الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 17:02

غزة وحماس والخيار الصعب!/ د.محمد خليل مصلح

كل العرب
نُشر: 28/04/17 08:12,  حُتلن: 11:06

 د.محمد خليل مصلح:

قد يرى البعض انه من الجور ان نضغط على حماس للتنازل لإنهاء الانقسام فهو لتجاوز الخطر المحدق بها فخسارتها كمكون سياسي مقاوم وطني اسلامي ستكون مؤلمة 

حماس في الحقيقة تمارس لعبة السياسة على ارضية جامدة محكومة بقوالب دينية ومواقف مكبلة بها بنتها على خلفية توصيف الصراع بالديني العقائدي مع الكيان

بعد عشر سنوات غزة من ادارة الاشتباك الداخلي والسيطرة على قطاع غزة ومواجهة حروبا ثلاثة ضد الاحتلال والصمود الاسطوري للشعب هل وصلت الى خط النهاية ؟ وانه آن الاوان ان تسلم غزة للسلطة تحت الضغط والحصار والمطلب الاقليمي ؟. لم تنجح كل الوساطات ان تجسر الهوة بين المتخاصمين على التحكم بالمشروع الوطني.

شعار المشاركة في التضحيات تعني المشاركة في اتخاذ القرارات والحكم لم تقنع الخصم التنحي جانبا ولا حتى مقاربة المشاركة في الحكم. فالتوجه السياسي والصورة المرسومة متحفظة جدا من الاسلام السياسي والمقاومة الاسلامية للحركة السياسية الاسلامية لأسباب كثيرة منها :اولا مفهوم المقاومة و ورفض السلطة العودة الى الوراء حول الثورة المسلحة على اعتبار انها مرحلة من التاريخ الفلسطيني لم يحقق الهدف المركزي بل ابعدنا عنه كثيرا وان الفلسطينيين لن يعيدوا تلك التجربة وان المجال فقط للمفاوضات والضغوطات و المقاومة الناعمة والدبلوماسية خاصة على المسرح الدولي لنزع شرعية الكيان في الاحتلال وتحقيق ما يمكن تحقيقه على حدود 1967.

ثانيا: رفض التنظيمات الاسلامية المبنية على اساس ديني، وهذا ما تحاول حماس التخلص منه بتغيير الميثاق والرابطة العالمية بالإخوان المسلمين والتناقضات مع الدول الاقليمية والنظام العربي الذي يرى في الاخوان المسلمين عدوا، وحتى حماس تتمكن من تعزيز وجودها و دورها في العمل السياسي ومحاربة الاحتلال هي مجبرة اليوم على استيعاب معادلة وأرضية وحدود الصراع مع الكيان الصهيوني؛ خاصة مع التحول السياسي في العلاقات بين دول عربية كثيرة والكيان الاسرائيلي والبيئة المعادية التي كشفت عن آفاقها وعمقها ووجهها بعد حرب 2014 الجرف الصامد والبيئة النافرة والمتخوفة من الاسلام السياسي.

حماس في الحقيقة تمارس لعبة السياسة على ارضية جامدة محكومة بقوالب دينية ومواقف مكبلة بها بنتها على خلفية توصيف الصراع بالديني العقائدي مع الكيان ، وهو ما لا يقبله العالم اذ تعتبر اسرائيل مشروع غربي يتلقى الحماية الكاملة امن اسرائيل اولوية جميع الانظمة الغربية التي تعترف انها مسئولة عن الكارثة اليهودية والمحرقة بحسب زعمهم والذي صرح به مباشرة وبشكل واضح ومسؤولية كاملة ان الحلفاء كان بمقدورهم حدوث الكارثة للشعب اليهودي في قراءة غريبة للتاريخ تتعارض مع الحقائق؛ لذلك حتى حماس تتجاوز خط الرفض من المجتمع الدولي لا بد لها من اعادة النظر في توصيف الصراع من ناحية، وأيضا خفض طموحها بإبادة الكيان والقبول بالحلول الدولية ومبدأ التقسيم وما يترتب عليه التزامات اتجاه الكيان الاسرائيلي والمجتمع الدولي والتعايش مع الكيان والقواعد الدولية في حق الكيان وشرعيته .
حماس اما ان تقبل اللعب بحسب قواعد اللعبة التي وضعتها القوى العالمية وإلا لا مكان لها في المعادلة؛ اما تقبل الاعتراف بالمنظمة الفلسطينية وبرنامجها الجهة الوحيدة والبرنامج السياسي دون تعديل لحل الصراع مع الكيان الغاصب والتسليم بالوضع القائم او الشطب كمكون سياسي يشكل تهديدا مباشرا للمنطقة قابل لنقل عدوى الثورة للمحيط الاقليمي في لحظة ما .
خيار المواجهة الثنائي مع الاحتلال او السلطة خيار غير لازب ولا حتمي اذا امعنا النظر فيه والإشارات التي ترسلها حماس لكل الاطراف بالتغيير في الخطة والإستراتيجية في المنظور القريب للحل مع الكيان المحتل والقبول بحل الدولتين على حدود 67 دون الاعتراف بإسرائيل ما اعتبره تطور كبير وخطوة متقدمة تمهد للتفاوض المباشر لو فرض عليها ان تفاوض لو تحقق وترأست منظمة التحرير الفلسطينية مع اسرائيل بعد استصدار الفتوى بعدم حرمة ذلك بناء على اسبقيات شرعية مفاوضة الاحتلال اتفاقي عسقلان بين صلاح الدين والصليبيين.
هل ستجد قيادة حماس من الجرأة ان تهرب الى الامام فلا تحارب السلطة ولا الكيان الاسرائيلي، وتجد طريقة لعدم خوض معركة كل الاشارات توحي بصعوبتها وبأهدافها الكبيرة القضاء على المشروع الوطني والمقاومة وفرض حل اقليمي يكسب في الاساس رضى الكيان الاسرائيلي .
لا شك ان القادم صعب وان الخطب العنترية ليست الحل وان الصراخ وليس الخطة العملية لمواجهة المؤامرة القبول بسيطرة حكومة التوافق ادارة غزة حتى الانتخابات او تشكيل حكومة وطنية تطرح الاشكاليات في الاطار الوطني الموظفين والمقاومة ومهمة الاجهزة الامنية كل على حدة وفك عقدة عقدة وعدم التمسك بآلية الكل رزمة او حزمة واحدة لنتقدم في اتجاه الحل مع بعضنا البعض.
لسنا بحاجة الى اوسلو او خطة طريق ثالثة ورابعة مع الاحتلال ومادام البعض يجوز البدء بمفاوضات مع الكيان الاسرائيلي فالأولى ان نتفاوض مع بعضنا البعض وما سوف نقدمه للعدو المحتل تحت ذريعة الكهرباء والماء والوقود للقطاع يمكن تقديمه للسلطة والتفاهم معها في اطار وطني جامع.
قد يرى البعض انه من الجور ان نضغط على حماس للتنازل لإنهاء الانقسام فهو لتجاوز الخطر المحدق بها فخسارتها كمكون سياسي مقاوم وطني اسلامي ستكون مؤلمة في حق النضال والمشروع الوطني اذ تشكل الطرف الموازن في الساحة الفلسطينية والصراع ضد الاحتلال.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net   

 

مقالات متعلقة