الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 06:01

بيطان في جوقة العنصريين/ بقلم: د.جوني منصور

كل العرب
نُشر: 12/12/16 11:29,  حُتلن: 12:25

د.جوني منصور:

 ما يقلقنا في هذه التعبيرات انها صادرة عن مسؤول سياسي، يمثل الحكومة في ائتلافها، وإن كان يمينيا

القول العنصري للعنصري بيطان هو تتمة لقول نتنياهو بالتمام والكمال. ومن الواضح لنا ان نتنياهو لم يطلب من بيطان التصريح بهذه العبارة

لسنا في معرض تخفيف ما قاله بيطان، ولا في موقف تبييض كلامه، فهو هو لا يتغير في موقفه ولا في تفكيره أسوة بكثيرين من المغردين العنصريين في إسرائيل

ليس انضمام دافيد بيطان(والأصح "بيطون"، لأنه بهذا الاسم هاجر من بلده الأصلي المغرب، وحرّفه ليتزلف للدولة الاشكنازية – إسرائيل ورؤسائها)، إضافة ذات قيمة نوعية لمشهد تشكيل جوقة العنصرية في إسرائيل. فهو ذي الخلفية الشرقية – السفارادية يندرج تحت مسمى المتزلف والساعي إلى إرضاء سيده "نتنياهو".

إن التصريح الذي صدر عن بيطان الذي يشغل منصب رئيس الائتلاف الحكومي لحكومة بنيامين نتنياهو في نهاية الأسبوع الفائت بـ "أنه من الأفضل ألا يتوجه العرب إلى صناديق الاقتراع"، هو عبارة عن تصريح عنصري بامتياز. ولنتذكر ما قاله نتنياهو عشية الانتخابات البرلمانية الأخيرة في إسرائيل للكنيست في العام 2015 بأن "العرب يهرولون بآلافهم إلى صناديق الاقتراع مستخدمين الباصات"، ما حرك الشارع الاسرائيلي إلى تكثيف مشاركته في الاقتراع، وبالتالي الى تحقيق فوز ساحق لحزب الليكود وسائر الأحزاب اليمينية.

القول العنصري للعنصري بيطان هو تتمة لقول نتنياهو بالتمام والكمال. ومن الواضح لنا ان نتنياهو لم يطلب من بيطان التصريح بهذه العبارة. هو، أي بيتان، فهم وادرك انه بقوله هذا يتقرب من نتنياهو ويعزز موقعه في حزب الليكود موجها انظاره الى تولي حقيبة وزارية في الحكومة القادمة، وأيضا ليعزز من حضوره الإعلامي في إسرائيل. إذ أن أي شخصية سياسية إسرائيلية يمينية لا يمكنها ان تنال بطاقة دخول إلى نادي اليمين المتطرف وإلى المعترك السياسي إلا إذا أظهرت (الشخصية) موقفها العنصري من العرب. بمعنى آخر أنه لم يعد هناك أي مبرر لكل من يريد الانضمام إلى النشاط السياسي والحزبي اليميني إلا بتصريح مماثل. وكأن العرب هم بطاقة دخولهم إلى السياسة.

ليس الأمر متوقفا عند هذه النقطة، الشكلية، بالرغم من كونها جوهرية ذات رسائل نفهمها جيدا بأنها انحراف وانزياح المجتمع الاسرائيلي باتجاه اليمين المتطرف ورايته العنصرية. وأيضا فقدان إسرائيل لأسس الديموقراطية التي تتبجح بها. لنلاحظ كيف يعمل نتنياهو في سبيل السيطرة الكاملة على مؤسسات الدولة؟ ولننتبه إلى سطوته ونفوذه الآخذ بالزيادة يوما بعد يوم على مستويات تنفيذية داخل الوزارات المختلفة، وصولا إلى أصغر الموظفين لتكون الجوقة متناغمة بالتمام. هذا هو اتجاه السياسة الفاشية التي يتبناها نتنياهو وزمرته.
ليس غريبا أن ينضم بيطان إلى هذه الجوقة، وليس متأخرا أبدا، حيث أن جوقة العنصريين بحاجة دائمة ومستمرة إلى دماء جديدة لتبعث الحياة والروح فيها.

ومن هو بيطان هذا؟ إنه من مواليد المغرب، لعائلة "بيطون" اليهودية المغربية. عاشت عائلته أسوة بباقي العائلات اليهودية في المغرب مكرمة معززة ومحترمة من قبل الحكم والشعب. وهاجر وهو ابن خمس سنوات مع عائلته الى إسرائيل لتنضم العائلة إلى مجموعة المستعمرين المستوطنين على أراضي العرب الفلسطينيين. درس بيطان الحقوق وفتح له مكتبا في ريشون لتسيون. وانتخب عضوا في مجلسها البلدي. وتولى في البلدية وظيفة مهمة في لجنة البناء والتخطيط في مديرية الهندسة. وعمل على تسهيل معاملات عشرات المقاولين والالتفاف على أنظمة بلدية وقانونية تخص التخطيط. وتولى رئاسة فريق كرة قدم في مدينته هذه، وتورط الفريق بملايين الشواقل ديونا عليه.. وقام بتوظيف عشرات من المقربين له في وظائف بلدية وغيرها دون الحاجة إليهم بالمرة. وانضم لحزب الليكود وتدرج في صفوفه حتى انتخب عضوا في الكنيست في قائمة هذا الحزب.

معروف عنه بتورطه بقضايا مالية كثيرة يشتم منها رائحة فساد واختلاس. وهذا ليس ببعيد عن مكونات شخصيته السياسية المتميزة بالتزلف والتقرب من نتنياهو لغايات سياسية وشخصية مستقبلية يبني عليها برنامجه السياسي.
وبالنسبة للأقوال العنصرية التي تفوّه بها مؤخرًا، فإنها تشكل توجها شخصيا ليدخل في جوقة العنصريين التي يقودها اليمين، ناسيا اصوله العربية المغربية السفارادية، وجاهلا سياسات حكومات إسرائيل للحط المستمر من حضور السفاراديين وخصوصا المغاربة في المشهد السياسي المركزي في الدولة. حتى هذا العنصري لا يعرف ان رؤسائه عنصريين تجاهه.

لكن ما يقلقنا في هذه التعبيرات انها صادرة عن مسؤول سياسي، يمثل الحكومة في ائتلافها، وإن كان يمينيا. بالإضافة إلى أنه لا يتصرف كمسؤول سياسي يمثل الدولة من خلال الحكومة. وهذا ما يميز رجالات السياسة في إسرائيل، انهم عندما يتبوؤن منصبا رسميا يبقون في خانة السياسي المنحاز إلى حزبه وآرائه. لا يعني ذلك أن يتنازل عن آرائه الخاصة به وبحزبه، لكن أن يتعامل مع المواطنين وفقا لأسس المساواة وما يتطلبه القانون في الدولة.
لسنا في معرض تخفيف ما قاله بيطان، ولا في موقف تبييض كلامه، فهو هو لا يتغير في موقفه ولا في تفكيره أسوة بكثيرين من المغردين العنصريين في إسرائيل. لكن حذار ثم حذار من السكوت على مثل هذه التصريحات. يجب الرد عليها إعلاميا وسياسيا وقضائيا إن تطلب الأمر ذلك. وبناء عليه اقترح تشكيل وحدة قانونية عربية تتابع الشخصيات السياسية والرسمية في إسرائيل والتي تتفوه بعبارات واقوال عنصرية وتقديمها للقضاء... هذه أداة ردع قد تساعد في الحد من ظاهرة تفشي وانتشار العنصرية والعنصريين.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة