الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 14:02

أرثي للقاتل والمقتول/ بقلم: يوسف حمدان

كل العرب
نُشر: 17/02/17 07:46,  حُتلن: 07:47

لن يصل الإنسانُ الحيُّ
إلى جوهر معناهْ
إلا حين يقدّس كلَ حياةْ..
يمضي المقتولُ
وقد سُلبت منه حياتهْ..
لكن المقتولَ سيبقى
ظلاً للقاتلِ
حتى يوم وفاتهْ..
سيظل يلازمهُ
والأيام تدورْ..
لن يحمي القاتلَ من مقتولٍ
أيُّ سياجٍ أو سورْ..
لن يشفع للقاتل أن ضحيتَه
في التربة مقبورْ..
سيظل يلاحق قاتله..
في العتمة والنورْ..
حتى لو هرب القاتلُ
من درع العدل المبتورْ..
لن ينعم بالراحة يوماً
لن يتمتع بالحريةْ..
لن يعرف لحظات أمانْ..
ما نفع حياةٍ يصبح فيها الإنسانُ
ضريحا للذات؟
فالقاتل حين يقوم بفعلته
يقتل في داخله الإنسانْ.
سيعيش بلا أهلٍ
حين يكون وحيداً
أو بين الأهلْ..
سيعيش حياةً ظاهرها الكبرُ
وباطنها الذّلْ..
حتى لو هنأه البعضُ
على قتل الآخرْ..
لن يبقى شيءٌ يعتز به
أو يتفاخرْ..
لن يعرف أين الحد الفاصل
بين حرامٍ وحلالْ
لن يعرف أيَّ نبيٍّ أو ربْ..
لن تلمع في قلب القاتل
ومضةُ إعجابٍ أو حُبْ..
سيرى وجه ضحيتهِ
حين يواجه نظرات الأطفالْ
لن يهرب من بؤس حياةٍ..
لا نبض حياةٍ فيها..
بل تجثم شاخصةً كالأطلالْ.
***
لا ينتصر الموتُ
إذا اغتالوا الأشجارْ..
فسيسقطُ غصنٌ..
يُحرَق تحت ثراهُ
فيصبح فحماً حياً..
إذ تبقى في داخله
جذوة نارْ.
وإذا قتلوا سنبلةً
فستسقط في التربة حبةُ قمحٍ
كي تنبت ثانيةً في آذارْ..
قد يُبتر عمر فتاةٍ
في عمر الأزهارْ..
لم تفعل شيئاً
غير ممارسة الحق الإنسانيِّ
بأن تختارْ..
ستضيئ على ذاكرة الأجيالِ
كنبراسٍ يختطف الأنظارْ
وسيبقى القاتل
موصوما بالعارْ..
أقبح من مجتمع الغابةِ
في دنيا.. دوما تتغيرْ..
مجتمعٌ بشريٌّ لا يتطورْ..
لن يصلَ الأنسان الحيُّ
إلى جوهر معناهْ..
إلا حين يقدّس كل حياةْ.
***
قد لا يبحثُ عني
علماء الآثارْ..
لكن.. لو حفروا
في أعماق الأرضِ
فلن يجدوا إلا أجدادي
وجدودَ الأجدادْ
وسيكشف معولهم..
تحت تراب الموتْ..
عن صاجٍ لرقاق الخبزِ
وخابيةً للزيتْ..
ستحطُ على أعينهم
أحذيةُ الخيلِ المصقولةِ
في كوخ الحدّادْ.
وسيكشف معولهم
عن طاحونٍ لدقيق الزعترِ
والحمُّصِ والكمّونْ..
وستكشفُ أعينهم
عن كنزٍ مدفونْ..
فيه مسابح من خرزٍ
مصنوعٍ ببذور الزيتون..
وسيكتشف الحفَّارونَ
نُقوشاً صخريّةْ
كتبت بحروفٍ كنعانيةْ..
لن يصل الإنسانُ الحيُّ
إلى جوهر معناهْ
إلا حين يقدّس كل حياةْ..
يحزنني القاتل والمقتولْ..
تفرحني أرضٌ يتنفس فيها
كل الناس هواء الحريةْ..
ثروتها العظمى
أطفالٌ يلهونْ..
يتعايش فيها الحبُّ مع الصبرِ
ولا ينفذ فيها الزعترُ والزيتون.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة