الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 18:02

يوم الجليل..ويوم بئر السبع/ بقلم: د. جوني منصور

كل العرب
نُشر: 01/12/16 15:45,  حُتلن: 11:22

د. جوني منصور في مقاله:

العرب لم يكونوا حاضرين في لقاء "يوم الجليل" ولو بممثل عن سلطة محلية والحديث الذي دار هناك مع طرح المشاريع التطويرية لم يتطرق بالمرة إلى أبناء الجليل العرب

هناك تهميش السكان العرب من مشاريع حكومية أو خصوصية تعمل على تطوير البنى التحتية في القرى والبلدات العربية

ن أي مشروع لا يأخذ بعين الاعتبار البلدات العربية سيصب في خانة التمييز العنصري وسيزيد ويعمق من الفجوة الاجتماعية – الاقتصادية

في اليوم ذاته الذي انعقد فيه "يوم الجليل"، قامت شركة باصات بئر السبع بتوقيف تشغيل الحاكي الصوتي بالعربية في سيارات النقل العام (الباصات) في المدينة، لأن عددا من المسافرين اليهود ينزعجون من العربية

عملية رفض سماع صوت بالعربية ينسجم مع سياسات حكومة إسرائيل التي تسعى إلى تهميش اللغة العربية واقصائها عن الحيز العام، ليبقى حضور العبرية هو الأقوى والمهيمن

طالعتنا وسائل الاعلام العبرية هذا الأسبوع ،على وجه الخصوص، بخبر مفاده أن رؤساء سلطات محلية في الجليل ومسؤولي مؤسسات وهيئات عامة قد التقوا في اجتماع خاص اطلقوا عليه "يوم الجليل". وملخص ما ورد في بيانات وتصريحات الحضور أنهم يطالبون حكومتهم تخصيص ميزانيات لتطوير الجليل، وفتح آفاق جديدة في العمل والتعليم والاستثمار في هذه المنطقة الهامة. وتزامن انعقاد هذا اللقاء مع استعدادات الحكومة في إسرائيل لمناقشة ميزانية الدولة للعامين القادمين 2017 و 2018. بمعنى آخر تشكيل لوبي ضاغط على صناع القرار ومتخذيه في دوائر الحكومة وأروقتها السياسية والإدارية.

وطرح الحضور عدة أفكار لكيفية تطوير مشاريع الزراعة والسياحة والتعليم والعمران والمواصلات وتحسين ظروف المعيشة وتوفير أماكن عمل لآلاف من المواطنين منعا لهجرتهم الداخلية إلى منطقة المركز أي تل ابيب وضواحيها... وصرح هؤلاء انهم يعانون من ضيق مساحات الأراضي المخصصة لكل بلدة ومستوطنة في الجليل، ويطالبون بزيادة مساحة مسطحات البناء الفردي(البناء الخاص)، ومساحات الاستثمار فيها... لكن ما لفت نظري وانا اتابع تقريرا اخباريا على إحدى قنوات التلفاز حول هذا الموضوع، وتقارير مراسلي عدد من المواقع الاليكترونية والصحف الورقية أن العرب لم يكونوا حاضرين في هذا اللقاء ولو بممثل عن سلطة محلية... والحديث الذي دار هناك مع طرح المشاريع التطويرية لم يتطرق بالمرة إلى أبناء الجليل العرب. والبيانات التي صدرت عن اللقاء لم تحتوي على أي إشارة بوجود عرب في هذه المنطقة.

ما امكنني فهمه هو التالي:
1. تجاهل شبه كلي إن لم يكن كلي من قبل منظمي اللقاء لدعوة مسؤولين وشخصيات عربية لحضور هذا اللقاء وأخذ حصة فيه.
2. إقصاء شبه تام للعرب في منطقة الجليل من كل ما يمكن ان نسميه اتخاذ قرارات وتطبيقها.
3. تهميش السكان العرب من مشاريع حكومية أو خصوصية تعمل على تطوير البنى التحتية في القرى والبلدات العربية.
4. سعي رؤساء السلطات اليهودية إلى توسيع مسطحات بلداتهم، في حين ان البلدات العربية تعاني من ازمة بناء خانقة لدرجة الانفجار بعد ان اجتازت مستوى الغليان.
5. تبنى المجتمعون سياسات حكوماتهم المتعاقبة بأن العرب غير مهمين بالنسبة لمشهد الحياة اليومي، وكل ما يمكن ان يحصلوا عليه هو فتات بفتات.
ولكن، إزاء ذلك، علينا ان نقوم بالرد على مثل هذا اللقاء بعقد لقاء مماثل ومطالبة الحكومة ودوائرها بتطوير الجليل من بلدات وصناعات وأماكن عمل ورزق... ويمكنني فهم محاولة كهذه كالتالي:
1. إعلام من اجتمع في اللقاء المذكور ان العرب يشكلون حوالي 53% من مجمل سكان لجليل. ويجب اخذهم بالحسبان في كل مشروع او خطة تطويرية في الحاضر او مستقبلاً.
2. إن القوى العاملة، وخصوصا المهنية في قطاعات البناء والتطوير والمواصلات والبنى التحتية هي من الشباب العربي في الجليل.
3. إن أي مشروع لا يأخذ بعين الاعتبار البلدات العربية سيصب في خانة التمييز العنصري وسيزيد ويعمق من الفجوة الاجتماعية – الاقتصادية.
4. إن استمرار الحكومة ورؤساء البلدات اليهودية في الجليل تغاضيهم وتجاهلهم للوجود العربي في الجليل سيعمق من الفصل العنصري والعرقي بين اليهود والعرب، ما يعزز قوة اليمين في إسرائيل ويحول دون سير إسرائيل نحو طريق التسوية الحقيقية مع الشعب الفلسطيني، إن أراد هذا الشعب وهذه الحكومة السير في هذا الطريق.
5. لا يمكن ان تبقى منطقة الجليل في حالة هامشية عما يجري في البلاد. لهذا يتوجب على رؤساء السلطات المحلية والبلديات ولجنة المتابعة واللجنة القطرية عموما تشكيل لوبي واسع ومنقطع النظير لمواجهة مخططات مستقبلية سيتم تنفيذها في مسلسل تهويد الجليل بدلا من تطوير الجليل.

وفي اليوم ذاته الذي انعقد فيه "يوم الجليل"، قامت شركة باصات بئر السبع بتوقيف تشغيل الحاكي الصوتي بالعربية في سيارات النقل العام (الباصات) في المدينة، لأن عددا من المسافرين اليهود ينزعجون من العربية، وبعضهم الآخر يرفض سماع العربية. وطلع علينا غيرهم قائلين إنّ في المدينة متحدثين بالروسية والامهرية... !! فاستجابت البلدية بشخص رئيسها وأيضا شركة النقل لمطلب هذه المجموعة وقامت بما قامت به.

إن عملية رفض سماع صوت بالعربية ينسجم مع سياسات حكومة إسرائيل التي تسعى إلى تهميش اللغة العربية واقصائها عن الحيز العام، ليبقى حضور العبرية هو الأقوى والمهيمن. وهذا يندرج ضمن سياسات التهميش والاقصاء والالغاء التي تتبعها الحكومة الحالية. فكان "يوم بئر السبع" قاس وصعب، لأن بئر السبع عربية الأصل والمنبت والجذور. وتعتبر من المدن العربية القديمة. وبدورنا نحث كل أهلنا في بئر السبع على المطالبة بقوة بإعادة عمل الحاكي الصوتي بالعربية، وأن يتكلم أهلنا وابنائهم بالعربية في سيارات النقل العام وفي الأماكن العامة... وألا يخجل احدهم من التحدث بالعربية، فهذه لغتنا وهويتنا وحضارتنا ووجودنا... إنها لغة البلد الأصلي وسكانه الأصليين الذين يحبونها ويحافظون عليها.
والدعوة هنا موجهة إلى أصحاب المحلات التجارية والمؤسسات الرسمية وأصحاب المكاتب الخاصة في كل مكان في الوطن إلى كتابة أسماء وعناوين محلاتهم بالعربية أولا وليعتزوا بها قبل ان يتبنوا أي لغة أخرى. فنحن شعب يحب لغته ولا يرفض وجود أي لغة أخرى. لكن ان نكون شركاء عن قصد او غير قصد بتهميش لغتنا هذا ما لا يقبله منطق التفكير والواقع ولا السياق الحياتي العربي.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة