الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 02:01

تحدي لبنان في تفادي عواصف اقليمية/ بقلم: نايلة تويني

كل العرب
نُشر: 16/01/17 08:13,  حُتلن: 08:15

نايلة تويني:

بدأت الحكومة تقر المشاريع الواحد تلو الاخر، وما كان محظوراً بالامس القريب، تم الاتفاق عليه، ويمضي كل في سبيله الى تحقيق ما كان يرجوه في الايام السابقة

رأى المعهد انه يتعين على رئيس الوزراء الجديد، سعد الحريري، اتخاذ تدابير من شأنها "ارضاء داعميه الدوليين وفي الوقت نفسه ادراك التغيرات الديناميكية في مراكز قوى المشرق"

يبدو المشهد اللبناني الداخلي كأنه "سمن على عسل" كما يتكرر في الاقوال العامية، اذ يرى المواطن اللبناني، الذي سئم الصراعات والخلافات وصار يفتش عن متنفس للعيش، ان الامور في البلاد تسير على احسن ما يرام. فقد تم انتخاب رئيس للجمهورية بعد سنتين ونصف سنة من الشغور، وتمت تسمية رئيس للحكومة، وتألفت الحكومة جامعة كل الاطياف والاطراف، وانطلقت التفاهمات وعبارات المديح. وبدأت الحكومة تقر المشاريع الواحد تلو الاخر، وما كان محظوراً بالامس القريب، تم الاتفاق عليه، ويمضي كل في سبيله الى تحقيق ما كان يرجوه في الايام السابقة.

تبدو الاهداف والتطلعات مشتركة، وأغلب الظن ان الملف النفطي يقرب وجهات النظر، ويفتح الشهيات على توافقات وابواب رزق جديدة. وحدها سلامة المواطن لا تدخل في باب الاولويات. وما نشاهده من فصول حكايات في النفايات وامن الطيران والتلوث وغيرها خير دليل على هذه اللامبالاة.

في الجانب الآخر، ما هو ايضا مهم، ويتجسد في اصلاح ذات البين ما بين لبنان والعالم، ومصالحته مع محيطه العربي. ولا يكفي النظر الى الامور من الداخل في قراءة محض لبنانية، بل من الضروري متابعة نتائج الزيارات الخارجية بعين العالم، ومتابعة تحليلات العرب وتبدل خطابهم الاعلامي تجاه لبنان، ومتابعة مراكز الابحاث العالمية في نظرتها الى لبنان وفي تصنيفه امنيا واقتصاديا واجتماعيا. ولعل هذا هو التحدي الاكبر للعهد، واكثر لحكومته برئاسة الرئيس سعد الحريري الذي يراهن على الخارج، كما فعل والده الرئيس رفيق الحريري بأن كسب ثقة العالم، ووضع تلك الثقة في خدمة الداخل.
بالامس، اعتبر معهد ابحاث السياسة الخارجية الاميركية ان الحكومة الجديدة في لبنان بعد تشكيلها "ستواجه مسارا شاقا في التوصل الى اجماع من شأنه اعادة الثقة واخراج لبنان من حالة الشلل السياسي وتفعيل الاصلاحات التي تحتاج إليها البلاد بدءا بتعديل قوانين الانتخابات وتهيئة الانتخابات البرلمانية المقررة في حزيران المقبل". وكان المعهد اشد تشاؤما في مستقبل علاقات لبنان الدولية وما ينتظر "الرئيس الجديد من مهمة التوفيق بين حزب الله وسياسة النأي بالنفس الرسمية في ما يخص الصراع الايراني – السعودي". ورأى المعهد انه يتعين على رئيس الوزراء الجديد، سعد الحريري، اتخاذ تدابير من شأنها "ارضاء داعميه الدوليين وفي الوقت نفسه ادراك التغيرات الديناميكية في مراكز قوى المشرق". ومضى مستنتجا ان "اعادة ترتيب الاوراق السياسية في لبنان تعكس تغيرات موازين القوى الداخلية والاقليمية. والتحدي الاكبر يكمن في قدرته على تفادي هبوب العاصفة الاقليمية".

وعند هاتين النقطتين الاخيرتين تكمن القضية الاساسية التي تحكم الحركة السياسية القائمة والمستقبلية. فهل الترتيب القائم في لبنان حالياً يعكس يُشكل جيد موازين القوى، فتتم المحافظة عليه بلا خوف من الانقضاض عليه كما حصل سابقاً عندما اسقطت حكومة الحريري؟ وهل موازين القوى الاقليمية، اذا ما تحركت ستنعكس سلبا على لبنان؟ اسئلة كثيرة من الضروري للعهد الجديد التفكير فيها، فلا تضيع الجهود في نفط لا يزال سمكاً في البحر، ويمكن ان يذهب هباء اذا لم يتم تحصينه بالسياسة المتوازنة التي تراعي مصالح لبنان في الخارج وتحمي الداخل.

نقلا عن جريدة النهار

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net


مقالات متعلقة