الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 18 / أبريل 14:02

الرئيس الامريكي الجديد والمصالح الامريكية في المنطقة/ بقلم: عقل أبو قرع

كل العرب
نُشر: 08/01/17 12:34,  حُتلن: 12:35

عقل أبو قرع في مقاله:

الحفاظ على الحليف الاستراتيجي الذي يحمي هذه المصالح هو أمر لا يمكن الحياد عنه، وهذا الحليف الذي كان وما زال وسوف يبقى وبغض النظر عمن يجلس في البيت الابيض هو اسرائيل

مع انتظار بدء ادارة أمريكية جديدة العمل في البيت الابيض خلال الاسابيع القادمة، فإن علينا نحن الفلسطينيون الا ننساب سريعا وعاطفيا سواء اكان ذلك بالسلب أو بالايجاب مع التصريحات أو مع التنبؤات بما سوف يحدث في عهد ترامب

بعد حوالي عشرة ايام، يؤدي الرئيس الامريكي المنتخب "دونالد ترامب" اليمين الدستورية لكي يصبح الرئيس الامريكي الجديد ولمدة اربع سنوات قادمة، ومع انتظار الخطوات العملية للرئيس الجديد في خضم التصريحات والوعود الكثيرة التي اطلقها خلال حملته الانتخابية وبعد انتخابه، ما زالت هذه الوعود تثير القلق والارباك والتساؤلات والتنبؤات حول السياسة الجديدة المتوقع اتباعها، سواء اكانت على الصعيد الدولي أو في منطقة الشرق الاوسط، وبالتالي التأثير على القضية الفلسطينية أو على عملية السلام أو باتجاه خيار حل الدولتين أو الدولة الواحدة، أو فيما يتعلق بالتوسع الاستيطاني والبناء في القدس وقرارات مجلس الامن الدولي وما الى ذلك من أمور ارتبطت بها السياسة الامريكية في الشرق الاوسط، الحالية والسابقة.

وفي ظل ذلك، من المفترض أن لا ننسى أن السياسة الامريكية في منطقتنا تحددها المصالح الامريكية فقط، وبالاخص المصالح الاستراتيجية أو المصالح بعيدة المدى، وبالتالي فأن الحفاظ على العلاقة مع من يعمل على حماية هذه المصالح أو الحرص عليها، كانت وما زالت وسوف تبقى الاولوية التي تحدد مسار السياسة الامريكية في المنطقه وفي العالم، بغض النظر عن وصول ترامب أو وصول قبله أوباما الى سدة الحكم في البيت الابيض، ومن المعروف كذلك أن القرارات في الادارة الامريكية، وبالاخص القرارات الاستراتيجية هي محكومة بتوازن القوى بين المؤسسات الامريكية المختلفة، اي البيت الابيض والكونغرس ومنظومة القضاء، وبالتالي من غير المتوقع حدوث تغيير جذري أو تغيير استراتيجي سريع في السياسة الامريكية نحونا أو في العالم، وأن حدث فأن هذا التغيير قد يكون تكتيكيا أو لتصليح مسار أو توضيح موقف.

وبما أن المصالح الاستراتيجية أو بعيدة المدى الامريكية هي التي تحدد بوصلة السياسة الامريكية في منطقتنا، فأن الحفاظ على الحليف الاستراتيجي الذي يحمي هذه المصالح هو أمر لا يمكن الحياد عنه، وهذا الحليف الذي كان وما زال وسوف يبقى وبغض النظر عمن يجلس في البيت الابيض هو اسرائيل، أو الحليف الاسرائيلي الذي تأتمنه الادارة الامريكية من أجل حماية مصالحها وبأقل التكاليف، وبالاخص في ظل هذه الاوضاع المضطربة والمتلاطمة من سوريا الى العراق واليمن وليبيا ومصر، وصولا الينا أي نحن الفلسطينيون.

وبالتالي فإن الادارة الامريكية الحالية، أسوة بغيرها من الادارات السابقة وحتى اللاحقة، لقادرة، او حتى لديها الرغبة، في القيام بأحداث تغيير جذري، في ظل التحالفات والعلاقات والمصالح الاستراتيجية، التي تربط بين الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل، وفي ظل تعقيدات النظام السياسي الامريكي، وتوازناته وتشاحناته المختلفة، والاهم في ظل التأثير الكبير، والضغوط والحاجة الى اللوبي اليهودي والى الصوت اليهودي والى المال اليهودي والاعلام اليهودي.

والعلاقة الاستراتيجية الامريكية مع اسرائيل تقوم بالاساس على حماية المصالح الامريكية في المنطقة، وبالتالي الحاجة المستدامة، او الراسخة الى وجود حليف يمكن الاعتماد علية او الوثوق بة، او التشارك معة في القيام بذلك، والذي من الواضح، انة في الوقت الحاضر وفي المستقبل المنظور، لا يوجد بديل للحليف الاسرائيلي، وخاصة في ظل الاحداث المتسارعة في المنطقة، وفي ظل تبدل التحالفات وبروز المحاور، وفي ظل تغير الاولويات، والأهم في ظل الضعف والوهن والانقسام والتشرذم، الذي يعصف بالطرف العربي، والذي لا يمكن الاعتماد عليه أو حتى الوثوق به، في القيام بالدور الذي قام ويقوم به الطرف الاسرائيلي، في حماية المصالح الاستراتيجية الامريكية، والتي وفي نقاط عدة تتداخل مع المصالح الاسرائيلية في المنطقة.

اما التناقض الظاهري او السطحي في بعض الاحيان بين الموقفين الامريكي والاسرائيلي، وبالتحديد فيما يتعلق بالنظرة الى عملية السلام، والى حل " الدولتين"، فلا يعدو كونة خلافا في الكيفية او في التفسير للحفاظ على مصالح او استقرار او امان الطرف الاسرائيلي، لانه اصبح من الواضح، ان "حل الدولتين"، وبغض النظر عن التعريف للدولتين، هو الامثل من وجهة النظر الامريكية للحفاظ على مصالح حليفة، في ظل بدائل اخرى، ربما تكون اسوأ، سواء من خلال حل الدولة الواحدة، او من خلال مواصلة الاحتلال، وبالتالي تعميق سياسة الفصل العنصري، او اية خيارات اخرى غير عملية.

وبالتالي فإن الحديث عن التغيير في السياسة الامريكية في المنطقة ونحونا، سواء أكان بالايجاب أو بالسلب، هو غير متوقع بالشكل الاستراتيجي الذي يمكن ان يتوقعه البعض، وان ما يتم الحديث عنة أو التنبؤ به، لا يعدو شكليا او ظاهريا، اوان الجانب الاسرائيلي يعي ذلك، ويعرف أنّ الامريكيين في الوقت الحاضر وفي المستقبل المنظور، لا يمكنهم الاعتماد او الوثوق بحليف اكثر أو أعمق أو أصدق من الحليف الاستراتيجي الاسرائيلي، وأن حزمة المساعدات الاقتصادية الأمريكية لإسرائيل، التي لم يسبق لها مثيل، والتي تم توقيعها في عهد الادارة الحالية لأوباما، لهي شاهد على ذلك.

ومع انتظار بدء ادارة أمريكية جديدة العمل في البيت الابيض خلال الاسابيع القادمة، فإن علينا نحن الفلسطينيون الا ننساب سريعا وعاطفيا سواء اكان ذلك بالسلب أو بالايجاب مع التصريحات أو مع التنبؤات بما سوف يحدث في عهد ترامب وحكم الحزب الجمهوري سواء في البيت الابيض أو في ظل الاغلبية في الكونغرس، وان لا نغير نظرتنا او مواقفنا وبالاخص نحو التوجه الدولي الانساني، ونحن نعلم أن هناك مصالح او علاقات استراتيجية لا تتغير بتغير الاشخاص او المسؤولين، ونحن تعلمنا من التاريخ ان ذلك لم ولن يحدث، وبالاخص اننا نعرف ومن التجارب السابقة أنه وفي ظل عدم تغير المصالح الاستراتيجية، فإنه لن يكون هناك فرق جوهري يذكر بين الادارة الامريكية الحالية وتلك القادمة بعد اسبوعين، مثلما لم يكن هناك فرق جوهري كما توقعنا قبل حوالي ثمان سنوات بين الادارة الحالية والادارات السابقة.


نقلا عن معًا

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة