الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 18 / أبريل 20:02

قراءة في كتاب نعيم الأشهب/ زياد شليوط

كل العرب
نُشر: 18/09/16 21:23,  حُتلن: 18:05

زياد شليوط في مقاله:

الارهاب التكفيري تتوفر له العوامل الملائمة والأرض الخصبة لينمو وينتشر فيها في منطقة الشرق الأوسط

يشرح لنا الأستاذ عودة الوقائع التي أدت الى اكتساح العراق السريع من قبل داعش، بنظرة تحليلية واقعية مدعومة بالحقائق والمعلومات

يتفق المحلل الاسرائيلي تسفي بارئيل، في مقاله في "هآرتس" يوم الجمعة 2/9/2016 مع المحلل الفلسطيني نعيم الأشهب في النتيجة التي توصل اليها في كتابه الجديد "عولمة الإرهاب وإرهاب العولمة"، حيث يستنتج بارئيل أن تنظيم داعش يعود الى بداياته تنظيما مسلحا في الساحة العراقية – السورية لا يمكنه حسم المعركة وبناء الدولة الاسلامية التي حلم بها ولم يعد له رصيد على الأرض، وذلك بعد الضربات الأخيرة التي وجهت لهذا التنظيم الارهابي الهجين وتراجعاته الميدانية وخسارته لعدد من قياداته، وبالتالي دبت الخلافات بين من تبقى من قياداته التي تعمل على اغتنام ما يمكنها من المكاسب قبل الانهيار الأخير.

وهذا ما خلص اليه أيضا المحلل والكاتب الصحفي الفلسطيني نعيم الأشهب الذي يقول في كتابه المذكور بأن داعش انتقل من مرحلة الانتصارات الخاطفة الى النكسات، وهذا ما نشاهده فعلا على الأرض من خلال التقارير الاخبارية على القنوات الفضائية، مما يدل على ان داعش ليس الا "دمية" اخرى من الدمى التي يصنعها الاستعمار الغربي خدمة لسياسته الاستعمارية في المشرق العربي.
في كتابه يستعرض لنا الكاتب نعيم الأشهب، وبلغة سلسة وأسلوب صحفي مبسط، كيف ولد تنظيم "داعش" وأخواته، وما هي التربة التي ينشأ عليها الارهاب وأساليب عمله ومن يقف وراءه ويموله ويغذيه، وبالتالي حتمية سقوطه أو ضربه بعد الانتهاء من خدماته. ولهذا اعتبر عصام مخول، مدير معهد اميل توما للدراسات في كلمة التقديم أن الكتاب " يتناول الموضوع الأكثر خطورة في عالمنا اليوم." (ص12)

في المقال الأول والذي يحمل الكتاب عنوانه، يشرح لنا الكاتب ظهور الارهاب على مدار التاريخ باشكال ثلاثة: ارهاب فردي، ارهاب مجموعات أو عصابات وارهاب دولة. ويشير الى أن الارهاب المعولم عرف منذ بداية القرن الحالي لأنه نتج عن قرار سياسي أمريكي (ص16) وهو يدعم رأيه بمتابعة سريعة لمسار تطور المجمع العسكري الأمريكي مرورا بالحرب العالمية الثانية فالحرب الباردة وانتهاء بخلق تنظيم القاعدة " بحجة محاربة الوجود السوفييتي في افغانستان وبداية ظاهرة الارهاب المعولم بثوبه الاسلامي، الى أن وصلنا الى بداية القرن الواحد والعشرين وتفجيرات نيويورك في ايلول 2001 " وبهذا تكون هذه التفجيرات قد دشنت بداية عصر الارهاب المعولم، وأمنت المبرر والغطاء للغزوات الامبريالية ولخلق أداة ارهابية تضمن بنشاطاتها المريبة عددا من الأهداف بما في ذلك الغطاء لنشاطات متنوعة للامبريالية على النطاق العالمي". (ص25) ويشرح لنا الكاتب كيف وظفت امريكا هذا الحادث خدمة لأهدافها في السيطرة على العالم بعدما غدت قطبا وحيدا فيه بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، وربط بين تفجيرات نيويورك وما تلاها من هجومات ارهابية في باريس ومواقع اخرى من العالم وكل ذلك خدمة لليمين الفاشي في اوروبا لضرب الوجود الاسلامي المتزايد في اوروبا، وخدمة لمخططات الاستعمار الغربي عامة والامريكي خاصة في السيطرة على موارد ومقدرات بلدان المشرق العربي. وقد سبق لأمريكا ان كان لها تجربة واسعة في بلدان أمريكا اللاتينية في انشاء فرق ارهاب محلية، واليوم تنقل تجربتها هذه الى الشرق الأوسط، لماذا؟
ولا يخفى على المتابع كما يشير الكاتب أسباب نقل تجربة العصابات الارهابية لمنطقتنا، حيث تعتبر المخزون الأكبر للنفط اضافة الى الغاز والمركز الاستراتيجي والتاريخي الذي تتمتع به واهمية المحافظة على اسرائيل. (ص 43-46)

والارهاب التكفيري تتوفر له العوامل الملائمة والأرض الخصبة لينمو وينتشر فيها في منطقة الشرق الأوسط. فهناك الغطاء الايديولوجي من خلال الاسلام السياسي الذي لا يفصل بين الدين والدولة وهناك الحاضنة الاجتماعية المتمثلة في نسبة البطالة العالية والجهل والأمية، وجاءت مأساة المهجرين ليقوم تجار الحرب باستثمارها في تجنيد مئات وآلاف المهاجرين للعصابات التكفيرية الاجرامية.( الصفحات 56-72)
وربما يكون أهم فصول الكتاب الذي جاء تحت عنوان " داعش .. والقاعدة" ص90 حيث بين فيه الكاتب عوامل بروز داعش ونمو قوتها وبعد ذلك أفول نجمها وتقهقرها. حيث رأى أن داعش ما هي الا احدى "تفقيسات" القاعدة، لكنها خرجت عن طوعها لتتبع مموليها. وفي عام 2014 "طفا داعش على السطح، كالمنظمة الارهابية الأقوى التي استقر رهان القوى المعنية عليه." (ص91). ويشرح لنا الأستاذ عودة الوقائع التي أدت الى اكتساح العراق السريع من قبل داعش، بنظرة تحليلية واقعية مدعومة بالحقائق والمعلومات، حيث تم في حزيران 2014 الاستيلاء على أسلحة وعتاد الجيش العراقي في الموصل بشكل مريب ومستهجن، واظهر الدور الأمريكي الفعال في ذلك وفي مساعدة داعش بشكل سافر ومنع المساعدة عن الجيش العراقي. وتم الترويج للتنظيم الجديد ولجرائمه المقصودة لدب الرعب والخوف في نفوس الناس وهذا ما حدث، وشهدنا موجات الهروب من أمام داعش نظرا للصورة الوحشية التي ظهر فيها ومارسها. واستطاع داعش السيطرة على أراض شاسعة في العراق وامتد الى سوريا وسيطر على عشرات حقول النفط وحقول الحبوب، مما أوجد له مصدرا ماليا ضخما عوضه عن حاجته للدول المانعة وبات يتخذ قراراته مستقلا. وبعد التمدد الذي حققه داعش بدأ انحساره مع مطلع عام 2015 بعد طرده من كوباني الكردية في شمال سوريا، وبعدها في التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا وقصف مواقع داعش.
ان اختفاء داعش آجلا أو عاجلا، لا يعني اختفاء الارهاب، لأن الارهاب مستمر طالما عوامل ايجاده متوفرة، لكن شكله يختلف وأدواته من مرحلة لأخرى، ولن يتم القضاء على الارهاب الا بازالة عوامل وجوده وأهمها البطالة والفقر والأمية.

ويخلص الكاتب الى النتيجة الحتمية التني يراها وهي "ان مقاومة شعوب ودول العالم لمساعي المحور الامبريالي احكام هيمنته على العالم، ومنع انطلاق تلك الشعوب والدول على طريق التطور المستقل تتداخل، اليوم، أكثر فأكثر مع مهام الثورة الاجتماعية". (ص 153). وهذا هو الأمان اذا ما استطاعت الشعوب استرداد عافيتها والقيام بدورها في طرد الاستعمار وأعوان الاستعمار من بلادها وأراضيها وعودة السيادة القومية عليها.
• نعيم الأشهب: عولمة الإرهاب وإرهاب العولمة، اصدار معهد اميل توما للدراسات الفلسطينية والاسرائيلية والمركز الفلسطيني لقضايا السلام والديمقراطية، 2016.
 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

 

مقالات متعلقة