الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 10:02

تتفتح أزهار اللوز/ بقلم: يوسف حمدان

كل العرب
نُشر: 02/12/16 21:59,  حُتلن: 07:51

 تتفتح أزهار اللوز
سافرتُ بعيداً..
وابتعدتْ عني أزهار الروضْ..
أحسست بأني سمكٌ
أُخرِج من ماء الحوض..
ما زالتْ تسكن في أعماقي
تلك الأرض..
ما زلتُ أرى السروةَ باسقةً..
والتوتة وارفةً
خارج صحن الدارْ..
أستنشق من أزهار الفتنةِ
أزكى أرَج الأزهارْ..
أحيانا ألعب مع أقراني
في الحاراتْ..
أحياناً تتنفس في صدري
أزهار الكمثرى في البياراتْ
ما زالت تتفتح أزهار اللوزْ..
وأرى كيف يصيرُ
الأخضرُ ظلاً بُنيَّا
حين يجفُّ القمحُ
وتنشف أوراق الموزْ..
فنلف بها سمكاً
وفراخ دجاجْ..
ونعدُّ الجمرَ لنشوي
أشهى الأكلاتْ..
نطهي الشايَ
ونعقد سهرات البهجةِ
حين يعود الحجاجْ.
***
سحرتني حين تدلت
في عين الماء جدائلُها..
كانت في الصبح شروقاً
كانت في الليل ثُريا..
أعطتني أوقاتا غاليةً
وكنوزَ وفاءْ..
في عينيها نبع حنانٍ
في كفيها نهر سخاءْ..
ملأت كل ثنايا نفسي
عطف الأمِّ
وحباً أخويّا..
وعدتني أن تبقى
خلَّا أبديَّا..
ثم ابتعدت ودنت..
وابتعدت تدريجيّا
حتى جفت أوراق الموزْ..
دوماً ترجع من رحلتها
أوراق الأشجارْ
ويظلّ الحبُّ صبيّا..
ما زالت تتفتحُ
أزهار اللوزْ..
هل يأفل نجمُ الحبِ
إذا كان العاشق بدويّا؟
في أرياف الغربةِ
حين أرى تفاحاً في البريّهْ
يستيقظ في حلمي
وجه امرأةٍ شاميّهْ..
هجرتني أزهار الروضْ..
ما زالت تسكن
في لب جناني
تلك الأرضْ..
***
نحَّتني عنها
فذهبتُ بعيدا وطويلا..
صارت.. في الغربة.. أرضاً
وسماءْ.
أشتمُّ شذاها حين أرى فُلَّا
وأراها في النجمِ
الساهرِ في العلياءْ.
وأراها كاليوم المشمسِ
في فصل شتاءْ..
تبتلُّ جفوني
حين أرى صباراً في الصحراء.
يشتد حنيني حين أرى مُنتَظِراً
وهو يعانق عائدةً في الميناءْ..
تُربتُها تعرفني من وقع خُطايَ
وتحفظ خارطة الجيناتْ.
تعرف طعم دمي والعرقَ
المتصبب في الحقلِ
وفي الساحاتْ..
تعرفني.. تعرف أهلي
إن كانوا أحياءً
أو أمواتْ..
أهواها..
سأظل أحب ثراها
مهما قَسَت الأيامُ
ومهما امتدت
أرتال النكباتْ..
***
هجرتني أزهار الروضْ
سافرتُ بعيدا..
ظلت تلك الأرضْ..
تعشق فلاحاً لحم يديهِ
استمرارٌ لتراب الأرض..
وله وجهٌ
يشبه وجه الأرض..
يتصببُ من جبهتهِ
ملحُ الأرضْ..
أنّى أخذتني الأسفارُ
ومهما اختطفتني الأنوارُ
سأعشق تلك الأرضْ.

 نيويورك

 موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة