الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 04:01

على لجنة مكافحة العنف الاستقالة ودعوا العالم السفلي يسيطر على مجتمعنا/ زياد شليوط

كل العرب
نُشر: 07/10/16 14:42,  حُتلن: 11:26

زياد شليوط في مقاله:

لم تعد مدارسنا مصدرا للتربية على الأخلاق والتسامح وفهم الآخر واحترامه، بل باتت أوكارا للعنف والفساد والانفلات وقلة الحياء

لم تعد بيوتنا الملجأ الآمن والحضن الدافيء والموجه العادل، وبات الأهالي حائرون عاجزون أمام انطلاق أبنائهم نحو الحياة بسعرات مزيدة وسرعة متهورة

 لجنة مكافحة العنف كانت ما تكون وكان رئيسها أو أوعضاؤها من يكونون، عاجزة عن معالجة قضية العنف بل الاجرام والقتل في مجتمعنا

وقف الكثيرون منا عاجزين عن الكلام أمام الجريمة الأخيرة (ليس من المضمون أن تكون الأخيرة قبل نشر هذا المقال)، التي وقعت في قرية الرامة الجليلية مساء يوم الخميس الأخير (6 تشرين الأول) وراح ضحيتها الشابان سعيد سمعان وأنور فارس،  وقبلها جريمة قتل الشاب رئبال أبو جابر من كفرقاسم، والشاب حسين أبو رعد – محاجنة من أم الفحم ( ليلة الجمعة الماضية 29/9 )، ناهيك عن جرائم القتل رميا بالرصاص قبل الأسبوع الأخير.


أمام هذه الجرائم البشعة والعبثية، لم يعد هناك مكان للجنة مكافحة العنف في الوسط العربي المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا. على هذه اللجنة أن تعلن استقالتها وأن تتخلى عن جميع مخططاتها التي شرعت بها. ان لجنة مكافحة العنف كانت ما تكون وكان رئيسها أو أوعضاؤها من يكونون، عاجزة عن معالجة قضية العنف بل الاجرام والقتل في مجتمعنا. ليست اللجنة لوحدها بل كل اللجان والهيئات والمؤسسات من مدنية ومجتمعية وتربوية وغيرها، وكل مجتمعنا، أو الجزء السليم منه، لأن جزءا كبيرا منه بات ملوثا وغارقا في الجريمة، لم يعد قادرا على فعل أي شيء في هذا المضمار.
لم تعد تجد كل الكلمات التي نقرأها ونسمعها في هذه المواقف الصعبة، تلك الكلمات التي فقدت قيمتها وتأثيرها، وباتت مستهلكة والأفضل أن تخمد نهائيا، لأنها كلمات وعبارات تعيسة وتدل على أنه لم يعد هناك بالأمر حيلة.

لم تعد لجان الصلح أو لجان أهل الخير والسلم الأهلي، قادرة على متابعة وملاحقة جرائم القتل المتتابعة والمتتالية يوميا، ولم يعد الشرفاء والخيرون من أبناء مجتمعنا قادرون على معالجة حوادث القتل، لأن الأمور فلتت ولم يعد هناك من يمكنه التعهد بوقف هذا المسلسل الرهيب.
لم تعد مدارسنا مصدرا للتربية على الأخلاق والتسامح وفهم الآخر واحترامه، بل باتت أوكارا للعنف والفساد والانفلات وقلة الحياء. هذا الجيل الذي ننشد صلاحه لم يعد ذاك الجيل الذي يصغي ويستمع لمن هو أكبر منه، ولم يعد يحترم القوانين والأنظمة، فالذي شجع أبناءه على التمادي مع المعلمين، هل يتوقع أن يلجمهم الآن؟
لم تعد مؤسساتنا الدينية حاضنة للقيم الدينية كما جاء بها الأنبياء والرسل الكرام، ولم تعد تعمل على نشر التعاليم الدينية الحقيقية، وان حاولت فانها لم تعد تملك القوة والتأثير والسلطة على أتباعها، ولا يمكنها توجيههم وارشادهم الى ما فيه الخير والحق والجمال، لأنهم باتوا يغردون خارج هذا السرب ويتبعون أصوات التطرف والانعزال.
لم تعد بيوتنا الملجأ الآمن والحضن الدافيء والموجه العادل، وبات الأهالي حائرون عاجزون أمام انطلاق أبنائهم نحو الحياة بسعرات مزيدة وسرعة متهورة.
أما الشرطة فحدث ولا حرج.. هي عاجزة، أو أريد لها أن تكون عاجزة. مقصرة أو رسم لها أن تكون مقصرة. مشلولة أو خطط لها أن تكون مشلولة. في مسألة الجريمة في المجتمع العربي هي ضمير غائب ومفعول مطلق من المسؤولية.
وجهاز القضاء لم يعد بيده الحل والربط، بات رهينة المصالح والقوة والمساومة.
والدولة ترى ما تريد ولا ترى ما يجب أن يرى. الدولة لها حساباتها واعتباراتها والتي لا تلتقي مع حساباتنا واعتباراتنا.
اتركوا كل شيء وتنحوا عن مناصبكم ووظائفكم وتنازلوا عن مهماتكم وواجباتكم. دعوا "العالم السفلي" يخرج الى العلن ويطبق قوانينه ويحكم بأعرافه التي يمارسها سرا. دعوه يكون "العالم العلوي" ويفرض نظامه على مجتمعنا، لربما ينجح في منع الجريمة، ويوقف شلال الدماء، ويجلب لنا الهدوء.
اذا كل مؤسساتنا وهيئاتنا وأجهزتنا فشلت في حماية حياة الانسان، لماذا نحتاج اليها بعد؟! لنعمل وفق مقولة الشاعر "وداوني بالتي كانت هي الداء"، ودعوا أصحاب الشأن والقرار الفعلي هم الذين يسيطرون ويحكمون المجتمع.. جربنا كل الأساليب ولم يبق إلا هذا الأسلوب!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة