الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 08:02

إسرائيل وإيران في عهد ترامب/ بقلم: أمجد أحمد جبريل

كل العرب
نُشر: 19/02/17 09:35,  حُتلن: 12:02

أمجد أحمد جبريل في مقاله:

قد يكون العامل الأميركي أهم عنصر سيحكم نتيجة حرب إسرائيلية على قطاع غزة

ربما يكون أبرز تحولات السياسة الأميركية تغيير مكانة اللاعبيْن الإيراني والإسرائيلي

يُتوقع أن يدعم الرئيس الأميركي إسرائيل بقوة، وأن يتناغم مع قوى اليمين المتطرّف والاستيطان

ربما يكون أبرز تحولات السياسة الأميركية في هذه المرحلة تغيير مكانة اللاعبيْن، الإيراني والإسرائيلي، بتحجيم طهران ودعم تل أبيب، في مرحلة انتقالية تجتاح إقليم الشرق الأوسط والعالم بأسره

تكشف الغارات الإسرائيلية على مواقع في قطاع غزة في 6 فبراير/ شباط الجاري عن احتمال أن يشهد القطاع تصعيداً عسكرياً قريباً، وأن يكثف المحور الإسرائيلي- الأميركي – المصري جهده لفرض تسويةٍ على الفلسطينيين، هي أقرب ما تكون إلى تصفية القضية الوطنية الفلسطينية، ضمن رؤية أشمل لإعادة تشكيل النظام الإقليمي الجديد للشرق الأوسط، وإعادة ترتيب أوزان القوى الفاعلة فيه، ولا سيما أدوار القوى الإقليمية الثلاث الكبرى ذات المشروعات في المنطقة، تركيا وإسرائيل وإيران.

قد يكون العامل الأميركي أهم عنصر سيحكم نتيجة حرب إسرائيلية على قطاع غزة، أي شكل المقاربة التي ستتبعها إدارة الرئيس دونالد ترامب في التعامل مع الملف الفلسطيني المأزوم إلى أقصى درجة، والقابل للانفجار كما حذر من ذلك باراك أوباما قبل مغادرته البيت الأبيض. يجادل هذا التحليل بأن سياسة ترامب، على الرغم من غموضها وفوضويتها حتى الآن، فإنها، أغلب الظن، تسير في اتجاه معاكس لسياسة أوباما عموماً الذي أطلق العنان لإيران ومليشياتها في المنطقة، حرصاً على احتوائها ودفعها إلى توقيع الاتفاق النووي، وهو ما تحقق له بثمن كبير، أغضب حلفاء واشنطن القدامى في الشرق الأوسط. وقد قيّد الرئيس أوباما السعودية وتركيا كثيراً، لا سيما فيما يتعلق بالأزمة السورية التي كانت سياسته إزاءها أكبر أخطائه الاستراتيجية، ما قلّص نفوذ واشنطن في الشرق الأوسط، في مقابل تعزيز الحضور الروسي عسكريا وأمنيا وسياسيا.

ليس معروفاً بعد، كيف سيعالج ترامب هذه الأخطاء، وهو أمر يحتاج وقتاً، لكن الأرجح أنه سيطلق يد إسرائيل إلى حد كبير في فرض شكل التسوية الذي تريده، عبر تحجيم حركات المقاومة المسلحة في غزة ولبنان، أو ربما القضاء عليها، سواء عبر ضربات موضعية متقطّعة أو شنّ حملة عسكرية مكثفة؛ إذ ستسوّق تل أبيب مجهودها الحربي على الصعيد الدولي، ودمجه في إطار الجهود الدولية لمكافحة "الإرهاب". وقد اشتهرت الدبلوماسية الإسرائيلية، على مدار عقود، بقدرتها اللافتة على استثمار المتغيرات الإقليمية والدولية وتوظيفها، لتدعيم سياستها القمعية والعنصرية ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، ما يعني أنها لن تبدأ من الصفر، بل ستمارس ما اعتادت عليه من دعاية خارجية تجد آذاناً صاغية في دول كثيرة في الغرب.

وفيما يُتوقع أن يدعم الرئيس الأميركي إسرائيل بقوة، وأن يتناغم مع قوى اليمين المتطرّف والاستيطان، بزعامة الثلاثي بنيامين نتنياهو وأفيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت، ربما يتوجه ترامب إلى تقليم أظافر إيران وتحجيم نفوذها الإقليمي، باستخدام أدوات متنوعة. منها إطلاق حرب كلامية ودعائية ضد نظام طهران، وتوجيه رسائل أميركية صارمة على لسان أرفع المسؤولين بأن إيران "أكبر دولة راعية للإرهاب"، وأن في وسع إدارة ترامب تحجيم مكاسب طهران من الاتفاق النووي ومراقبة التزامها به بشكل أكثر حزماً، خلاف ما كان يفعله أوباما الذي لم تقدّر إيران "طيبته"، والتضييق على المليشيات التابعة لطهران، وخصوصاً الحوثيين في اليمن، عبر إرسال المدمرة يو إس كول إلى مضيق باب المندب، والتلويح الأميركي بإمكانية تصنيف الحرس الثوري الإيراني "جماعة إرهابية" مثلما يتردّد. أو ربما تعمل واشنطن على فصل هذه المليشيات عن إيران، كما تفعل في العراق عبر الضغط لاجتذاب رئيس الوزراء حيدر العبادي، أو دفع كريم النوري (قيادي في الحشد الشعبي) إلى أن يتبرأ علناً من تصريحات زعيم ميليشيا أبو الفضل العباس، أوس الخفاجي، الذي هدّد باستهداف البوارج الأميركية قبالة اليمن، وأن يصرّ النوري على أن الحشد تعبر عنه الجهات الرسمية فقط. ولا حاجة، في هذا السياق، للتذكير بأن لدى واشنطن من هذه الأدوات وغيرها الكثير، وتستطيع توجيه ضغوط كثيفة، لإرغام إيران على الانصياع، ولو بعد حين، لقواعد اللعبة الجديدة، مع استبعاد أن تتطور المواجهة اللفظية والسياسية بين البلدين إلى المستوى العسكري، أقلُّه في الشهور الأولى لإدارة ترامب.

هذا كله بالتزامن مع توطيد علاقات واشنطن مع كل من أنقرة والرياض، ودعم سياستهما في الملفين، السوري واليمني، بحسب الحاجة والمصالح الأميركية طبعاً، ووفقا لأولويات إدارة ترامب أساساً. لكن، بما لا يرقى إلى مستوى تحالف حقيقي، كما هي الحال مع الحليف الاستراتيجي الإسرائيلي، وفقاً لما عبّر عنه ترامب بمبدأ "أميركا أولا" الذي قد يكون أحد المفاتيح المهمة لفهم مجمل سياساته الداخلية والخارجية في هذه الآونة.

بهذا المعنى، ربما يكون أبرز تحولات السياسة الأميركية في هذه المرحلة تغيير مكانة اللاعبيْن، الإيراني والإسرائيلي، بتحجيم طهران ودعم تل أبيب، في مرحلة انتقالية تجتاح إقليم الشرق الأوسط والعالم بأسره. وقد تجعل هذه السمة الانتقالية معدل التغيير سريعاً بما لا يقاس بأية مرحلة سابقة، ويجعل تأثيراتها شديدة الخطورة أيضاً على المنطقة العربية عامة، وفلسطين خاصة.

انتقل التفهُّم الذي تبديه واشنطن لحاجات حليفها، أو تابعها الإسرائيلي، مع وصول ترامب إلى الرئاسة إلى مرحلة أخرى، ما ينذر بمخاطر وتحديات جمّة وحقيقة، فماذا سيفعل العرب والفلسطينيون استعداداً للتعامل مع هذه التحديات؟ وهل يمكن أن نغادر سياسة "لننتظر ونرَ!"، في وقت يتحدّد فيه مصير المنطقة العربية عبر سياسات إقليمية ودولية جديدة.

* نقلّا عن العربي الجديد اللندنية

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة