتونٍ سوريّ، ترويقة للصبّاح يقدّمها لنا كاتب مربٍّ عاصَرَ النّكبة وعاش معركة الصّمود والبقاء مع أهله، واكتوى بما يعانيه شعبه من مآسٍ ومشاكل سياسيّة واجتماعيّة مؤمنًا ببزوغ الفجر الجميل النّديّ".

مقالات متعلقة