الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 23 / أبريل 12:02

كيف نحمي أفكارَنا من السرقة؟/بقلم: جميلة شحادة

كل العرب
نُشر: 02/01/17 20:40,  حُتلن: 17:30

جميلة شحادة في مقالها:

يقوم الإنسانُ باستعمالِ وسائلَ ومعداتٍ أخرى تكنولوجية، تتماهى والعصرِ الذي يعيشُ فيه لحفظِ ممتلكاته

في حال تمّ التحايل على كل هذه الطرق والوسائل وحدثت سرقة لبعض ممتلكاته فأمامه عندئذٍ الشرطة ومسار شاق طويل يمشيه بين أروقة المدافعين عن القانون ومطّبقيهِ

هذه الظاهرة لم تعدْ مُقتصرةً على منشورات الفيس بوك فحسب بل تعَدتْها الى الإذاعاتِ أيضا فهناك على سبيل المثالِ لا الحصْر، نجد مقدمَ برامجٍ يفتتحُ برنامجَه كلَ مرة بمقتطفاتٍ 


 كيف نحمي أفكارنا من النهب والسرقة أو حتى التزوير؟ بالقانون!! وهل يكفي أن نتبنى: حقوق الطبع محفوظة وبالتالي هناك المساءلة القانونية؟

دأب الإنسانُ كلَ الوقت، على حماية نفسه وحماية ممتلكاته من السرقات. ولهذا، فقد إبتكر وطوّر طرقا عديدةً ومتنوعةً لذلك. فقد قام في الماضي، وما زال، ببناء الأسوار والجدران العالية، ونَصَبَ البواباتِ الفولاذية عند باحاتِ ومداخلَ المنازل، وطبق نظام الحراسة، بواسطة كلاب ورجال حراسة في حالِ كان من الأثرياءِ، أو من حكام البلادِ، واكتفى بالكلاب فقط في حال كان من عامةِ الشعبِ. أما في يومِنا هذا، فبالإضافةِ الى كل ما ذُكر، يقوم الإنسانُ باستعمالِ وسائلَ ومعداتٍ أخرى تكنولوجية، تتماهى والعصرِ الذي يعيشُ فيه لحفظِ ممتلكاته. كأن يودِعُها في مصرف مثلا، أو في خزْنة ذات أرقام سرية وغير ذلك. كما أنه أصبح يَنْصِبُ الكاميراتِ وأجهزةَ الإنذارِ في كل الأركان، سواءٌ أكان ذلك في منزله ومحيطه، أو في شوارع المدينة وأماكنَ عملِه. وحتى أنه لجأ في بعضِ الأحيانِ الى تركيب أجهزةِ تنصُتٍ متطورة عند الضرورة. أما في حال تمّ التحايل على كل هذه الطرق والوسائل وحدثت سرقة لبعض ممتلكاته، فأمامه عندئذٍ الشرطة ومسار شاق، طويل، يمشيه بين أروقة المدافعين عن القانون ومطّبقيهِ، الى أن يعود اليه ما سُلبَ منه، إذا كان ممن اعتبروا بمحظوظين.

وهنا يتبادر للذهن سؤال لا أعتبره ساذجا على الإطلاق، وهو: إذا استطعنا، نحن البشر، أن نوجِدَ مختلف الطرق والوسائل لحماية أملاكنا المادية من السرقة، فهل فكّرْنا في حماية أفكارِنا؟ أو كيف علينا أن نحميها من السرقة في ظل تطور وسائل الإتصال المختلفة، وسهولة الحصول على المعلومة ؟
أفكارُنا هي نحن. فهي مخزون تجاربنا وحصيلة خبراتنا في الحياة، ومنها (من أفكارنا) تتشَكَلُ ،برأيي، إنفعالاتنا، وبالتالي تأتي سلوكياتنا وِفقَ هذه الإنفعالات. إذن، هي نحن، ولا يهمني هنا نوع هذه الأفكار، سلبية أم ايجابية، هدامة أم بناءة، ساذجة أم مؤثرة، منغلقة أم منفتحة، متطرفة أم مرنة وغيرها، وإنما ما يهمني أنها نحن. فكيف يُعطي الآخرون أنفسَهم الحق بأن يستبيحوا أفكارنا؟ وكيف نسمح نحن لهم بذلك؟

أخجل في حالات كثيرة عندما أقرأ لأصدقاء قد كتبوا في صفحاتهم على شبكة التواصل الإجتماعي – الفيس بوك - قولا أو شعرا أو فكرة دون أن يذيلوها بأسماء أصحابها، ولسوء حظهم، أنني في معظم الحالات أعرف أصحابَها الحقيقيين، فأضطر لأنْ أسألَ هؤلاء الأصدقاء عن مصدر ما نشروا في تعليق لي، وبطريقة تحفظ لهم ماء الوجه. فالنزاهة، تقتضي منا ذكر اسم المصدر، وإنْ لم يُعرَفْ، فليذيلوا ما نشروا بكلمة "منقول". ولكني في الوقت ذاته أغضب من أولئك الأكاديميين حين يقعون في الخطأ ذاته، وهنا، يكون الذنب أكبر ولا يجب أن يُغتفر.

كما أن هذه الظاهرة لم تعدْ مُقتصرةً على منشورات الفيس بوك فحسب، بل تعَدتْها الى الإذاعاتِ أيضا. فهناك على سبيل المثالِ لا الحصْر، نجد مقدمَ برامجٍ يفتتحُ برنامجَه كلَ مرة بمقتطفاتٍ ، من افتتاحيةٍ لإحدى الصحف، دون الإشارةِ الى اسم الصحيفة. أنا واثقة كل الثقة، أن هذا المذيع أو مُعّد افتتاحية برنامجِهِ، ليس بساذجٍ حتى يقومَ بفعلتهِ هذه دون السماح له من كاتب/ة افتتاحية الصحيفة لأن يقوم بذلك، كما أنه لا مانعَ بأن يقتبس المذيع أو غيره مقتطفاتٍ من صحيفة ما أو كتاب ما وغير ذلك من المصادر، وإنما العيب بل والمانع، هو عدم الإشارة الى مصادر اقتباساته. لأنه مرةً أخرى أعود لأقول بأن النزاهة تقتضي ذكر المصدر، حتى لا يظن المستمع في هذه الحالة، الى أن ما سمعه هو نتاج ثقافة وفكر المذيع الذي يستمع اليه، لا سيما، أنه ليس جميع المستمعين بذات الثقافة والمعرفة ليتبينوا أن ما سمعوه هو قراءة لمادة موجودة في مكان آخر.

لقد جئتكم بمثالين فقط، على نسب فئات معينة أقوالا، هي في الحقيقة أفكارا، لأنني أوضحت سابقا، أن افعالنا أو سلوكنا وكذلك إنفعالاتنا، هي بالأساس ناتجة عن أفكارنا، لأنفسهم وهي ليست لهم. لكن الأمثلة في هذا الموضوع كثيرة، ومن مجالات متعددة مثل مجال الفن، التربية والتعليم وغيرهما.
إذن كيف نحمي أفكارنا من النهب والسرقة أو حتى التزوير؟ بالقانون!! وهل يكفي أن نتبنى: حقوق الطبع محفوظة وبالتالي هناك المساءلة القانونية؟ أم أن هناك أمر آخر متعلقُ بالتربية وحسن الأخلاق والتصرف؟

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

 

مقالات متعلقة